رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 19th October,2000العدد:10248الطبعةالاولـيالخميس 22 ,رجب 1421

الاخيــرة

الاستفتاء النزيه
فوزية ابو خالد
عندما ينشر هذا المقال تكون لم تبرد بعد اجساد الشهداء في قبورهم, تكون مناديل الامهات مازالت مبللة بالدموع, واسماء الاطفال والشباب لم تشطب بعد من سجلات المدارس التي لن يعودوا اليها.
عندما ينشر هذا المقال يكون قد بقي ايام قليلة على عقد القمة العربية المزمعة التي ستحاول جاهدة ابتلاع غضب الشارع العربي كما سمعنا عن مسودة بيانها الختامي, تكون لم تعد بعد الاصوات الى حناجر العصافير التي شاهدت قناصة العدو الاسرائيلي على الاسطح.
عندما ينشر هذا المقال يكون الاجتماع الرباعي في شرم الشيخ قد تتوج بالفشل رغم الاتفاق المبدئي على تهدئة الاوضاع , يكون كلينتون قد عاد يحمل الى امريكا شكوكاً جديدة في قدرة الادارة الامريكية على ادارة العالم ضد ارادة شعوبه رغم دعوته للاطراف المعنية للقاء في واشنطن بعد 12 يوماً لاستئناف محادثات الاستسلام التي فشلت في كامب ديفيد منتصف الصيف الماضي, يكون رئيس وزراء العدو الاسرائيلي قد عاد الى الارض المسروقة ليمارس بالتحالف مع الليكود عبر تشكيل حكومة طوارئ مزيداً من مجازر الاطفال, ويكون حسني مبارك قد عاد يحمل رضا امريكا بما يوسع الهوة بين الحكومة وبين الشارع المصري, اما ياسر عرفات فيكون قد عاد وحيداً الى رعب الحصار بين غضبة شعبه وبين ضغوط التورط في سلام الجبناء.
لقد جاء كل طرف من الاطراف الى شرم الشيخ يحمل اجندة خلاصه الخاص.
كانت مطالب السلطة الفلسطينية بسيطة ومستأنسة:
* وقف اقفال حصار الاراضي المحتلة.
* سحب الجيش الاسرائيلي من اراضي السلطة الفلسطينية.
* قيام قوة دولية بالتحقيق في اسباب وتحديد المتسبب في انفجار المجازر ضد الشعب الاعزل، وكانت مطالب العدو الاسرائيلي كعادتها وقحة وجارحة وخالية من ماء الحياء:
* اعادة اعتقال سجناء حماس والجهاد الذين تم اطلاق سراحهم من سجون السلطة الفلسطينية خلال انتفاضة الاقصى.
* تشكيل قوة ردع مشتركة بالتعاون بين السلطة الفلسطينية والعدو الاسرائيلي للقضاء على انتفاضة الاقصى.
اما الاجندة الامريكية التي جاءت بها الى شرم الشيخ فهي:
* اعادة الثقة الى الذات بقدرتها على وضع الامور في النصاب الامريكي حسب اولويات السياسة والاقتصاد الامريكي في المنطقة رغم ما يبدو من انفلات الامر من يدها.
* تذكير بعض القيادات العربية بأنها مصدر هام لاستمرار شرعيتهم خاصة بعد ما ابدته بعض الانظمة من تلاحم بينها وبين الشارع الغاضب.
* الاطمئنان على ان ما يحدث على الارض الفلسطينية وفي الشارع العربي لن يؤدي بها الى تضحية جديدة بجزء من مخزونها النفطي كما حدث بعد اجتماع اوبك الاخير.
وتبقى اجندة الحكومة المصرية التي استضافت لقاء شرم الشيخ المشبوه وهي اجندة متواضعة جداً لا تتعدى اثبات حسن النية، خاصة بعد ما ابداه الشارع المصري من موقف مشرف مع انتفاضة الاقصى، وذلك رغبة ورهبة في مزيد من تطبيع العلاقة الرسمية مع امريكا واسرائيل معاً.
اما اصحاب الانتفاضة الثانية، انتفاضة الاقصى المباركة واصحاب الحق الحقيقيون في اتخاذ قرار متى وكيف يذهبون ان كان ولابد الى التفاوض على اساس من ميزان قوى جديد عمدوه بدماء الاطفال والشباب الذين قدموا حياتهم بسخاء على مدى ثمانية عشر يوماً غير شهداء نصف قرن مضى فإن احدا لم يجرؤ ان يسألهم رأيهم في مسار هذه اللحظة التاريخية النادرة التي يشقون فيها بأرواحهم طريقاً جديداً الى حريتهم وتحرير ارضهم غير طريق التسويات الناقصة.
وهذا بعض مما قالوه:
رايد حمودي والد ثلاثة شباب استشهدوا يوم الاحد 1/10/2000م قال:
من الخطأ الفادح الذهاب لمحادثات شرم الشيخ, لقد جربنا طريق التسوية الاستسلامية وعرفنا ان العدو يريد الاستسلام مقابل السلام، نريد استمرار الانتفاضة ولا اريد ان يذهب دم ابنائي هدراً .
آراء اخرى من اصحاب الانتفاضة التقطتها من صحف عديدة عبر شاشة الانترنت:
الدعوة الى لقاء شرم الشيخ دعوة مريبة ولا تليق بتاريخ مصر وتضحياته من اجل القضية الفلسطينية كما لا تليق بغضبة الشارع المصري .
القبول باتفاق شرم الشيخ له غرض غربي واحد هو غسل صورة الجيش الاسرائيلي الملطخة بدماء الابرياء العزل على شاشات العالم .
كيف نقبل باتفاق شرم الشيخ او سواه ونحن نعلم ان معنى ذلك القبول قمع الانتفاضة قبل ان تحقق اي مطلب سياسي من مطالب الشعب الفلسطيني؟ .
لقد اثبتت مواجهات الانتفاضة ان الجيش الاسرائيلي عاجز عن المواجهة وجهاً لوجه، فلماذا نعطيه ذريعة لستر عجزه؟ .
اسرائيل تريد الذهاب الى شرم الشيخ او الى الجحيم لأنها في مأزق سياسي وعسكري لم تستطع ان تجرها اليه اي من الحروب السابقة, اما نحن فلماذا نذهب وارواحنا على اكفنا؟ .
انتفاضة الاقصى هي الاستفتاء النزيه الوحيد الذي استطاع ان يعلن فيه الشعب الفلسطيني وبمؤازرة الشارع العربي رفضه لمشاريع الاستسلام, هذا الاستفتاء النزيه الذي تم الاقتراع فيه بمهر الدم يسحب بساط الشرعية من تحت اقدام كل اولئك الساعين والمؤيدين لسياسة الامر الواقع,,, ولو كان الثمن ضياع القدس الى الابد, لهذا يريدون تهدئة الاوضاع ولهذا يجب ان نتمسك بنزاهة هذا الاستفتاء وعدالته .
هذا ولا اظن بعد هذا الوضوح في الرأي تجاه خيار استمرار الانتفاضة من وضوح، رغم ضبابية الرؤية التي تسود النخب الثقافية في الوطن العربي والخوف الذي يعتري قياداته, والسؤال اذن هو ليس سؤال هل تستمر الانتفاضة؟ ولكن سؤال كيف تستمر الانتفاضة وبمن؟
لو ان هذا السؤال يوجه الى اطفال وشباب الوطن العربي والعالم الاسلامي,, ماذا تتوقعون؟ ولله الامر من قبل ومن بعد.

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة][موقعنا]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved