| تحقيقات
تحقيق: صالح العقيل
كشفت دراسة حديثة طبقت على عينة عشوائية ل11,100 أسرة سعودية في قرى ومدن وهجر مختلفة في المملكة ان مؤشرات التدخين تزداد لدى النساء في الفئة العمرية ما بين 30 50 سنة حيث تراوحت من 2% إلى 3% وفصلت الدراسة نسب المدخنات في المجتمع السعودي حيث وصلت 0,3% في الفئة العمرية من 15 19 سنة وهي فئة المراهقات، ووصلت النسبة الى 1,1% في الفئة العمرية من 20 29 سنة ولما للتدخين من آثار سلبية تزداد لدى المرأة وتؤثر على جمالها ومستوى أنوثتها، وحيث ان تدخين المرأة السعودية شيء غير طبيعي ومرض يجب علاجه رأت الجزيرة طرح هذا الموضوع للوقوف على الدواعي والاسباب التي ادت إلى تدخين المرأة السعودية من خلال حوارات قصيرة مع بعض المدخنات في محاولة للبحث عن العلاج وبث الوعي لدى بعض الاسر الغافلة عن مراقبة فتياتها أمهات الاجيال القادمة.
انتصرت رغبتي على والدتي
في البداية تحدثت المدخنة (م,ع,) 38 سنة فقالت: بدأت التدخين وكان عمري 21 سنة حيث كنت في أمريكا مع والدي الذي كان يعمل هناك وكانت صديقاتي الامريكيات يمارسن التدخين فدخنت معهن حيث كان والدي يدخن وواجهت مشكلة مع والدتي ولكن عادة التدخين عندي انتصرت على مشكلة والدتي التي تقبلت الامر بعد احترامي لوجودها حيث لا أدخن امامها فقط ادخن في غرفتي وبعد زواجي رحب زوجي بهذه العادة واعتبرها عادية واعتبرني حرة في سلوكي وأضافت: انني لا أحب ان يدخن أولادي ولا بناتي وسوف أكون قريبة منهم في كل وقت ولن أمنحهم الاستقلالية في تصرفاتهم وأكدت بأنها تعاني من بعض المشاكل خاصة في التغذية مثل فقدان الشهية وعدم الاستفادة من العناصر الغذائية.
وتحدثت المدخنة (ف,ج,) 40 سنة حيث تقول: بدأت التدخين وكان عمري 20 سنة حيث كان مجتمعي العائلي كله يدخن اخوتي ووالدي ووالدتي التي توفيت بسبب التدخين وحاولت كثيراً ان أترك هذه العادة السيئة ولكن للاسف اعتقادي بأنها ملجأ للتنفيس عن المشاكل صار يلازمني حتى صرت لا أستطيع العلاج ولم اراجع مركز مكافحة التدخين, وعن ابرز المشاكل التي تواجهها قالت: هي مشاكل الأرق المرير والطويل الذي يمتد الى صباح اليوم التالي.
وتحدثت المدخنة (د,ف) 30 سنة قائلة: بدأت التدخين قبل سبع سنوات حيث أعمل في احد البنوك ونظراً لضغط العمل وتنوع الفئات التي نتعامل معها من العميلات واعتقاد ان هذه العادة مؤشر للعمق الحضاري للمدخنة او المدخن كلها كانت اسبابا كفيلة بدخولي وممارستي هذه العادة التي اجزم واعترف بأنها سيئة حيث تسببت لي بالكثير من المشاكل أهمها تأخر زواجي حتى الآن لظهور اثر التدخين على صحتي وجمالي ذلك لما خلفه التدخين من اثر في الصوت ونعومته ابعدني عن مصاف الاناث.
أفقدني الأمل بالزواج
وقالت المدخنة (س,ق) 27 سنة: بدأت التدخين عندما كنت طالبة بالمرحلة الثانوية حيث كنت اجتمع أنا وبعض زميلاتي للمذاكرة وأردنا التجريب وكانت هي البداية لي ولهن وصرنا نتصور أنه يساعدنا على المذاكرة اما كيفية شرائه فإنها سهلة جدا فعندما اكون في الطريق مع السائق أقف عند احد الاسواق المركزية التي يتوفر بها الدخان وأرسل السائق لشرائه وعن حياتها الاجتماعية تقول: لا أمل في ان أتزوج لان لا احد يرضى بي ان اكون أماً لابنائه وأنا مدخنة ولا استطيع ان اترك هذه العادة التي صارت تلازمني حتى وصلت درجة الادمان فأنا استهلك يوميا علبة كاملة عشرين سيجارة بعد كل وجبة غداء وعن ابرز المشاكل التي تواجهها تقول ضعف الذاكرة وشبه انعدام حاسة الشم فأنا لا استطيع التمييز بين الروائح بالاضافة إلى بعض الامراض الخاصة بالتغذية.
