أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 18th October,2000العدد:10247الطبعةالاولـيالاربعاء 21 ,رجب 1421

الريـاضيـة

بروح رياضية
نحن والأولمبياد: لماذا لا نبدأ من حيث انتهى الآخرون؟ (3/3)
د, خالد بن عبدالله الباحوث
ربما انه يتوجب على الرياضة العربية أخذ حقنة خاصة تعطى في وريد الرياضة العربية، ومن أهم مكونات هذه الحقنة خلاصة تجارب الآخرين والمميزين رياضياً والذين سبقونا في هذا المجال وخاصة مجال حصد الميداليات الأولمبية إذ إن الميداليات الأولمبية تعتبر من أهم وأقوى مقاييس التنمية والتطور الرياضي وبمعنى آخر ان الاستفادة من تجارب الآخرين والانطلاق من حيث انتهوا لن يوفر لنا فقط الجهد والمال والوقت وإنما سوف يكون اساسا متيناً لصرف علاج ضروري إذا أردنا علاج ما ألم بالرياضة العربية من أمراض.
وكما يعلم الجميع فان طريقة المحاولة والخطأ والقيادة والإدارة بالبركة قد انتهت وولى زمانها,, فالعالم في وقتنا الحاضر صار يعتمد على مخترعات وأساليب تكتشف كل يوم فيشترك الجميع في الاستفادة منها, والمكتشفات والمعلومات المتنوعة ليس حصراً على طائفة دون أخرى, فالمعلومات والأساليب الناجحة عندما يتم اكتشافها تتحول الى ملكية العالم أجمع ومن حق الجميع الاستفادة منها، بل وتطويرها إذا تطلب الأمر ذلك، طالما أن ذلك يتم في حدود الموضوعية والأمانة العلمية وارجاع كل معلومة أو مكتشف الى صاحبه.
فنحن العرب لدينا كثير من المعلومات والتي من الممكن الحصول عليها دون مقابل مادي وهي المعلومات المتعلقة بخبرات وطرق إعداد الرياضيين لكثير من الدول التي برزت خلال المسيرة الاولمبية وحصدت الكثير من الإنجازات الرياضية والعديد من الميداليات الأولمبية كالولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفييتي وكوبا والمانيا الشرقية والصين واستراليا وغيرهم.
ففي الولايات المتحدة الامريكية يتم استخدام جميع الطرق والأساليب الحديثة لاختيار الرياضيين وإعدادهم قبل الدورات بمدة طويلة, فتخصص الميزانيات القوية ويعين المتخصصون والخبراء لهذا الغرض, ومن الملاحظات الجديرة بالمناقشة هو اعتماد الامريكان على المدارس كأداة تفريخ أبطال، ومن هنا تكمن اهمية الرياضة المدرسية, ويقول سكيب كيني المسؤول عن فريق السباحة الأمريكي للرجال التي شاركت في دورة أتلانتا (لقد قمنا باختيار عشرات المواهب لفريق الرجال من بين طلاب المدارس الثانوية) ويضيف أنه بعد ان استضافت الولايات المتحدة دورة لوس انجلوس عام 1984 نجحت السباحة (ريتون) في خطف الأضواء بأرقامها القياسية وبعدها اصبحت السباحة الرياضة الشعبية الأولى بين طلاب المدارس, (صوعان العربي).
وعندما اكتشف السوفييت فوائد المنافسات الرياضية التي لم يشتركوا فيها حتى سنة 1952، اصدر الحزب الشيوعي في بداية الخمسينات الميلادية مرسوما يؤكد على (أن الرياضة يجب ان تطور ليس فقط للوصول الى المستويات العالمية ولكن لتبرهن على سيطرة وهيمنة السوفييت, ولذلك انصرف السوفييت الى تطوير الرياضة ونجحوا في انتزاع 22 ميدالية في أولمبياد هلسنكي سنة 1952م حيث استمر هذا الاهتمام حتى صار السوفييت مسيطرين تماما على معظم الالعاب والميداليات الاولمبية وظلوا منافسين أقوياء للأمريكان.
