| القوى العاملة
الأداء الوظيفي لمهام ومسؤوليات الوظيفة، كثيراً ما ينعكس على بيئة العمل,,, ويزداد ذلك كلما كان الأمر يتعلق بمن يتولى مسؤولية اشرافية!!
لقد تحدث عن هذا الجانب الاستاذ/ سليمان بن محمد الجريش الذي تناول جوانب مهمة في هذا الموضوع من خلال التقرير التالي: يرتبط الأداء الجيد في العمل بخصائص عديدة، لكن ارتباطها بالشخص نفسه يعد أهمها، فلكي يكون الموظف ناجحاً في عمله، لابد أن يكون ناجحاً في نفسه أولاً وقبل كل شيء.
وبما أن المسؤول في أي موقع اداري يعتبر موظفاً في الأصل، فإن نجاحه أو فشله تظهر آثاره على الجهاز الذي يعمل فيه، وهناك فرق شاسع بين النجاح والفشل، واذا كان النجاح هو المطلب فإن ذلك لا يتحقق بالأحلام، وإنما من خلال عدة جوانب يجب مراعاتها.
فالمسؤول الناجح هو الذي يحقق أهداف منصبه!!!
وهو الذي يدرك أن فعاليته تقاس بمدى ما يحققه من أهداف لهذا المنصب الذي يشغله، لأنه يعلم أن العبرة ليست بالمجهودات التي تبذل بقدر ماهي بالنتائج التي تحقق.
من هنا ينظرالناجح الى وظيفته على أنه عضو في فريق عمل متكامل، له دور لا يمكن تأديته بكفاءة إلا من خلال التعاون والتفاعل مع أدوار الآخرين.
الاداري الناجح هو الذي يخلق عمله، وهو الذي يصنعه، ومن ثم فهو يسعى الى تحقيق اهداف هذا المنصب، وبالتالي تكون مهمته شاقة، لأنه يدرك أن المقصود ليس فقط ما يجب أن يعمله وانما الأهم ما يجب أن يكون عليه.
ضمان نجاح المسؤول يتحقق من خلال القدرة على فهم الهدف بكل علم وبصيرة تجعله قادراً على رؤية النهاية في خدمة الصالح العام، وهذا لا يتحقق إلا من خلال التطوير والابتكار والابداع، وجعل اليوم أفضل من الأمس والغد أفضل من اليوم.
حينما تحدد مواصفات للمسؤول الناجح سواء قليلة أم كثيرة، فإن هذه الصفات ليست أساساً في قياس النجاح من عدمه، لأنها لا تضع النجاح كقالب محدد، وانما تضع حدوداً لما يمكن أن يكون عليه الناجح.
المسؤول الناجح هو الذي يهتم لعمله، ويعرف ما يريد، وكيف يحصل عليه دون أن يثير الآخرين.
الناجح هو الذي تكون لديه وجهة نظر دائماً، لأن تنفيذ الأنظمة دون ابداء رأي في جميع الحالات يكون عاملاً أساسياً في ازدياد المشكلات وتفاقمها، وهذا ما نلمسه واقعاً في بعض الأجهزة، فتجد المسؤول يغرق بمشكلات الجهاز دون أن يبحث عن الحلول لها، وقد تكون أسهل مما يتصور، لكن فقدان الرأي والمبادرة زاد تعقيدها وضخم حجمها، فأصبحت تصرفه عن مهامه الفعلية، والبحث عن حلول مؤقتة لمعالجتها.
المسؤول الناجح هو الذي يطلع دائماً على ما يستجد من معلومات تبين له آراء الآخرين، وتكسبه ثقافة عامة تخرجه من نطاقه الضيق، الى رحاب أوسع يجعله يشخص المواقف بدقة، ويعرف متطلباتها قبل اتخاذ أي قرار بشأنها لكيلا يكون عمله ارتجالياً أو انفعالياً متسرعاً.
إن جوانب النقص في بعض الأجهزة تتمثل في عدة صور، معظمها ناتجة من ضعف الاشراف، وإهمال المسؤولية، أو قصورها.
لاحظوا كيف يتدخل بعض المسؤولين في بعض المواقع في أعمال ليست من صميم الادارة، كأن يقوم بكتابة خطاب، أو إصلاح اعطال جهاز، أو توزيع أعمال أو نحو ذلك مما يدخل ضمن مسؤوليات الآخرين ممن هم تحت ادارته.
بعضهم يقوم بكل الادوار ولا يترك لمعاونيه مجالاً تظهر فيه ابداعاتهم، وإن تركهم يعملون قيدهم بمراجعته في كل صغيرة وكبيرة، الأمر الذي يحول أعمالهم إلى قراءة لأفكاره لتكييف العمل وفق ما يريد، واذا ما ظهر له سوء في التنفيذ، أو ملاحظة على الأداء رمى ذلك على ضعف العاملين معه، ولا يعلم أن ضعفهم هو المتسبب فيه!
