| العالم اليوم
,, وانفض لقاء شرم الشيخ، بنتائج هي اقرب ما تكون لما خرج به لقاء باريس,, فما اتخذ في شرم الشيخ بعد مباحثات ولقاءات مضنية لم يتعد تشكيل لجنة تقصي حقائق برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ترفع نتائجها الى الامم المتحدة، ووقف العنف وإعادة مسيرة السلام بتهيئة الظروف لاستئناف التفاوض بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
وهكذا يتضح، ليس لدى المراقبين والمحللين السياسيين الذين تابعوا اجتماعات شرم الشيخ فحسب، بل حتى المواطنين العاديين، بأن الاسرائيليين نجحوا في توجيه القمة ونتائجها لصالحهم, فمثلما حصل في باريس، أبعد باراك أي مسؤولية عن جنوده، ولم يجرؤ كلينتون ولا كوفي عنان ولا خافييز سولانا على التعامل مع الحقائق والاحداث التي شهدتها الاراضي الفلسطينية، فكلينتون وعنان وسولانا شاهدوا الاطفال الذي يلقون حتفهم برصاص الجنود الاسرائيليين, وهم يعلمون ان اسرائيل أغلقت الاراضي الفلسطينية، واستولت على معبر رفح، وأغلقت مطار غزة، ودمرت ميناء غزة, وقبل ذلك أغلقت المعابر بين الاراضي الفلسطينية والأردن,, وحتى الجرحى الفلسطينيون، تعرقل اسرائيل ذهابهم إلى الدول العربية للعلاج، إضافة الى إغلاق حدودها في وجه العمال الفلسطينيين.
كلينتون وعنان وسولانا، يعلمون أيضاً أن ما يسمونه (تفجر العنف) كان بسبب إقدام شارون على زيارة المسجد الأقصى، بهدف إثارة غضب الفلسطينيين ودفعهم الى المقاومة ليحرج أو لينفذ ما اتفق عليه مع باراك وهو ايقاف التفاوض مع الفلسطينيين.
كل هذا وأكثر منه، يعرفه كلينتون وعنان وسولانا، ويعرفه غيرهم من قادة الدول الأخرى الذين لم يكونوا حريصين على الاشتراك في قمة شرم الشيخ كالرئيس بوتين وشيراك، لأن أقصى ما خرجت به القمة هو تشكيل لجنة تقصي حقائق مقابل ان يفرضوا على الفلسطينيين وقف احتجاجهم بدون ان يأمروا الاسرائيليين بسحب دباباتهم، وأن يرجعوا المواقع الفلسطينية التي احتلوها.
هذه النتائج أو القرارات التي صدرت في قمة شرم الشيخ هل يمكن ان يعتبرها الفلسطينيون والمواطنون العرب,, نجاحاً للقمة في وقف العدوان الاسرائيلي؟!! أم هي نجاح لباراك وجنوده في إبعاد المسؤولية عنهم وتشجيعهم على ارتكاب المزيد من العدوان مثلما حصل بعد فشل اجتماع باريس وقبل ذلك اجتماع قمة كامب ديفيد الثانية,, فبعد باريس لمس الاسرائيليون ان الامريكيين يسيرون معهم على نفس الخط لإجبار الفلسطينيين على توقيع صك استسلام وبعد كامب ديفيد وجه كلينتون الاتهامات لعرفات بعدم التعاون ليعطي بذلك الاشارة الى باراك ويشجعه على القيام بمزيد من التشدد، بل كان ذلك من أهم الاسباب التي جعلت باراك يوجه قواته الى ارتكاب عمليات القتل بحق الشعب الفلسطيني,, وما اتخذ أمس في شرم الشيخ سيكون أيضاً دافعاً جديداً لمواصلة باراك وقواته العدوان على الفلسطينيين، إذ طالما لم يلجم هذا الجنرال ويوقف عند حده، فسوف نرى مزيداً من عمليات القتل والاضطهاد بحق الفلسطينيين,, الذين عليهم أن ينتظروا تقارير لجان تقصي الحقائق,, التي سيكون مصيرها ملف الحفظ في مبنى الأمم المتحدة.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني Jaser @ Al-jazirah.com
|
|
|
|
|