وقالت المدخنة (ن,أ) 19 سنة: السفر إلى الخارج للسياحة الصيفية كان طريقي للتدخين حيث الاستقلالية في البرامج الترويحية بيننا بالاسرة وكنت وبعض الصديقات ندخن حتى صرت لا استطيع نسيان هذه العادة وعندما رجعنا اصابني صداع فظيع,, فرجعت للتدخين وارتحت كثيرا ولكن هذه الراحة اعلم انها تكلفني الكثير وسوف تأخذ من صحتي وانوثتي اكثر مما تستحق!! ونصحت بعدم ابتعاد الاسرة عن ابنائها من بنين وبنات وقالت ان رقي الاسرة وحضارتها في التفاتها وتلاحمها وليس في استقلالية ابنائها وتفككها الذي صار نتيجته ما انا فيه الآن من ارق وقلق وتوتر بالاعصاب شبه دائم ومستمر.
زوجي السبب
كما تحدثت المدخنة (س,ن) 23 سنة حيث تقول: ان المشاكل الزوجية بيني وبين زوجي كانت سببا مباشرا لممارستي عادة التدخين حيث زوجني والدي مبكراً وكان عمري 15 سنة وانجبت اطفالا فبدأت المشاكل وازدادت بيني وبين زوجي الذي يتعامل معي بقسوة في غياب من الاهل وعدم مبالاة، الامر الذي دفع بي إلى هذه العادة ظنا مني انها تروِّح عن نفسيتي وتُهدئ من اعصابي وكنت اضع جام غضبي في شرب الدخان ونتيجة لكره زوجي لي فلم يكن لديه الوقت لملاحظة سلوكي الجديد حتى وصلت إلى الادمان بالتدخين وبدت عليّ مشاكله واضراره ولكن بعد فوات الاوان.
كما تحدثت المدخنة (خ,ع) 32 سنة حيث تقول: انني بدأت التدخين قبل ثماني سنوات تقريبا حيث كنت ادخل غرفة اخي بغيابه وأجد الدخان فيها وادخن وحيث ان اخي مدخن فإنه لا يكتشف الرائحة ذلك لان غرفته من طبيعتها رائحة الدخان وقد استمر هذا الوضع معي حتى صرت اشتريه وكنت اجد صعوبة في ذلك ولكن بعد زواجي صار زوجي يشتريه لي وندخن أنا وهو سويا وعن اصعب المواقف في هذا الوضع تقول سؤال ابنتي حيث تسأل دائما ماما انتي رجال؟؟ نتيجة لانها تراني وأنا أدخن فصرت احاول الا أمارس هذه العادة امامها ولكنها دائما ما تحرص رغم صغر سنها على مشاهدتي وأنا أدخن وتقول ماما أريد أن أراكي مثل أبي وأتمنى ان استطيع الاقلاع عن التدخين فأنا في مشكلة وأهلي لا يعرفون ولن يصدقوا لو وصلهم ما يفيد ذلك فأنا من اسرة محافظة وكبيرة!! وتقول المدخنة ان ابرز المشاكل التي تعترض محاولات الاقلاع عنه هي بعض المشكلات الزوجية المتعلقة بسهر زوجي وبعده عني وعدم مساعدته لي بالاقلاع بل انه يدفعني دائما لذلك بطريقة غير مباشرة من خلال المشاكل التي يصنعها بتصرفاته.
رأي المختص الاجتماعي
وقد تحدث لالجزيرة الاخصائي الاجتماعي أ, فهد النافع حول هذا الموضوع حيث قال: ان التدخين اصبح ظاهرة اجتماعية على مستوى الرجال كما صار ملاحظا على مستوى المرأة,, وإذا كان مجتمعنا السعودي يستنكر التدخين على الرجل فإنه من باب اولى استنكاره على المرأة التي لا يتناسب معها على الاطلاق,, وعن الابعاد الاجتماعية المتعلقة بهذا الموضوع أفاد ان المحاكاة والتقليد للنساء الغربيات والاعتقاد بانه أمر مكمل لشخصية المرأة وكذلك الصراع القائم بين الرجل والمرأة حول المكانة والوضع الاجتماعي قد تكون من اهم العوامل المؤدية لذلك.