لعلكم تدركون الأسباب التي تجعل بعض المشرفين لا يستطيع التمتع باجازته، أو الانشغال عن عمله ولو ليوم واحد، أنه المفهوم المعاكس للواقع بعدم وجود البديل والقناعة المترسبة بأن العمل لا يمكن أن يستغني عنه!!
حتى إن بعضهم عندما أقبل على سن التقاعد النظامي وتم ابلاغه من قبل الادارة المتخصصة قال بالحرف الواحد: سأقبل التقاعد لكنني لست مسؤولاً عن ضياع العمل!! فأي تفكير هذا؟!
إن واقع الأجهزة الحكومية وخصوصا الأجهزة التي لها علاقة بالخدمات تحتاج إلى مراجعة، واعادة تقييم لواقعها، بما يتناسب مع أهدافها التي وضعت من أجلها.
معالجة المشكلة تبدأ من الاعتراف بالواقع، لكي نتمكن من تصحيح الأخطاء ومعالجتها.
مشكلة بعض الاجهزة لدينا أنها ترفض النقد، ولا تود التطرق للجوانب السلبية فيها، رغم أنها هي التي أوجدتها أصلاً، واذا ما وجه اليها نقد انفعل المسؤول فيها، وشمر مدير العلاقات عن ساعديه بالدفاع واتهام الناقد بعدم تحري الدقة والموضوعية، والتأكيد على أن القافلة تسير، رغم الصراخ والعويل، وبعض الأجهزة تفضل الإهمال وعدم الرد على أي نقد مهما كان، والأمثلة على ذلك كثيرة.
إن وضع الانظمة في المملكة يعتبر متميزاً إذا ما قورن بانظمة قائمة في بعض الدول، لأنه يعتمد على التجديد المستمر، ويمنح جانب التطوير اهتماماً واسعاً ، حتى إن مجلس الوزراء أوصى بضرورة وضع ادارة في كل جهاز تعنى بالتطوير الاداري، وكذلك التدريب يلقى كل الاهتمام والدعم، وهناك وظائف معينة يتوقف التعيين فيها على تجاوز برامج التدريب المخصصة لها، وهذا يعني أن رفع معدل الأداء هو المطلب الأساسي، كما أن وسائل تحقيق الأهداف متيسرة من حيث وجودها كقواعد، وكثيراً ما تصدر تعليمات من المقام السامي بالتأكيد على الأجهزة بتحسين اداء خدماتها والاهتمام بمصالح المواطنين، ورغم ذلك لا يزال الأداء متواضعاً،لأن القصور يكمن في ضعف الاشراف، وعدم النظر إلى الحقيقة، وعلى رأس ذلك الحساسية من النقد، ولو ادركنا أن النقد هو الوسيلة المثلى لتحسين الواقع، وهو المجال المناسب والمهم في الرقابة لعالجنا الكثير من المشكلات التي نعاني منها، وقد تكون معاناتنا هذه نتيجة تراكماتها ليس إلا.
أخي المسؤول: إنها رسالة موجهة اليك في أي موقع تعمل فيه: دع الآخرين يعملون معك، واترك الناقد يقول رأيه، واستفد من نقده بدلاً من تبرير الخطأ.
أدرك وضعك بأنك بشر والبشر لابد أن يخطىء، وأن من يعمل سيقع في الخطأ ، والناجح من يستفيد من خطئه.
ابتعد عن الحساسية من النقد، واجعل عملك هو وسيلة الرد على المنتقدين، واعتذر اذا وجد خطأ، لأن ذلك فضيلة وليس نقصاً.
إنك في جهاز وضعته الدولة لخدمة المواطن، وهذا المواطن سيقف معك ويساعدك إذا ما أدرك أنك تعمل لصالحه.
ركز على الجانب الايجابي في الأداء، وعالج الأخطاء بكل موضوعية، واجعل نظرتك للآخرين نظرة تفاؤل.
فوّض بعض صلاحياتك لمعاونيك بشكل منظم ومدروس، لكي تزيد من نطاق اشرافك وتطوير الجهاز، والاستفادة من وقتك الثمين.
عليك ألا تنتظر الملاحظات حتى تقع، بل فكر فيها مقدماً واحرص على السعي الى تفاديها، من خلال التقارير الدورية، والاهتمام بالشكاوى والآراء المقدمة.
ادرك اهمية الرقابة على الأداء، واكشف جوانب النقص لإصلاحها.
انظر إلى من سبقك واستمع الى حكم الآخرين عليهم، وكيف ترمى اسباب النجاح والفشل عليهم، ثم استفد من هذا الواقع.
لا تخف من النقد دائماً فقد يكون وسيلة النجاح، كما لا تعتمد على الاطراء والثناء بصورة مطلقة فقد يكون سبباً في الفشل، بل احرص على تحقيق الهدف بأي منهما.
إن النقد هو الذي يشعر الآخرين بأنك تعمل، كما أن الخطأ يشعرك بأنك موجود.
وهذا هو المهم فالوجود هو سر الحياة.
|
|
|
|
|