| شرفات
الممثلة الشابة معتزة هي الابنة الصغرى للراحلين الكبيرين الشاعر صلاح عبدالصبور والإعلامية سميحة غالب، وهي حاصلة على ليسانس الأدب الإنجليزي المقارن من الجامعة الأمريكية واتجهت للتمثيل المسرحي منذ سبع سنوات وكانت بدايتها الفعلية على مسرح الهناجر عندما اختارها المخرج العراقي جواد الأسدي لتلعب دور أوفيليا في مسرحية هاملت لشكسبير ولها تجربتان للسينما، الأولى في فيلم كرسي في الكلوب للمخرج سامح البلجوري، والثانية مع المخرج أحمد عاطف في فيلم عمر 2000 .
في هذا الحوار نقترب منها أكثر لنتعرف على علاقتها بالراحل صلاح عبدالصبور وسر اختيارها لمجال التمثيل ورؤيتها الخاصة لما يحدث على الساحة الفنية:
* تنقلت مع الأسرة في طفولتك وسافرتم كثيراً كيف ترين هذه الفترة من حياتك الآن,, ,,؟
طفولتي كانت جميلة جدا فأنا دخلت مدارس كثيرة مختلفة ففي البداية هنا دخلت مدرسة فرنسية ثم سافرنا إلى الهند بحكم عمل والدي كمستشار ثقافي للسفارة المصرية هناك فدخلت مدرسة إنجليزية ثم أكملت في مصر وبعدها حصلت على الثانوية العامة من أمريكا وأنا أعتبر نفسي كنت محظوظة جدا لأنه كان لي أب مثل صلاح عبدالصبور وأم كسميحة غالب وأعتبر أن فترة طفولتي هي الفترة الصعب تعويضها في حياتي إلى أن فقدت أبي ثم فقدت أمي، ولا أنظر لذلك من الجانب المأسوي لأنني أعلم أن هناك أناسا لهم ظروف أسوأ من ظروفي ويكفي أن أبي وأمي تركا لي الكثير من خلال طريقتهم في تربيتي واهتمامهم بتعليمنا أنا وأختي مي، ولكنني أفتقدهم كما يفتقد أي شخص أناسا يحبهم.
* ماذا عن علاقتك بصلاح عبدالصبور الأب والانسان ,,, ؟!
أنا لم أعرف أن أبي مشهور غير يوم وفاته وكان عمري وقتها 13 سنة حينما وجدت ضجة وصحفيين كثيرين في البيت ثم بعد ذلك رأيت المنشور في الصحف فقد كان أبي متواضعا جدا ولم يعكس نجوميته علينا في البيت فكان غذاؤه دائما معنا وكنا نخرج للفسحة معه ولم نذهب للمصيف مرة واحدة بدونه وكان يقضي أوقاتا طويلة يلعب معنا فهو الذي علمني الشطرنج وكان يتركني أتغلب عليه حتى يشجعني وأعتقد أنه لو ظل موجودا لسنوات أطول كنا سنصبح أصدقاء لأنه كان يخاطب عقولنا الصغيرة بصبر ويحاول أن يزرع فينا احترامنا لأنفسنا فأصبح ذلك هو مقياس الأشياء بالنسبة لنا وألا أخسر نفسي في مقابل أي شيء.
* ألم تحاولي كتابة الشعر ,,,, ؟
حاولت وأنا صغيرة وكتبت بعض الأشعار ولكن بالإنجليزية وقد كانت محاولات جيدة بالنسبة لطفلة وكتبت حتى كان عمري 16 سنة وكان أبي سعيدا بهذه المحاولات وبعد وفاته حاول البعض ترجمة بعض ماكتبت لمجرد أن ابنة صلاح عبدالصبور هي الأخرى تكتب الشعر ولكنني لم أستمر فأنا أتخيل أن الشعر كأي شيء فني يحتاج لإخلاص وأنا لم أكن مخلصة له ولم يكن لدي نوع من الالتزام تجاهه وربما كان سبب توقفي هو الخوف من المقارنة وأنا الآن أكتب قصة قصيرة وخواطر ولكن لنفسي فقط، وبعض أصدقائي ممن قرؤوها يقولون أنها متميزة ولا تشبه أي كتابة.
