| محليــات
تنعقد غداً في العاصمة المصرية القاهرة قمة عربية طارئة هي الأولى منذ أربع سنوات، وكما قال أمس د, عصمت عبدالمجيد الأمين العام لجامعة الدول العربية، فإن القمة ستشارك فيها غالبية الدول العربية بمستوى القادة باستثناء ست دول ستشارك بمستويات أخرى.
ويترقب الشارع السياسي العربي من محيطه إلى خليجه ما قد يصدر عن هذه القمة من قرارات، خصوصا وأن هدفها الجوهري، بل الاستراتيجي هو دعم الانتفاضة الفلسطينية التي ما زالت مستمرة الى الآن رغم محاولة قمة شرم الشيخ يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين احتواءها.
والانتفاضة الفلسطينية الحالية لا تذكّر العرب والمسلمين وبقية أطراف المجتمع الدولي الأخرى بالقضية الفلسطينية التي كانت وما زالت المصدر الأساسي للصراع العربي/ الاسرائيلي في الشرق الأوسط، بل هي اليوم الانتفاضة توقظ ضمير المجتمع الدولي لكي يتحرك بقوة وشجاعة، وحيادية لحل هذه القضية العادلة وإعادة حقوق الشعب الفلسطيني إليه.
وما سيصدر من القمة العربية الطارئة غداً في القاهرة سيكون امتداداً طبيعياً للموقف العربي الذي تبلورت وحدته خلال القمة العربية العادية الثانية عشرة التي عقدت في مدينة فاس عام 1982م، من شقين حيث أقرت في شقها الثاني مشروع السلام الذي صاغته عبقرية وحنكة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله عندما كان آنذاك ما يزال وليّاً للعهد.
وقد اتخذت قمة فاس من هذا المشروع المؤلف من ثماني نقاط وثلاثة شروط، مشروعاً عربياً موحداً للسلام العادل والشامل في الشرق الأوسط حيث جاء المشروع رداً مفحماً على تساؤل ظلت الدوائر السياسية في أوربا وأمريكا تردده عبر وسائل إعلامها وهو تساؤل يقول: ماذا يريد العرب إذا كانوا يرفضون كل المبادرات الأمريكية والأوربية من أجل السلام مع اسرائيل؟! .
وكان هدف التساؤل هو إظهار الطرف العربي بالعجز عن تقديم أي بديل سوى الرفض.
وجاء مشروع السلام العربي الموحد رداً مفحماً وحاسماً لم تجد الدوائر الأوربية والأمريكية والأمم المتحدة سوى التعبير عن الإعجاب والترحيب به وقبوله كمخرج من مأزق السلام العربي/ الاسرائيلي.
ولكن وكما كان الحال دائماً فإن القوى الصهيونية العالمية ومن ورائها، القوى الدولية المؤيدة لها استطاعت أن تعمل على عرقلة وضع المشروع العربي الموحد للسلام موضع التنفيذ تماماً كما فعلت هذه القوى المعادية للحق العربي عموماً والحق الفلسطيني خصوصاً مع جميع القرارات الصادرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ العام 1947م، بدءاً بقرار التقسيم رقم 181 الذي قسم فلسطين الى دولتين: واحدة لليهود والأخرى للفلسطينيين والقرار رقم 194 الذي ينص على حق اللاجئين الفلسطينيين الذين طردتهم العصابات الصهيونية من وطنهم وانتزعت ممتلكاتهم في العودة الى ديارهم واستعادة أراضيهم وممتلكاتهم.
وبين العام 1947م، والعام 1982م، الذي صدر فيه مشروع السلام العربي الموحد، أصدرت الجمعية العامة 284 قراراً لتسوية قضية الحقوق الفلسطينية، وهذا الرقم هو أكبر رقم من القرارات التي تصدرها الأمم المتحدة بشأن قضية واحدة.
وكان من بين العوامل التي عرقلت تنفيذ قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الفيتو الأمريكي إذ استخدمت واشنطن الفيتو 6 مرات خلال حقبة السبعينات التي شهدت زخماً سياسياً عربياً ودولياً وأوربياً بحثاً عن السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، وهي الحقبة التي صدر خلالها قرار الجمعية العامة رقم 3236 د 29 في عام 1974م، والذي يدعو لأهمية تنفيذ القرارين 181 د2 الخاص بالتقسيم و194 د 3 الخاص بعودة اللاجئين.
كما شهدت الحقبة نفسها صدور القرار 3236 د 29 والقرار 3375 د 30 اللذين دعت فيهما الجمعية العامة للأمم المتحدة منظمة التحرير الفلسطينية ممثل الشعب الفلسطيني الى المشاركة في جميع جهود السلام المبذولة تحت إشراف الأمم المتحدة.
وفي عام 1975م، أنشأت الجمعية العامة اللجنة المعنية بتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف.
ومنذ ذلك التاريخ والسياسات الاسرائيلية المدعومة من حلفاء اسرائيل تعرقل جهود الأمم المتحدة والجهود العربية حتى لا يتم تنفيذ قرار واحد من القرارات التي تدعو لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وخاصة مشروع السلام العربي الموحد الذي ينص على الآتي:
1 انسحاب القوات الاسرائيلية من جميع الأراضي التي احتلتها عام 1967م، بما فيها القدس العربية، وهو شرط عربي أساسي واضح ولا تراجع عنه.
2 إزالة المستعمرات التي أقامتها اسرائيل بعد عام 1967م في الأراضي العربية المحتلة.
3 ضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان في الأماكن المقدسة، وهو حق ديني ضمنه العرب من قبل عندما كانت القدس تحت السيادة الأردنية ويكرسونه هنا من جديد.
4 تأكيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وممارسة حقوقه الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي الوحيد وتعويض مَن لا يرغب في العودة.
5 تخضع الضفة الغربية وقطاع غزة لفترة انتقالية تحت إشراف الأمم المتحدة ولمدة لا تزيد عن بضعة أشهر.
6 قيام الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس.
7 يضع مجلس الأمن الدولي ضمانات سلام بين جميع دول المنطقة بما فيها الدولة الفلسطينية.
8 يقوم مجلس الأمن الدولي بضمان تنفيذ تلك المبادىء.
وهناك الآن في دوائر القمة الطارئة ما يرى العودة لهذا المشروع العربي الموحد للسلام الذي لا يتعارض في مبادئه وأحكامها مع مبادىء مؤتمر مدريد الذي انطلقت به عملية السلام الحالية المتعثرة.
|
|
|
|
|