| أفاق اسلامية
* تشاد خاص بالجزيرة
حذرت شخصية اسلامية الأمة الاسلامية من التفرق والتمزق وعدم الانسجام الذي فرضه عليها أعداء الاسلام من الطامعين والحاسدين والمتزلقين عن الفهم الصحيح للدعوة الاسلامية، لا سيما وأن الأمة الاسلامية تعيش اليوم في عصر الانفجار المعرفي والتدفق الاعلامي الهائل والوهن والتخاصم وتبادل الاتهامات.
وأرجع الأستاذ الدكتور عبدالرحمن عمر الماحي رئيس جامعة الملك فيصل بجمهورية تشاد في حديثه لالجزيرة هذا الضياع الذي يعيشه المسلمون في العالم إلى عدم ارتفاع الأمة الاسلامية الى المستوى الذي يريده الله منها لتكون سيدة العالم كما كانت من قبل مصداقا لقول الله تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم ، وفي قوله تعالى: ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز، الذين ان مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور
وأضاف الماحي قائلا: والسبب الآخر لذلك هو أطماع اليهود والنصارى في خيرات بلاد المسلمين، وحسد اليهود والنصارى للعرب وللمسلمين عموما، لما هم فيه من نعم كثيرة فضلهم الله بها عن غيرهم من الأمم، مصداقا لقول الله تعالى: ود كثيرُُ من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعدما تبين لهم الحق .
ونادى رئيس جامعة الملك فيصل في تشاد الأمة الاسلامية لمواجهة هذه الأطماع والحسد بالعمل الجاد والمخلص، وتلافي عيوب الماضي، لأن الجسم السقيم لا يستعيد قوته إلا إذا سلم من الأمراض التي أضعفته، ونقي من الأدواء التي أرهقته، والاعتزاز باللغة العربية في المحافل الدولية دون غيرها لتضمنها أصل الوحدة الثقافية بين الأمة الاسلامية باعتبارها لغة القرآن الكريم، ووعاء الحضارة الاسلامية، وروح الأمة العربية، وهويتها وشخصيتها التاريخية، مؤكدا على أن الابتعاد عنها أو التقليل من شأنهاأمام الأمم الضالة، يسهم اسهاما سلبيا كبيرا في خدمة الاتجاهات الصليبية التي تقوم بها مشروعاتها الاقتصادية والسياسية والتنصيرية على عزل الأمة الاسلامية عن عقيدتها وثقافتها ووطنها في آخر المطاف.
وطالب الأستاذ الدكتور الماحي الأمة الاسلامية بالتعارف والتآلف والتعاون بين شعوبها لجعل مستقبلها خيرا من حاضرها المعيش، فبالايمان القوي بالله سبحانه وتعالى، والارادة الراسخة، والرغبة الأكيدة في العزة والكرامة يقرب البعيد، ويتحقق الأمل المنشود ان شاء الله تعالى، كما دعا الى العمل بهدوء لتنمية، وتطوير الامكانات المحلية ومعالجتها القضايا المستعصية بالتي هي أحسن، وتعد المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية أنموذجا يحتذى به في هذا الشأن، مشددا على أهمية تقديم العطاء الاسلامي الذي يفوق ما أعدته قوى التنصير في أفريقيا وآسيا، حتى نستطيع أن نواجه التحديات، ونجسد الاسلام عقيدة وعلما وحضارة في النفوس، ونزيل الفجوة التي تفصل بين الشعوب، ونضمن السير في طريق الخير والوحدة والسلام ان شاء الله تعالى.
وأبرز رئيس جامعة الملك فيصل بتشاد في هذا السياق أهمية دور الداعية الناجح، لأنه هو الرجل الذي يعي ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويبشر الناس ولا ينفرهم، ويجمعهم بالحق وعلى الحق، ولا يفرقهم بالاجتهادات، ويعفو ولا يخاصم، ولا يتهم أحدا بالباطل، حيث لا تفريط ولا افراط مصداقا لقول الله تعالى: ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين, ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم .
وتحدث الدكتور عمر الماحي عن أبرز مقومات الداعية الناجح فقال: مقومات الداعية الناجح هي العقل السليم، والعلم بما جاء في الكتاب والسنة النبوية المطهرة، والتواضع والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، ومعرفة الهدف، وتحصيل العلم بالتعلم والاكتساب والجهد المتواصل في حفظ النصوص الشرعية، وفهمها جيدا، أما الموهبة فهي من الأمور التي يعتمد عليها في فقه الدعوة الى الله تعالى ونجاح الداعية، وانما هي تساعد الداعية ان وجدت، لأنها نادرة والنادر لا يقاس عليه في الكيفية والأسلوب فقط.
واقترح الدكتور عبدالرحمن الماحي في معرض تصريحه اعداد الدعاة الى الله تعالى أن يكونوا على مستوى عال من العلم الشرعي والثقافة الاسلامية والخلق الرفيع والتعامل الصادق بصورة مأمولة تحول دون المزالق التي ينبغي أن ينأى بنفسه عنها عن طريق عقد مؤتمر اسلامي دولي يدعى اليه نخبة من العلماء الدعاة المتخصصين في العلوم الاسلامية المشهود لهم بالعلم والتقوى، لبحث نموذج محدد يحول دون الاجتهادات والاتهامات المتبادلة بين علماء المسلمين، ولإيجاد برنامج دراسي يطبق في جميع المعاهد والمراكز الاسلامية الدعوية القائمة، أو التي ستنشأ بعد هذا المؤتمر ان شاء الله تعالى، وكذلك انشاء المعاهد الاسلامية المتخصصة لتخريج الدعاة في المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ثم توزيع هؤلاء الدعاة في العالم الاسلامي.
كما اقترح عقد ندوات ودورات تدريبية، لتحسين مستوى الدعاة في العالم الاسلامي على ان يستقي جميعهم ويلتزم بالبرنامج الدراسي الذي سيضعه علماء العالم الاسلامي الذين يختارهم المؤتمر لوضع هذا البرنامج، متابعة تنفيذه بالتنسيق مع العلماء في بلادهم، ونشر الأساليب المستجدة في الدعوة من حين لآخر، أملا في جمع شمل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها والحيلولة دون المزالق الاجتهادية في حقل الدعوة الى الله تعالى.
ونادى الى حث العلماء والدعاة والمفكرين وأساتذة الجامعات في العالم الاسلامي على ربط العلوم النظرية والتطبيقية بالعقيدة الاسلامية والمبادىء والقيم الخلقية، وتوجيه شعوبهم الى الاعتصام بحبل الله، وعدم الالتفات الى التشويش المغرض الذي يهدف الى المساس بكيان المسلمين، وتشتيت شملهم، بالاضافة الى ذلك تركيز الدعاة في محاضراتهم على توضيح منهج الله، ومناقشة المشكلات والقضايا المتعلقة بغاية النشاط البشري في الحياة، حتى يرتفع الناس الى فهم العقيدة الصحيحة وحقيقة رسالة الاسلام.
كذلك اقترح تكثيف برامج التربية الاسلامية والدعوة الى الله عبر أجهزة الاعلام المسموعة والمقروءة والمرئية، بهدف سد النقص الكبير في الدعاة، وبتثقيف كافة الناس بأمور دينهم، والحيلولة دون اعطاء فرصة لكل مدع يدعي العلم والمعرفة والاجتهاد في النصوص الشرعية، حيث توجد مساحات شاسعة في العالم الاسلامي فارغة من الدعوة والدعاة، فاستغلها بعض الذين لا يفقهون من تعاليم الاسلام الصحيحة شيئا.
|
|
|
|
|