خارج الجامعة
* كنت قد شرعت في عمل الماجستير في الأدب المقارن ثم تركته وتركت المجال الأكاديمي لتتجهي للتمثيل فلماذا كان هذا التحول ولماذا التمثيل بالذات ,,, ؟!
أنا فعلا كنت وصلت إلى مرحلة كتابة الرسالة ثم أدركت أنني أحب أن أخرج للعالم، وأنا أحترم الأكاديميين وكنت أتمنى أن يكون عندي دأب الأستاذ الأكاديمي فهي مهنة محترمة جدا وأساتذتي هم الذين جعلوني أحب الأدب ولكنني لا أتصور أن لدي نفس تركيبة الصبر والدأب وأتخيل أنني لم أكن سعيدة في تلك المرحلة وأنني أكثر حبا للحياة بحريتي كفنانة ولكن ستبقى سنوات الجامعة وأساتذتي الذين أثروا في تكويني كإنسانة وليس كطالبة فقط جزء من حياتي أعتز به, أما لماذا التمثيل بالذات فأنا عندما دخلت الثانوية العامة في أمريكا كانت هناك مادة اختيارية وعليها درجات اسمها الدراما فاخترتها وتميزت فيها فأحببت التمثيل وعندما دخلت الجامعة الأمريكية جذبني مناخ المسرح الجامعي وشاركت في المسرحيات التي تقدمها كل عام ورأيت رد فعل الناس جيدا فأعطاني ذلك ثقة في نفسي وفي موهبتي.
* متى كانت البداية الفعلية خارج مسرح الجامعة ,,, ؟
كانت مع المخرج العراقي جواد الأسدي على مسرح الهناجر في مسرحية هاملت وكنت قد سمعت أنه يبحث عن فتاة لتمثل دور أوفيليا ودخلت الاختبار ولم أخبره باسمي كاملا وقلت فقط معتزة صلاح حتى أؤكد لنفسي أنني لم أدخل هذا المجال من خلال أنني ابنة صلاح عبدالصبور وأخبرته بذلك بعد أن وقع اختياره علي، لأنه طبعا يشرفني أنني ابنة صلاح عبدالصبور ولكن لا يمكن أن أفرض نفسي على مهنة لمجرد ذلك.
فوضى تلفزيونية
* ذات مرة قلت إنك تحترمين مهنتك وموهبتك، ورغم أن واقع المسرح لا يساعد على شيء فلن تذهبي للتمثيل في التلفزيون أو السينما,, فما سر التغيير؟!
من المستحيل أن أكون قلت سينما أو تليفزيون بشكل عام فأنا أحب السينما وهذا الكلام كان بعد تمثيلي للسينما وأنا قصدت منه لماذا لا أنتشر في التليفزيون وأنا سأتحدث عن التلفزيون ففي رمضان الماضي تابعت أحد المسلسلات عن شخصية تاريخية نعتز بها ونحترمها وكانت إحدى الوجوه الجديدة تقوم فيه بدور أميرة عربية ولا تنطق اللغة العربية بصورة سليمة وليس لديها أي إحساس بالدور ولا تجيد التمثيل وتصبغ شعرها بالأكسجين وتبدو مع هذا اللون الأصفر كبنات الليل، فعلى أي أساس تم اختيارها؟!
أليس قطاع الإنتاج ملك للشعب وينتج بأموال الضرائب التي يدفعها الناس، فمن أعطى الحق للمخرج ان يفرض ممثلة على 65 مليون مصري خلاف المشاهدين العرب.