كما تحدث الباحث الاجتماعي أ, فهد الخريف حول هذا الموضوع حيث قال بالاضافة الى ما ذكره أ, النافع فإن المشكلات الاجتماعية بين الزوج وزوجته او البنت وأهلها وكذلك الاستقلالية المبكرة في اتخاذ القرارات والسلوكيات الفردية بالنسبة للبنت والسفر إلى الخارج مع انخفاض مستوى الرقابة الاسرية وصديقات السوء على مستوى المدرسة او غيرها من العوامل ايضا المؤدية الى تدخين المرأة, وعن هذا الموضوع قال الاخصائي النفسي عثمان الشومر ان التجربة وحبها وضعف الشخصية والتقليد وتقبل ما هو جديد بمغامرة دون حساب النتائج او التفكير بها من اهم الابعاد النفسية التي تساهم في دفع الانسان بوجه عام للتدخين وممارسته واتفق الجميع انه يجب على الاسرة مراعاة ظروف الابناء ذكوراً واناثا والقرب من نفسياتهم وزرع الثقة بالنفس ومراقبتهم عن بعد وعدم الاغفال عنهم وتوفير احتياجاتهم ومتطلباتهم الضرورية والنافعة لهم من اهم طرق الوقاية والحماية للابناء.
رأي الطب
يؤكد الدكتور محيي الدين طبيب معالج في مركز مكافحة التدخين بمركز السليمانية بالرياض: يؤثر التدخين سلبا على صحة المدخنة سواء من الفتيات أو السيدات وبالاضافة الى الآثار المعروفة عنه صحيا من ناحية تأثيره على الجهاز التنفسي والقلب والشرايين والمعدة إلا انه اشد خطورة على صحة الام الحامل وجنينها فيؤدي لحدوث تشوهات خلقية للجنين ونقص بالوزن ومتاعب اثناء الحمل والولادة ومن اجل هذا لابد ان تقلع المدخنة قبل الشروع في الحمل عن التدخين وهي لاتحتاج سوى الارادة والاعتماد على الله قال تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) ثم يشغل المدخن نفسه بكتاب الله او القراءة المفيدة ويبتعد عن المدخنين ولا يجالسهم ويبتعد عن المكيفات مثل القهوة والشاي وخلافه وقال: تقدم العيادة علاجا هو في الاصل الدعم المعنوي والنفسي للمدخن وتوضيح آثار التدخين والكشف على من يعاني من اي آثار صحية ثم تساعد المدخنة على الاقلاع باستعمال الابر الصينية او لصقات النيكوتين أو باستعمال العلك, وكل هذه الوسائل ما هي الا وسائل مساعدة والارادة القوية هي لب العلاج.
* على هامش الموضوع:
يرى المؤتمر العاشر الدولي لمنظمة الصحة العالمية لمكافحة التدخين ان عدد الوفيات السنوي سيرتفع من 3,5 مليون وفاة حاليا إلى 10 ملايين حالة وفاة في عام 2025م وذلك نتيجة لتصاعد انتشار هذا الوباء خاصة في الدول النامية وفي اوساط النساء!! حيث ان نسبة المدخنات من النساء البالغات 12% على مستوى العالم!!وقد أشار مدير عام منظمة الصحة العالمية د, هيروشي ناكاجيما إلى ان التدخين يقتل حاليا ما كانت تقتله الامراض الوبائية الفتاكة سابقا، وان التدخين يقتل في عام واحد اكثر مما قتلهم الايدز في 15 عاما، وان سبع شركات دولية كبرى تسيطر على اسواق التبغ العالمية حاليا وقد أنشأت العديد من المصانع في آسيا وافريقيا وأمريكا الجنوبية، ولها اسواق واسعة في الدول النامية!!
وقد اثبتت الدراسات العلمية ان التدخين سبب رئيس لخمسة وعشرين مرضا منها: سرطان الرئة، انتفاخ الرئة، التهاب الشعب الهوائية المزمن، امراض القلب والاوعية الدموية، وله علاقة بالعديد من الامراض الاخرى، اضافة إلى ما اثبتته الدراسات من آثار التدخين على غير المدخنين التدخين السلبي والتي تصل احيانا كثيرة الى نفس آثار التدخين المباشر او اكثر، وإذا كانت امراض القلب وحوادث السيارات حاليا هي السبب الاول للوفاة فإنه يتوقع ان يكون التدخين في عام 2020م هو السبب الاول للوفاة!!.
** المحرر :
لقد حرصت حكومتنا الرشيدة على سلامة المواطنين من كل آفة وقد اسست مراكز لمكافحة التدخين يعمل بها كوادر طبية على مستوى عال من الامكانات المهارية في كل مناطق المملكة تهدف من ذلك إلى علاج من ابتلاهم الله بالتدخين، ولكنها لا تمنح العلاج قبل ان يمنحه المدخن لنفسه اولا ابتداء من الاستعداد النفسي للاقلاع عنه والارادة وانتهاء بالايمان بالله تعالى والثقة بالعاملين من اطباء واخصائيين داخل تلك المراكز.
|
|
|
|
|