| ملحق سوريا
تشتهر العاصمة السورية بأنها أقدم مدينة في العالم ظلت عامرة ومأهولة باستمرار ، ومن هنا كانت الأسماء التي لقبت بها كثيرة ومتنوعة بكثرة وتنوع الحضارات التي تعاقبت عليها وبسبب المكانة العلمية والثقافية والدينية والسياسية والفنية والتجارية والصناعية التي احتلتها على مر العصور فهي الفيحاء ، والشام ، وجلق ، ولؤلؤة الشرق (كما سماها الامبراطور جوليان) ويقول البعض إنها هي إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد التي ذكرت في القرآن الكريم.
ومن أقدم الإشارات إلى دمشق تلك التي جاءت في ألواح (إيبلا) التي أكدت أن (دامسكي)، أي دمشق ، كانت موجودة في الألف الثالث قبل الميلاد كحاضرة ذات نفوذ اقتصادي واسع، كما أن الوثائق الفرعونية القديمة ذكرتها باسم (دمشقا), ولكن الظهور القوي لدمشق كان في منتصف الألف الثاني قبل الميلاد عندما أصبحت مركزاً لمملكة آرامية تحت اسم (دار ميسيق) أي الدار المسقية , والآراميون هم من العرب الشماليين وهم سكان دمشق الأصليون ويتكلمون اللغة العربية الشمالية التي تسمى اليوم السريانية, وما زال العديد من قرى المناطق المجاورة لدمشق والأنهار فيها يحمل أسماء آرامية حتى وقتنا الحاضر.
وقد تعاقبت العهود المختلفة على دمشق فوقعت تحت السيطرة اليونانية والرومانية والبيزنطية وكلها تركت فيها آثاراً وشواهد كثيرة ففي العهد الروماني كانت دمشق أول المدن العشر (الديكابوليس) الأكثر أهمية وحصلت على الكثير من الرعاية والامتيازات وبخاصة في أيام أسرة القياصرة السوريين - أسرة سيفيروس - كما نبغ فيها أهم معمار عرفته الامبراطورية الرومانية وهو (أبولودور الدمشقي) الذي صمم عمود (تراجان) في روما والجسر العظيم على نهر الدانوب (ولا يزالان قائمين حتى اليوم) , ومن آثار هذا العهد في دمشق نجد بقايا مخطط المدينة الذي جعلها مستطيلة الشكل وفق الأسلوب الهندسي الروماني .
إلا أن دمشق لم تعرف مجدها الحقيقي إلا حين أصبحت عاصمة الدولة العربية الأولى أيام الأمويين عام 661م ، وبذلك بدأ عهدها الذهبي وأصبحت طوال قرن مركز إشعاع للدولة العربية الإسلامية الفتية التي بلغت آنذاك أقصى اتساعها إذ امتدت من شواطيء الأطلسي وجبال البيرينه غرباً إلى نهر الأندوس وتخوم الصين شرقاً, وقدم اهتم الأمويون بعمران المدينة وتنظيم أسواقها وأحيائها وغوطتها وترتيب طريقة إروائها وإقامة القصور والمشافي.
ولكن دمشق وبعد نهاية العصر الأموي راحت تمر بسلسلة من فترات الهبوط والصعود حسب الأيدي التي كانت تتقلب عليها فقد عرفت الكوارث والدمار كما عرفت الازدهار والعمران في عهود العباسيين والفاطميين والسلاجقة والأتابكة والأيوبيين والمماليك والعثمانيين والفرنسيين , وحين جاء عهد الاستقلال عام 1946 بدأت دمشق تستعيد مكانتها كمركز إشعاع قومي وحضاري في الوطن العربي حتى سميت بحق (قلب العروبة) وحين استلم قيادة سورية الرئيس حافظ الأسد عام 1970 انطلقت دمشق، كما سورية، في عملية تجديد واسعة ومعمقة تجلت في منجزات كثيرة في مجالات العمران والاقتصاد والثقافة والتنمية كما تجلت في المركز السياسي الهام الذي احتله اسم دمشق على الصعيدين العربي والدولي.
|
|
|
|
|