ومن الغريب في الأمر فعلى الرغم من تفكك الاتحاد السوفييتي الا ان روسيا ظلت نداً لأمريكا في حصد الميداليات الأولمبية في دورتي أتلانتا وسيدني الأخيرتين.
والمثال الآخر يتمثل في المانيا الشرقية، فعندما وجدت المانيا الشرقية نفسها معزولة دوليا في بداية الستينات الميلادية ركزت على الآلة الرياضية لاستخدامها كسلاح لفك عزلتها الدولية, وحتى سنة 1969م لم يعترف بألمانيا الديمقراطية (الشرقية) الا 14 دولة, وبسبب مواجهتها لبعض المصاعب الدولية التي حالت دون الاعتراف بها كدولة مستقلة عن ألمانيا الغربية، ركزت ألمانيا على الإنجازات الرياضية لمواجهة هذه العزلة والمصاعب الدولية, ولذلك شرعت ألمانيا الشرقية بالتركيز على تطوير البنية التحتية الرياضية للبلد, فخصصت في بداية السبعينات الميلادية ثلاثة بلايين مارك ألماني لهذا الغرض (هو الرقم الذي عادل في ذلك الوقت ما يقارب سبعة بالمائة من مجموع الناتج القومي للبلد), فتم إنشاء المجمعات والمنشآت الرياضية والمراكز الطبية والمعاهد الرياضية ومساكن خاصة مجهزة للرياضيين, كما تم تخصيص جزء من هذا المبلغ للصرف على برنامج خاص للبحث عن المواهب الرياضية وعلى الاختبارات الطبية وأبحاث المنشطات الرياضية, وتم تخصيص مبلغ آخر لمكافأة محطمي الأرقام الرياضية المحلية والعالمية وبرنامج خاص لتوفير الأعمال الثابتة للرياضيين, فماذا كانت النتيجة بعد ذلك؟
لقد كانت النتيجة أنه خلال عشر سنوات فقط من بداية هذا البرنامج المكثف حازت ألمانيا الشرقية على 225 ميدالية أولمبية و 950 ميدالية عالمية و 901 ميدالية أوروبية.
وقد انتشر رياضيو ألمانيا الشرقية في كل أنحاء العالم ليرفعوا علم بلدهم ويفتخروا بإنجازاتهم وميدالياتهم في كل مرة يعزف السلام الوطني لألمانيا الشرقية, وبذلك ظهر تفوق ألمانيا الشرقية كأحسن وأفضل دولة رياضية في العالم بالقياس إلى الإمكانيات وعدد السكان, وبفعل هذه الإنجازات الرياضية الرائعة بدأت العوائق الدولية للاعتراف بألمانيا الشرقية تندثر تدريجياً فقد مكنتها الرياضة من أن تنتزع اعتراف المجتمع الدولي بها كما أكسبتها الرياضة كذلك شهرة على المستوى الدولي في الوقت نفسه اكسبتها قوة على التفاوض, فالاتحاد الدولي قبلها كعضو مستقل والهيئة الدولية الأولمبية أعطتها الحق في التنافس كبلد مستقل, كما أنهت منظمة نيتو مقاطعتها لرياضيي ألمانيا الشرقية وبهذا كسبت المعركة أخيراً.
ومن معجزات الفرق الرياضية والأولمبية الأخرى هي كوبا، هذا البلد أو الجزيرة الصغيرة التي لم يبلغ سكانها حتى الآن العشرة ملايين والتي كانت وما زالت تعاني عزلة دولية كبيرة أهمها الحظر الاقتصادي والسياسي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية, أقول أنه ليس بالضرورة وجود عزلة دولية ليتم الإنجاز الرياضي الرائع ولكن قدر لكوبا هكذا.
