| عزيزتـي الجزيرة
منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1948م قام المناضلون الفلسطينيون بكفاح بطولي مسلح، أقلق وزعزع استقرار إسرائيل، وقد ساندهم في ذلك العرب والمسلمون، وفي اكتوبر عام 1973م كادت القوات المصرية ان تجهز على القوات الإسرائيلية لولا تدخل الولايات المتحدة الأمريكية وفتحها لجسر جوي من الامدادات والمؤن العسكرية مع إسرائيل، بعدها أدركت إسرائيل قوة وثقل مصر سياسياً وعسكرياً، لذا عملت على توقيع اتفاقية للسلام معها اتفاقية كامب ديفد تعيد إسرائيل بموجبها الأراضي المصرية المحتلة شريطة عدم قيام مصر بشن أي هجوم عسكري ضدها، وعدم المشاركة في أي عدوان عليها, وماقيل عن الاتفاقية الإسرائيلية المصرية ينطبق على الاتفاقية الاسرائيلية الأردنية، وبموجب هذه الاتفاقيات قبل العرب التفاوض مع إسرائيل وفقاً لمبدأ الأرض مقابل السلام فتوقف الجهاد المسلح ورُفع شعار التسوية السلمية بحجة أن لا قدرة للعرب والمسلمين على هزيمة إسرائيل لتفوقها العسكري على دول المنطقة ودعمها من الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، وأن مالم يتحقق بالسلاح سوف يتحقق بالمفاوضات السلمية، فعقدت الاجتماعات السرية والعلنية، وأبرمت العديد من الاتفاقيات، إلا أنه للأسف لم يتحقق للعرب أدنى حد مما تم الاتفاق عليه، لعدم وفاء إسرائيل بما التزمت به، ولما عرف عن اليهود من الكذب والمماطلة والتسويف وعدم الوفاء بالعهود والمواثيق الأمر الذي أصاب العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً بالاحباط واليأس واستسلموا للأمر فانطبق عليهم قول الشاعر:
قيل لي في الدير قوم أدركوا سرّ الحياة
غير أني لم أجد غير عقول آسنات
وقلوب بليت فيها المنى وهي رفات
وقوله:
قد دخلت الدير استنطق فيه الناسكينا
فإذا القوم من الحيرة مثلي باهتونا
غلب اليأس عليهم فهم مستسلمونا
وإذا بالباب مكتوب عليه,,, لست أدري.
وفي الثامن والعشرين من شهر جمادى الآخرة الماضي قام آرييل شارون بزيارة استفزازية للمسجد الأقصى واعتبرها الفلسطينيون والمسلمون جميعاً بمثابة إعلان حرب عليهم، فقد جرحت مشاعرهم ودنست مقدساتهم الإسلامية، فاشتعلت ثورة عارمة في فلسطين انتفاضة الأقصى للتعبير عن رفضهم لهذا العمل المشين وللتعبير عن الغضب واليأس لما آلت إليه عملية السلام مستخدمين في ذلك سلاح الحجارة، على الرغم من أنه لا مقارنة بينهم وبين جيش نظامي مدجج بأحدث المعدات والآليات العسكرية.
وقد هبت الشعوب العربية والإسلامية لمناصرة الحق الفلسطيني والذود عن المقدسات الإسلامية، وانتظمت الصفوف المسلمة في كل مكان تنادي بايقاف هذا الظلم والطغيان عن الشعب الفلسطيني الأعزل وايقاف المفاوضات وجمعت التبرعات العينية والنقدية, وفعلاً توقفت المفاوضات، الأمر الذي أزعج الولايات المتحدة والمؤيدين لإسرائيل، فبذلوا قصارى جهدهم لإعادة المباحثات والعودة إلى طاولة المفاوضات من خلال اللجنة الخماسية اجتماع شرم الشيخ لا لشيء إنما لايقاف هذه الانتفاضة العارمة، والتأييد والزخم الهائل الذي تلقاه من لدن الشعوب الإسلامية قاطبة, والتي تشكل كابوساً وقلقاً للولايات المتحدة خاصة والغرب عامة، لأنهم يدركون تماماً أن حساباتهم وسياستهم في المنطقة سوف تنقلب رأساً على عقب في حالة نجاح الانتفاضة، وهي ناجحة بإذن الله تعالى، لأنها دفاع عن العقيدة والمقدسات الإسلامية إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم وفي هذا يقول الشاعر:
مادمتم للحق أنصاره هيهات أن ينتصر الباطل |
وهم يبذلون قصارى جهدهم لقطع الطريق على اجتماع القمة العربي المرتقب الذي يدعم التضامن العربي ويقويه، ولثني العرب عن اصدار قرارات وتوصيات أكثر حسماً ووضوحاً لدعم الانتفاضة ومساندة الحق الفلسطيني، ولأنهم لايريدون سلاماً حقيقياً وإنما يريدون استسلاماً عربياً يحقق لإسرائيل امبراطوريتها المزعومة من الفرات إلى النيل .
