| مقـالات
كثيرة هي الدراسات التي خرجت لتناول أو لبحث السلوك الإنساني في كثير من مجالاته وبعدد هائل من العوامل أو المتغيرات المؤثرة عليه بل ان الأطفال بالتحديد كانوا من أوائل العينات أو الشرائح التي تم البحث فيها والدراسة عليها لما لذلك أثره البالغ في توجيه سلوك أولئك الأطفال وبالتالي امكانية التحكم على الأقل ولو في جزء من العناصر التي نرجو منها أن يكون هذا الفرد صالحاً نافعاً لنفسه ولمجتمعه.
ان من الدراسات التي أثيرت قبل عدد من السنوات الماضية على الأطفال كان جزء كبير منها يتناول اثر التلفزيون أو بمعنى أدق أثر البرامج أو الأفلام العدوانية على سلوك الأطفال وتأثيرها بعد ذلك على شخصياتهم بشكل دائم أو مستمر، أي هل حقيقة ان رؤية تلك البرامج العدوانية تنقل السلوك العدواني للطفل لتجعله بعد ذلك فرداً عدوانياً وقد يتحول إلى مجرم في مجتمعه؟!
لقد ظلت البحوث سنوات طويلة تدور في هذا الميدان حتى تعددت وتنوعت ولكن أغلبها كان يثبت بلا جدل الأثر السيء لتلك البرامج بتوجه يشير الى انها من أهم العناصر التي تنشئ طفلاً عدوانياً, ولكن في الحقيقة لم يقف الباحثون النفسيون عند هذا الحد بل حاولوا المزيد من التوسع في البحث في هذه النقطة بالذات حتى توصلوا إلى أمر هام جداً وكان ذلك في السنوات القليلة اللاحقة حيث اشارت نتائجهم الى أن مشاهدة برامج العدوان لا تنشئ اطلاقاً افراداً عدوانيين أو مجرمين وبمعنى أكثر دقة هو أن مشاهدة تلك البرامج قد تحرك استعداداً مظهريا لدى الفرد أي تثير خصلة داخلية موجودة أصلاً لدى ذلك الطفل وليس كل الاطفال, وهذه الخصلة سوف تثار بطبيعة الحال سواء عن طريق مشاهدة الأفلام العدوانية، أو عن طريق خبرات يسمع عنها الطفل أو يقرأ عنها, اذاً هو على استعداد أصلاً من سجيه أن يكون طفلاً عدوانياً أو مجرماً ولكن الاختلاف فقط في الوسيلة التي من خلالها يثار ذلك الشخص أو الفرد وهذا يعطينا رداً بديهياً، يشير إلى أن ليس كل من يشاهد أفلام العنف يكون فرداً عدوانياً لأن هناك من الأطفال من ليس لديهم أصلاً بذرة العدوانية في ذواتهم ومثل هؤلاء قد يقلدون السلوك العنيف بعض الأوقات ثم ينقطع ذلك من سلوكياتهم دون أن يكون جزءاً مترسخاً في ذواتهم أو سلوكياتهم الثابتة الحقيقية.
وهذه طبعاً ليست دعوة لترويج الأفلام العدوانية للأطفال ولكنها اشارة إلى أن بذرة خصال الشخصية موجودة منذ ولادتها ونحن المربين من آباء وأمهات فقط نستطيع أن نوجهها سلباً أو ايجاباً ويظل شيئاً هاماً وهو أن نعطي كل عمر حقه، وبالذات الطفولة فإن لها جوانبها التي لابد أن لا تتجاوزها,, والله ولي والتوفيق.
|
|
|
|
|