ولقد بدأت مشاركة كوبا بالمنافسات الأولمبية مبكراً وقدمت إنجازاً طيباً غير أن إنجازها القوي لم يأت إلا في نهاية الستينات والسبعينات وبداية الثمانينات الميلادية وانقطعت لمدة اثنتي عشرة سنة عن المشاركة، بسب المقاطعات السياسية للأولمبياد، لتعود قوية في دورة برشلونة وتحصل على 31 ميدالية وكنجمة من نجوم دورتي أتلانتا وسيدني, ولكن ماذا فعلت كوبا لتحصل على هذا الانجاز المعجزة ؟
عندما قامت الثورة المعروفة في كوبا عام 1959 بقيادة الرئيس الحالي فيدل كاسترو فلم تكن الرياضة بالفعل قوية كما هي الآن, وكانت البيسبول أو لعبة القاعدة من أشهر الألعاب الرياضية بالإضافة إلى عدد قليل من الألعاب, وكانت الرياضية تشرف عليها إدارة رياضة مستقلة صغيرة, وفي بداية الستينات تم إنشاء المعهد القومي للرياضة والتربية البدنية والترويح (INDER) والذي صار من أكبر الجهات المعنية بتطوير الرياضة في كوبا وما زال حتى الآن.
في البداية شرع هذا المعهد بإنشاء وبناء المنشآت والملاعب الرياضية, وتم كذلك لاحقا إنشاء معاهد أخرى للأبحاث الرياضية ومراكز أخرى معنية بتطوير علوم الرياضة والإنجازات الرياضية, واستناداً إلى النظام الأساسي الذي أنشئت فيه هذه المراكز والجهات نص النظام على أن الهدف من إنشائها هو تطوير نظام قوي للتربية الوطنية (البدنية والرياضية) ووضع النظام الأساسي لتطوير الرياضة في كوبا وكذلك لتطوير الرياضة المدرسية على كل المستويات والاهتمام بالابحاث الرياضية لتطوير كل من: مستوى الرياضيين ومستوى المنافسات الرياضية , ولقد عمل (INDER) كذلك جهداً لتشجيع الصناعات المتعلقة بالأدوات والملابس الرياضية لتفادي العجز الذي كان متأثراً بسبب الحظر التجاري الدولي, ولأن من أهم اهدافه هو تطوير الرياضة للجميع، عمد )Inder( لتأهيل وإعداد الكوبيين ليصبحوا متخصصين وخبراء في مجال الدراسات الرياضية, فأرسلت أعداد كثيرة الى الاتحاد السوفييتي وألمانيا وتشيكوسلوفاكيا حتى تم الاكتفاء الذاتي, ومن الأشياء الجديرة بالملاحظة هو عمد )Inder( الى جعل المؤسسات والاندية الرياضية جزءاً لا يتجزأ من المؤسسات الاجتماعية المختلفة بالبلد والمصانع والمدارس والجامعات والمؤسسات العسكرية وكذلك المناطق النائية.
ولقد انعكست هذه الجهود على انجازات كوبا الرياضية في المحافل الدولية وحضورها الدائم والمميز مما حدا بكثير من المتابعين والمهتمين ان يعبروا عن إعجابهم بما وصلت اليه كوبا رياضياً, ومن غرابة الامر ان احد المسؤولين الامريكيين لم يجعله سرا عندما صرح بأن الولايات المتحدة الامريكية استفادت كثيراً من طرق الإعداد الكوبي للرياضيين.
وهناك دول كثيرة اهتمت بالتطور الرياضي على اسس قوية وصحيحة كجنوب افريقيا والصين, وتظل الصين دولة مميزة في هذا المجال والتي اهتمت كثيرا في إعداد الرياضيين وجعل الرياضة تربية وطنية والإنجاز الرياضي واجب وطني مفروض على الجميع وأتت جهودها بنتائج ممتازة مؤخرا.

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved