| مقـالات
(1 2 )
عرفت سمو الأميرة الدكتورة سارة بنت عبدالمحسن بن جلوي منذ سنوات قريبة، وأحببت فيها الكثير: أدبها الجم، تواضعها، هدوءها، حضورها المتميز، ثقافتها، دأبها المتواصل والإسهام الفاعل في الحركة الثقافية النسائية، وكذلك التعليمية.
وقبل عام اهدتني مجموعة من مؤلفاتها سعدت بانضمامها الى مجموعتي المكتبية، وكنت بين فينة واخرى اتابع القراءة فيها، فأزداد قناعة بشمولية ثقافة د, سارة وعمق ادراكها، وحسن تقديرها للأمور، وجميع ذلك تعكسه كلماتها الجادة الرصينة.
ومن بين مجموعة مؤلفاتها كتاب السطحية وغياب الهدف وهو مجموع محاضرات عامة قامت بإعدادها د, سارة والقتها في ازمنة وامكنة مختلفة بين الشارقة وشاتوشنون (في فرنسا) والدمام، والاحساء، والقصيم، ولعل اختلاف الامكنة يؤكد على دأب د,سارة ونشاطها.
ورغم ان موضوعات هذه المحاضرات متنوعة إلا انها كما تقول معدتها: لا تدور حول موضوعات مرتبط بعضها ببعض، مشكلة في النهاية قضية واحدة هامة هي قضية مسلمي هذا العصر فكانت كل محاضرة منها محاولة لإلقاء الضوء على جانب من جوانب هذه القضية، من خلال عرضها وطرح اشكالياتها، ثم اقتراح المناسبة لها، في محاولة جادة للإسهام في تقديم حلول ناجحة بقدر الجهد والطاقة لإصلاح الخلل الذي تمكن من حياة المسلمين، ومن ثم إخراجهم من حالة التيه والتبعية والتذبذات التي يغرقون فيها وهم لا يشعرون.
وقد استوقفتني واحدة من هذه المحاضرات فأعدت قراءتها مراراً إذ استهواني ماحوته من آراء جديدة وجرأة ووضوح في الطرح والمعالجة، وهي الموسومة بالسطحية وغياب الهدف فالعنوان جذاب، وكذا محتوى الموضوع، ويبدو ان د,سارة هي ايضاً كانت مشدودة لعنوان المحاضرة ولذا جعلته عنواناً للكتاب.
تقول د,سارة في مقدمة المحاضرة: كثر الحديث عن واقع الأمة المسلمة المأساوي، وتعددت وجهات النظر حول تحليل هذا الواقع، وأسبابه والعوامل المؤثرة فيه، فالبعض ينسبه الى عوامل خارجية لا يد للمسلمين أنفسهم فيها، والبعض الآخر يؤكد بأن السبب الأول والعلة الأصلية كامنة في المسلمين أنفسهم، وهذا الاتجاه الأخير يفترق في تحديده لتلك العوامل.
فمرة تنسب إلى الانهزامية النفسية, وأخرى إلى البعد عن الإسلام وثالثة إلى التكالب على الدنيا، ورابعة إلى التخلف العلمي والعجز التقاني وخامسة الى الاستبداد السياسي وانقسام الأمة على نفسها، وسادسة وسابعة، كل يحدد العوامل من منطلق رؤيته الشخصية لها، والواقع: ان الأزمة أشمل من ان تحصر بعامل واحد، أو تركز في سبب معين، بل هي مجموع تلك العوامل والاسباب الداخلية والخارجية جميعها وزيادة عليها.
ونحن نقول:
بأن مشكلة الأمة في حقيقتها تكمن في اعتلال فكرها وغياب عقلها وعدم وضوح منهجيتها او مسببات اخرى: عدم استيعابها للمنهاج الذي وضعه لها ربها، وفقدان غايتها، وجماع ذلك السطحية وغياب الهدف .
وسيتصل الحديث ان شاء الله في الأسبوع القادم.
|
|
|
|
|