| مقـالات
شهدت بلادنا خلال العقود الماضية نهضة شاملة كبيرة، سمحت بإيجاد قاعدة بشرية مؤهلة كبيرة جعلت من الضرورة بمكان القيام بما تعارف الجميع على تسميته بعملية السعودة، التي تهدف إلى إحلال العمالة الوطنية السعودية مكان العمالة الوافدة قدر الاستطاعة ، وهذا حق طبيعي لأي بلد، ونحن في بلادنا المباركة لا ننكر الجهد والعمل الكبير الذي قدمته لنا الأيدي والعقول العاملة، وخصوصا من البلاد العربية والإسلامية في إسهاماتها في بناء بلادنا بالتعاون مع أبناء وطننا المعطاء، ورددنا الخير بمثله وأكثر، والآن آن الأوان كي ينهض أبناء البلد ببلدهم، ويتابعوا المسيرة العطرة والمشوار المبارك.
لقد سارت عملية السعودة خطوات جبارة وكبيرة إلى الأمام، ونحن بين فينة وأخرى لا زلنا نرى، أو نطالع بعضا من الضغط أو الاتهام الذي تقوم به بعض الدوائر والمؤسسات تجاه القطاع الخاص متهمة إياه بشكل أو بآخر بعدم الاسهام كما يجب في قضية السعودة، وفي هذا الإطار يجب ان نذكر انه ما زال للقطاع الخاص مبرراته وحججه القوية والوجيهة سواء من ناحية الأجور، أو شروط العمل، أو الخبرة المطلوبة، أو الظروف الموضوعية إلى هناك من أمور يتطلبها القطاع الخاص الذي يعرف معنى المنافسة، أو التنافس في أقصى حدوده.
ولكن مربط الفرس ليس هنا، وإنما هو وجود العديد من الدوائر والمصالح الحكومية التي لا تزال بعيدة عن السعودة، والتي فيها من الوظائف البدائية، أو الوظائف غير الحرفية، أو الوظائف التي يمكن إشغالها بسعوديين ببساطة، ومثالها الأعمال المكتبية ووظائف المكتبة والسائقين والمحاسبين وأمثالها، تلك الوظائف التي تجدها مشغولة (100%) في بعض الأماكن الحكومية من قبل موظفين غير سعوديين,,!!
في الحقيقة يجب التأمل في تلك الظاهرة، ودراستها قبل توجيه اللوم من قبل المؤسسات الحكومية للقطاع الخاص، وفي الحقيقة أيضا الاعتراف ان هناك تحايلا في بعض القطاعات الحكومية نفسها، أو بعض منسوبيها على قوانين وقرارات السعودية، وذلك عن طريق التوظيف عن طريق الشركات الأخرى، أو التعاقد عن طريق البنود التي لا تعلم عنها وزارة الخدمة المدنية!! وهذا يوضع ضمن نطاق صلاحيات الوزارات، وأيضا هناك قضية الاتفاق مع بعض الشركات
الخاصة على توظيف نسبة معينة، وتحمل نسبة معينة من الراتب !!!
هناك قضية أخرى تساهم بعرقلة عملية السعودة، ألا وهي خروج الموظف من الباب، ليعود من الشباك، فهناك الكثير من أبناء الوطن الذين وصلوا سن التقاعد، وتعدوه أيضاً ولكنهم يتقاعدون، ليعودوا عن طريق شركات أهلية وقطاع خاص، فيتعاقدوا معها، ليعودوا للعمل وبنفس مكان العمل السابق،وبراتب يكفي خمسة موظفين جدد على الأقل، فلماذا يتم مزاحمة شباب الوطن الذين لا يجدون وظائف حتى الآن,,؟!
الإجابة بالتأكيد لدى المسؤولين في وزارة الخدمة المدنية، ووزارة المالية والاقتصاد الوطني،ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وهيئة الرقابة والتحقيق، ومجلس القوى العاملة بضرورة تشكيل لجان عمل دائمة تقوم بعملية مراجعة وتقويم للعاملين في الدوائر الحكومية سواء من المتعاقدين غير السعوديين أو الذين احيلوا للتقاعد، ويعملون بطرق ملتوية ومخالفة للأنظمة على حساب السواعد الوطنية الشابة!!
لقد أصدر مجلس الشورى في جلساته الماضية قراراً يقضي بإيجاد قاعدة معلومات وبيانات عن غير السعوديين المسجلين في وزارة الخدمة المدنية، وما لدى الوزارات والمصالح، ولكن يحق لنا التساؤل حول من سيتابع التنفيذ، ومن سيتابع عمليات التوظيف لغير السعوديين، ومن يريد التأكد من حجم تلك العمالة غير السعودية عليه الذهاب لمأمور الصندوق في دائرة ما عند استلام الرواتب، وعند خروجهم من العمل بزي وطني ورصد ما يرى!!
إذا كان هناك سبب وجيه لرؤية ما نشاهده وما نسمعه، فلنسمع الإجابة من القادرين عليها، وإذا كان برأيهم أن السعودة لا يمكن تطبيقها بالسرعة المطلوبة، فلنسمع الأسباب الحقيقية لذلك، وبلغة الأرقام، إن كان هناك من هو قادر على القيام بذلك، ونحن بانتظار سماع ما يسرنا إن شاء الله ويسر أبناء الوطن الذين يجوبون المصالح والمؤسسات بحثاً عن وظيفة, والله المستعان.
alomari1420@ yahoo.com
|
|
|
|
|