اما عن لماذا أتردد كثيرا جدا حينما أقدم نفسي لمخرجي التليفزيون ، فليس الجميع طبعا كذلك فهناك أساتذة كبار وعظماء، منهم أنعام محمد علي التي أعطت درسا لكل الناس فأنا أتخيل أن ميزانية مسلسل أم كلثوم كانت أقل من ميزانية ذلك المخرج ولكن أنعام أجبرت كل المشاركين على احترام الموضوع واحترام أنفسهم واحترام العمل فخرج على مستوى مختلف ولأن اختياراتها لم تكن خاضعة للأهواء الشخصية.
ففعلا أن أحترم نفسي وأنا لست ضد العمل في الدراما التليفزيونية على الإطلاق ولكن اريد ان ادخلها من خلال مخرج محترف وعمل جيد ويكون الاساس لاختياري هو موهبتي لأنني أرى أن 75% من الوجوه الجديدة التي يقدمها التلفزيون غير موهوبة على الاطلاق ويتم الاختيار لمجرد أنهن فتيات جميلات أو فتيات إعلانات.
* إذا كان التلفزيون كذلك فماذا عن السينما؟
- السينما في فترة من الفترات كانت مقاييسها كالتلفزيون ولكنني أرى من خلال السنتين أو الثلاثة الماضية أن هناك سينما جديدة حقيقية تخرج مواضيع مهمة ووجوه شابة وأنا متفائلة بما يحدث، فأن يتم اختياري أنا في فيلمين من خلال مخرجين لا يعرفونني إلا من خلال عملي ولأنهم رأوني على المسرح فذلك يجعلني أعتقد أن هناك جديدا يحدث على الساحة السينمائية وهذا هو الأسلوب الشرعي والمحترم الوحيد والذي أقبله على نفسي، فالسينما بها عقول جديدة يهمها الموهبة وهذا هو المناخ الصحي.
* بعد تجربتين في السينما,, أيهما أقرب إليك التمثيل السينمائي أم التمثيل المسرحي؟
من الصعب أن أتحدث عن التمثيل السينمائي بشكل حقيقي لأن تجاربي أولية وهي ليست بطولة ولا أستطيع أن أحكم أيهما أمتع بالنسبة لي ولكنني سأظل أعشق المسرح وأتعامل معه فهو مملكتي وأشعر فيه بألفة وحرية شديدة أكثر حتى من الحياة العادية لأنني في المسرح أجد رد الفعل المباشر من الجمهور أما في السينما فأنا مجرد عنصر من عناصر كثيرة جدا يتوقف عليها إلى حد نجاحي أو فشلي في التجربة.
* لم تقدمي أي عمل لمسرح القطاع الخاص فهل هذا لموقف معين تجاهه ,,, ؟
- ليس لدي موقف ضد مسرح القطاع الخاص ولكنني أعتقد أن أي شيء يجعلني أتأخر خارج بيتي حتى الثالثة صباحا يجب أن يكون شيئا أستمتع به وأحبه والناس تستمتع به وهذا غير مطروح بشكل حقيقي في مسرح القطاع الخاص الذي يخاطب فئة معينة أو نوعية معينة وأرى أنه ليس يعيش طويلا أو على الأقل سيقل دوره، وأنا لست ضد الضحك ولكن المهم كيف تضحك فما يحدث يحول الممثل إلى مونولوجست يعتمد على قفشاته وإفيهاته اللفظية لأنه ليس هناك نص كوميدي مكتوب بطريقة جيدة.
* بدأنا الحديث بصلاح عبدالصبور والآن نعود إليه وأسألك عن أقرب دواوينه إليك ,,, ؟
أنا أحب مأساة الحلاج جدا كما أحب ديوانه الأخير الإبحار في الذاكرة لأن به شيء من حكمة السن وخلاصة وهدوء التجربة فهو طوال عمره شاعر فيلسوف ولكنه في هذا الديوان يقدم هذه الفلسلفة ببساطة وخاصة في قصيدة الشاعر والرماد وهي من أكثر القصائد التي أحبها.
محمد سامي
|
|
|
|
|