إن ما تخشاه الشعوب الإسلامية أن تتحول القمة العربية إلى إدانات واستنكار فقط وتمكين للسلطة الفلسطينية من اعادة بناء مقراتها والمرافق التي دمرتها إسرائيل ثم تأتي إسرائيل مرة أخرى وتدمرها، وتُنسى القضية الأهم وهي دعم الانتفاضة والاستجابة للنداءات التي تنطلق من كل مكان للذود عن المقدسات الإسلامية وفي هذا يقول الشاعر:
ومالك لاتجيب لهم نداءً كأن سواك لا أنت المُنادى |
وقوله:
أيا لاهياً والبين قد جدَّ جدُّه أأنت خليُّ القلب أم أنت غافل؟ |
إنه يشترط لراعي السلام الصدق والعدل لكي يلقى القبول والاستجابة من كلا الجانبين وهو ما لا يتوفر للولايات المتحدة الأمريكية فهي ليست أمينه وحيادية وصادقة في تعاملها مع الطرف الفلسطيني إنما هي منحازة إنحيازاً تاماً مع الجانب الإسرائيلي وبالتالي لن تلقى مبادراتها القبول والاستحسان من الجانب العربي.
إن الخلاف العربي الاسرائيلي هو خلاف عقائدي لن توقفه الاتفاقيات الهشة التي هي أشبه ببناء كرتوني سرعان ما انهار في أول اختبار له، فالاتفاقيات الهشة لا توصل إلى دول ولا توفر أمناً ولاتعيد حقوقاً مغتصبة وما أخذ بالقوة لايسترد إلا بالقوة.
إن القتلة والمجرمين لايحتاجون إلى شجب واستنكار أو إعراب عن قلق بالغ أو إدانات وقرارات تصدر من هنا وهناك، إنما يحتاج إلى عقوبات فعلية رادعة توقفهم عند حدهم وهذا لايتأتى إلا من خلال أشخاص قد تأصل الايمان في قلوبهم ليرتفع ويعلى شأن الإسلام والمسلمين وليعيشوا مرفوعي الرأس، وإلا تكالبت عليهم الأعداء وعاشوا أذلاء مطأطئي الرؤوس وانطبق عليهم قول الشاعر:
لاتسقنى ماء الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل |
وقوله:
ومن لم يرو رماحه من دم العدا إذا اشتبكت سر القنا بالقواضب يعش كما عاش الذليل بغصة وإن مات لايجري دموع النوادب |
وخلاصة القول أنه لاستعادة الحق العربي المغتصب وللرفع من معنويات المشاركين في الانتفاضة المباركة لا بد من اتخاذ الآتي:
1 دعم الانتفاضة الفلسطينية مادياً ومعنوياً وبشرياً.
2 توحيد الجهود الفلسطينية في قيادة موحدة تأخذ على عاتقها وضع استراتيجية وأسلوب تكتيكي جديد للانتفاضة والكفاح المسلح يكون أكثر تأثيراً على العدو.
3 ابراز القضية الفلسطينية وفق أسلوب منهجي وعملي وعقلاني تتبناه الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي من خلال برامج اعلامية قادرة على كسب تعاطف الرأي العام العالمي.
4 إنشاء صندوق تشارك فيه كافة الشعوب الإسلامية لدعم الأسر الفلسطينية التي تفقد أحد أفرادها، ولتقديم قروض ميسرة للأسر التي تفقد سكنها نتيجة للإزالة أو التدمير من قبل العدو.
5 إقامة مصحات ومستشفيات لعلاج المصابين في هذه الانتفاضة.
6 إلغاء كافة أوجه التطبيع مع إسرائيل ومقاطعة الدول المساندة لها.
7 إيقاف المفاوضات نهائياً مع العدو.
ختاماً نسأل الله العظيم أن يوحد كلمة المجاهدين وان يثبتهم وان ينصرهم على عدوهم إنه سميع مجيب.
والله من وراء القصد.
ناصر علي الصبيح الرياض
|
|
|
|
|