| ملحق سوريا
مهما تكن قد اختزنت من معلومات عن تدمر فسوف تكون زيارتك لها مفاجأة لطيفة رائعة ستراها أشد سحراً وأروع أثراً في نفسك مما توقعت , ولعلها أدعى المجموعات الأثرية في العالم للتهيب والإعجاب بآثارها الجبارة التي لمستها يد سحرية، فأقامت فيها عصارة فنون الشرق والغرب, فأبدعت وتركتها على الزمن مثار الإكبار والإعزاز أعمدة وأقواس ومرافق ومسرح وقلعة عربية وحمامات وأسوار قديمة ونقوش كلها تفيض بالروعة والسحر,
ولا تستطيع وأنت ترى هذه الروائع إلا أن تعود بالذكرى إلى عشرات القرون إلى الكنعانيين أوائل سكان تدمر، ثم إلى الآراميين,
ولابد أن تتخيل تلك الملكة الأسطورية التي كانت بثقافتها مكتبة حية كما وصفها أحد المؤرخين ، تفوق بحكمتها ومقدرتها وحصافتها أقدر الرجال ، أسنانها كاللؤلؤة وعيناها تتوهجان بلهب من الفتنة غير مألوف,
كانت تمشي في مقدمة جندها رافعة الرأس أبية طامحة إلى تأسيس دولة عربية تمتد من النيل إلى البوسفور، وبعد معارك طاحنة مع الإمبراطور الروماني أورليان تسقط المدينة العظيمة بيد الرومان عام 273 ميلادية, وتنطوي صفحتها من تاريخ الشرق بعد أن استنفذت اقتصادها الناشط في معركتها الوطنية ضد روما,
تقع تدمر في منتصف سورية ، وتصلها بأهم المدن طرق معبدة حديثة وتبعد عن حمص 160 كم، وعن دمشق 245كيلومتراً و213كيلومتراً عن دير الزور,
وقد نشأت أول ما نشأت على شكل بيوت انتشرت منذ العصر الحجري الحديث حول نبع أفقا، الذي جمع بعض القبائل الكنعانية والآرامية, وأعطاها الآراميون اسمها (تدمرتو) ومعناها الأعجوبة ، ولا يزال هذا الاسم يطلق عليها ، بلفظه العربي (تدمر) منذ أربعة آلاف سنة,
أما الإغريق والرومان فقد أطلقوا عليها اسم بالميرا نسبة إلى النخيل الذي يكثر في واحتها الوارفة,
عاشت تدمر في بحبوحة مادية في القرن الثاني والثالث فقد كانت ممراً وملتقى للطرق التي تصل بين الشرق والغرب، وكانت مركز تموين القوافل التي كانت تنقل ثروات آسيا إلى البحر الأبيض المتوسط وما على شواطئه من ممالك، تغص دائماً بأنفس البضائع التي يحملها تجار من شتى الأجناس والأمصار,
وينقلب الزمن على تدمر كما انقلب على ملكتها السمراء الفاتنة فإذا هي اليوم أطلال متناثرة بدأت تتخلى عن عزلتها لتستقبل آلاف الزائرين من كل أنحاء المعمورة,
|
|
|
|
|