| الاقتصادية
عاشت بلادنا في الفترة الاخيرة حالة من الاستنفار لمواجهة والحد من آثار حمى الوادي المتصدع الذي تسبب في خسائر بشرية ومادية كبيرة خاصة في منطقة جازان التي شهدت تسجيل اول حالة مرضية من هذا النوع ولقد شاهدنا على ارض الواقع جهودا مكثفة من قبل اصحاب المعالي وزراء الجهات المعنية للتخفيف من معاناة اهالي تلك المنطقة الغالية على الجميع وللحد من انتشار المرض الى مناطق المملكة الاخرى, كما ان الزيارة التفقدية الكريمة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني الى المنطقة تعتبر صورة معبرة عن طبيعة الاهتمام الرسمي الذي لقيته المنطقة واهاليها خلال هذه الفترة الحرجة التي يمكن وصفها بأنها فترة ازمة او محنة شاملة.
وعلىالرغم من ضخامة الجهود التي بذلت ولاتزال تبذل لمساعدة الاهالي على مواجهة الازمة الا ان السؤال الذي لا يزال بدون اجابة هو: كيف وصل هذا المرض الى منطقة جازان وما هي الاسباب التي ساهمت في سرعة انتشاره؟ أعتقد ان جميع وسائل الاعلام المختلفة قد تحدثت عن الكيفية المحتملة التي يمكن ان تصف كيفية وصول المرض الى المنطقة وبالتالي فان من المفترض ان نركز هنا على الاسباب التي ساهمت في سرعة انتشار المرض.
في البداية اشير الى التحقيق الصحفي الذي نشرته جريدة المدينة يوم الخميس الموافق 15/7/1412ه في الصفحة الخامسة عشرة من العدد رقم 13686 حيث يمكن من خلاله استنتاج اهم الاسباب التي تقف وراء انتشار هذا المرض وغيره من الامراض في المنطقة فقد تطرق بعض الاهالي الى الواقع التنموي الذي تعيشه المنطقة مبرزين اهم مقومات هذا الواقع في النقاط التالية:
1 النقص الحاد في الخدمات الرئيسية مثل الكهرباء والمياه النقية مما يضطر معه الاهالي الى الشرب من الاودية غير النقية والنوم في العراء عرضة للبعوض الناقل للامراض.
2 عدم قيام بعض الجهات الحكومية بواجبها مما ادى الى انعدام فرق الرش وانتشار المستنقعات والمياه الراكدة والذي بدوره يهيىء البيئة المناسبة لتكاثر البعوض ومصادر المرض الاخرى.
3 النقص الملحوظ في الخدمات الصحية حيث اشار احد المواطنين الى عدم وجود مراكز صحية في محيط سكنه وان اقرب مركز صحي يبعد اكثر من 30 كيلومتراً تقريبا.
4 رداءة البنية التحتية والعمرانية في المنطقة حيث لاحظنا من الصور التي اشتمل عليها التحقيق ان الاهالي يتخذون من العشش المكونة من سعف النخيل منازل لهم وهذه قد لا تكفي لحمايتهم من حرارة الشمس وصقيع الشتاء مما يجعلهم أكثر عرضة لتقبل الامراض.
واذا كنا بالطبع لا نعمم الملاحظات السابقة على كافة محافظات المنطقة فانها بالضرورة موجودة على الاقل في بعض المحافظات والقرى التابعة لمنطقة جازان الهامة من الناحية الجغرافية والاقتصادية ولعل التوجيه الكريم الذي اصدره سمو ولي العهد يحفظه الله بتشكيل لجنة عليا لتطوير المنطقة برئاسة صاحب السمو الملكي وزير الداخلية يحفظه الله واصحاب المعالي وزراء الوزارات المعنية خير دليل على النقص الملحوظ في مقومات التنمية الرئيسية في المنطقة ولكن السؤال الذي يتبادر الى الذهن هنا هو أين كانت الجهات الحكومية المعنية بتوفير تلك الخدمات قبل حدوث المشكلة؟ ثم لماذا تحرص الجهات المعنية على تركيز الجهود في المدن القريبة من المسؤول وتهمل تلك البعيدة عن الأعين؟ وهل نعي بالتحديد المشاكل الاقتصادية والسياسية والادارية والاجتماعية المترتبة على هذا الاتجاه التنموي الذي يقضي على القرى الصغيرة وينهك المدن الكبيرة؟ أسئلة عديدة ربما تحتاج الى الاجابة عليها في الوقت الحاضر قبل ان يزداد الامر تعقيدا وقبل ان تصبح مدننا الرئيسية مزدحمة وقرانا الصغيرة مهجورة.
إشارة: على الرغم من عدم قدرتنا على الحصول على خطة التنمية السابعة الا اننا نتمنى ان تكون قد اجابت على التساؤلات السابقة من خلال برنامج عملي يكفل عكس اتجاه الهجرة الى المدن ويقض على مشكلة التحضر التي نعاني منها كثيرا في الوقت الحاضر.
أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية
|
|
|
|
|