| الثقافية
والسرد يجب أن يكون في متناول الجميع، لأن الهدف منه ايصال المعلومة والفكرة إلى أكبر شريحة من شرائح المجتمع وهي الطبقة الوسطى التي يمكن أن تتقبل العمل وتستفيد منه بلغة تناسب هذه الطبقة من حيث التعليم والثقافة العامة، فعندما يعيش القارئ أحداث العمل القصصي بشكل عام والروائي بشكل خاص ويعايش أحداثه، فإنه بلا شك سيترك فيه الأثر الفعال، ومن هنا يتحقق نجاح الرواية حيث تركت انطباعاً في نفس قارئها, إن الكثير من القراء يشكون من صعوبة ما قرؤوا، أما من ناحية اللغة أو من غموض الحدث، فالكاتب لم يوصل المعلومة إلى المتلقي بالطريقة التي يجب ان تكون عليها، وبالتالي ينتهي العمل بمجرد قراءته للمرة الأولى دون أن يترك انطباعاً في نفس قارئه.
إن الكثير من الأعمال التي خلد ذكرها كانت أعمالاً ذات أثر في نفس قارئها فلم تنس على مرور الزمن، لم ينس القارئ رواية ثمن التضحية لحامد دمنهوري، حيث توفر فيها الوصف الدقيق والحدث الحي المؤثر، وقد دارت احداثها بين مكة المكرمة والقاهرة، ويظهر فيها الصراع بين العلم والجهل، بين الغنى والفقر، الحنين إلى الوطن، والتطلع إلى المستقبل والمشاركة في بناء الوطن الناهض على أكتاف ابنائه.
ان المتلقي ليس في حاجة إلى أن يضيع الوقت في تحليل الرموز وفك الألغاز الغامضة، والرجوع إلى المعاجم اللغوية لمعرفة الكلمات الغامضة، أو الدخول في المتاهات الفلسفية والاسقاطات الذهنية، فبعض الكتاب يحمل العمل الابداعي فوق ما يتحمل، كأن يحمله أفكاره الخاصة التي يريد ايصالها إلى المتلقي بطريقته الخاصة، ومن هنا يأتي العمل خال من البناء الروائي لا يعدو أن يكون منشوراً خاصاً يحمل رأي صاحبه الخاص، ولا نطلق هذا الرأي على علاته، فهناك عامل اشتراك بين هذه الأجناس، وقد تنبه القدماء الى ذلك، فقالوا بالتوسط بين الطرفين، فلا يكون العمل غامضاً للدرجة التي لا يفهمها أحد أو يفهم متخصص المتخصص، وهذا لا يكفي اذا أردنا للأدب ان ينتشر، ولا يكون العمل الإبداعي مباشراً فجا بلغة خطابية ليس فيها ما يجعل المتلقي يعمل فكره ويعيش مع العمل كل أو بعض لحظاته,
وهذا للأسف الشديد ما حصل في الكثير من الأعمال التي جعلت الكثير من القراء يتجنبون قراءتها، لأنها لم تترك المجال للتفاعل معها والاستفادة منها، فقد نجد عملاً يحمل فكرة ما لكنه صيغ بلغة سهلة تناسب ذوق المتلقي.
بالاضافة إلى قوة الحدث الذي تحمله هذه اللغة، ونجد القارئ مشدوداً إلى هذه الأحداث لا يتركها حتى ينهيها، ومن هنا نستطيع الحكم على هذا العمل بأنه عمل جيد اكتملت فيه عناصر الرواية الجيدة، واستطاع الكاتب ايصال المعلومة إلى المتلقي في يسر وسهولة بصرف النظر عن الفكرة التي يحملها العمل، فالكاتب لا يكتب لنفسه، بل يكتب لقرائه.
لذلك عليه أن ينظر بعيد الاعتبار إلى مستوى القارئ وثقافته وما يحتاج إليه ليكون العمل مؤثراً فيه، وإلا سيكون عملاً ينتهي بانتهاء قراءته.
|
|
|
|
|