| مقـالات
ليست هذه هي المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يقدم فيها الشعب الفلسطيني تضحيات جسيمة في سبيل قضيته العادلة من أرواح ودماء وشهداء ومقعدين ومصابين, تعود الشعب الفلسطيني على تقديم هذه التضحيات منذ اغتصبت أرضه وحقوقه وتعود الناس هناك على مواجهة عدوهم الغاشم عزلا تارة ومتسلحين بالحجارة فقط تارة أخرى, والمواطن الفلسطيني عندما يولد فهو يتعلم ويتدرب منذ بداية حياته لكي يكون جنديا بدون جيش وأن يحارب ويستشهد ويدافع عن وطنه وهو أعزل من السلاح ويتغذى ويتربى على هذه المبادئ ويحرص والداه على تربية هذا الجانب فيه وتحرص كل الأسر على فعل ذلك لأنهم يعلمون أن هؤلاء هم الجنود الحقيقيون المدافعون عن أرضهم ودينهم وقضيتهم وأنه ليس هناك في الوقت الحاضر من يقوم بهذه المهمة سواهم فلا جيش نظامي ولا دبابات ولا طائرات تستطيع فعل ذلك, نحيي في الشباب الفلسطيني هذه الشجاعة المتناهية وهذا الإقدام المبهر والروح القتالية العالية والتضحية بأغلى ما يمتلكه الإنسان بروحه وحياته فالمواجهات مع العدو الإسرائيلي المدجج بالسلاح وبكامل العدة والعتاد ليست أمرا سهلاً أو عملاً بسيطاً بل يحتاج ويتطلب الجرأة والشجاعة لأن ما يفعله هؤلاء الشباب الذين يواجهون الآلة العسكرية الإسرائيلية بصدورهم المكشوفة لم تستطع ان تفعله الآلة العسكرية العربية.
المشاهد التي رأيناها حول استشهاد شباب وأطفال فلسطين والتي قيل انها هزت ضمير العالم، هي في حقيقة الأمر لم تهز ضمير العالم فالعالم لا يبالي بالقضية الفلسطينية ولا يبالي بأرواح الفلسطينيين ولا يبالي بالدم الفلسطيني الذي يهدر كل يوم بدون ثمن.
فالقضية ليست قضيتهم والناس ليسوا منهم والأرض ليست أرضهم وجزء كبير من العالم العربي لم تهزه هذه المناظر والدليل أجهزة التلفاز العربية فكيف نتوقع ان يتأثر العالم بقضيتنا ومأساتنا ونحن أولى بذلك؟ الشعب الفلسطيني لا يستكين ولا يمل من الدفاع عن قضيته العادلة ولا يخاف من تقديم الشهداء بكل سعادة ورضا في مقابل ذلك نجد الخوف والهلع والجبن اليهودي من فقد جندي واحد فنحن نراهم يختبئون كالجرذان أمام الأحجار الفلسطينية الموجهة إليهم من سواعد الشباب الأعزل وكأنها صواريخ موجهة إليهم يخشون تفجرها بالقرب منهم فلماذا لا يستغل هذا الضعف اليهودي ويوظف لصالح الأرض المقدسة؟ فالشباب الفلسطيني يعمل ما باستطاعته فهل تأتيهم نجدة إسلامية خارجية؟ وقد سمعنا وقرأنا الكثير حول عجز الأنظمة العربية عن المساعدة وطلب مسؤولي السلطة الفلسطينية الدول العربية بالتحرك لمساعدتهم, ولكن يجب علينا ان نلاحظ أولاً أن زعيم السلطة الفلسطينية لا يختلف عن الزعماء العرب في شيء، وثانيا أن السلطة الفلسطينية سلطة علمانية لا تتخذ الدين الإسلامي نبراسا وهادياً لها ولا تعتبر القضية الفلسطينية قضية دينية ولهذا فلن تحقق أي نجاح ولن تقوم دولة فلسطينية ما دامت بعيدة كل هذا البعد عن ديننا القويم فبينما نجد اليهود يحاربون من أجل احتلال الأرض العربية من منطلق ديني يهودي متعصب فإننا نجد العكس من السلطة الفلسطينية حيث لا يرد هذا المفهوم ولا ترد هذه النظرة في مناقشاتهم ومحاوراتهم ولقاءاتهم التلفزيونية.
وثالثا: ان السلطة الفلسطينية أصبحت أداة في يد الإسرائيليين وأصبحت تنفذ أوامرهم فقضت على العمليات الجهادية والفدائية وزجت بالشباب الفلسطيني في السجون وحبست المهندسين والعقول التي تنظم للعمليات الاستشهادية وحاولت بكل ما تستطيع أن تقضي على الفلسفة الجهادية التي نادى بها الدين الإسلامي والتي ينفذها الشباب الفلسطيني الأعزل الآن.
يجب ان يصلح الفلسطينيون أنفسهم وأوضاع سلطتهم قبل أن يطلبوا العون من غيرهم فلابد أن يرمم البيت الفلسطيني من الداخل قبل أن يرمم من الخارج,, ولعمري فإن الشباب الفلسطيني الشجاع وكما شاهدناه قادر على أن يدافع عن أرضه ووطنه وقضيته الدينية إذا أعطي الفرصة المناسبة, نحيي مرة أخرى الشباب الفلسطيني على الشجاعة النادرة ورحم الله شهداء أرض فلسطين ونذكر هذه الأبيات من شعر د, عبدالعزيز السنبل:
هل القدس تبكي ظروف الحياة وتبكي الضياع وفقد الأمل فجيش العدو يدك الربى وليس يبالي بمن قد قتل وكل الشعوب ترى فعلهم وما من جريء يدين الزلل وليس سوانا يزيل العنا ونسدي النكال لمن قد جهل فياليت شعبي يغذ المسير بصدق الحديث وحسن العمل لنحيا سويا بتلك الربوع ونسعد في سهلها والجبل والحمد لله رب العالمين. |
* كلية التربية جامعة الملك سعود
|
|
|
|
|