أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 17th October,2000العدد:10246الطبعةالاولـيالثلاثاء 20 ,رجب 1421

مقـالات

انحسار حمى الوادي المتصدع,, متى وكيف؟!
د,عبدالإله ساعاتي
الاهتمام الكبير الذي أولته القيادة الراشدة لأمر مرض حمى الوادي المتصدع منذ اللحظات الأولى لظهوره إنما يعكس مجدداً صورة مضيئة من صور الالتحام المشهود بين القيادة والشعب في هذا الوطن المعطاء,, كما يجسد يقظة القيادة السياسية ومواكبتها الفاعلة لمجريات الأحداث وحرصها البالغ على مصالح المواطنين وصحتهم وسلامتهم حيثما كانوا على امتداد هذه الارض الطيبة.
فالمليك المفدى يتابع الوضع الصحي الناجم عن ظهور مرض حمى الوادي المتصدع متابعة دقيقة منذ الوهلة الاولى لظهوره,, وسمو ولي العهد ظل متابعاً للوضع من خارج البلاد,, ثم يعود بزيارته التاريخية من فرنسا إلى جازان ويقول: صحتي ليست أغلى من صحة أهالي جازان ,, وسمو النائب الثاني يتابع متابعة حثيثة كل صغيرة وكبيرة حول هذا الأمر,, ثم يترأس سمو وزير الداخلية لجنة وزارية لتنمية جازان,, مما يدل على الاهتمام والأهمية التي تظهر من خلال رئاسة سموه لهذه اللجنة,, إنها بحق القيادة الحكيمة التي تنهض في استجابة واعية فور ظهور ما يمس مواطنيها في أمنهم وصحتهم وسلامتهم,, وهي بذلك نموذج للقيادة السياسية الأمثل.
وبذا فان القيادة السعودية التي قيضها المولى عز وجل لهذه البلاد الطيبة وشعبها الوفي,, إنما هي نعمة تضاف إلى نعمائه الكثيرة التي لا تحصى,.
**ومرض حمى الوادي المتصدع يسببه فيروس من فيروسات الحمى النزفية ويصيب المواشي من الضأن والماعز والبقر والجمال ثم ينتقل إلى الانسان بواسطة البعوض,, ولقد ظهر المرض في كينيا في واد يسمى الوادي المتصدع وذلك في عام 1912م ولم يشخص ويحدد إلا في عام 1931م, وينتشر في الاماكن التي يسودها الجو الرطب الممطر والذي تكثر فيه السدود والمستنقعات.
ولقد ظهر في مصر في عام 1977 ثم في عام 1993م حيث قتل المئات هناك,, كما ظهر في عدد من الدول الافريقية ومنها كينيا واوغندا وتنزانيا وتشاد ونيجيريا ومالي واثيوبيا والصومال والسودان وموزمبيق,.
ولقد ظهر المرض في منطقة جازان العزيزة علينا نتيجة لدخول مواشي مصابة بالمرض إلى هذه المنطقة,, ومن ثم انتقلت من الحيوان إلى الانسان عن طريق البعوض,, فالمواشي هي مخزون المرض والبعوض هو الناقل لهذا المرض,.
ولقد تسنى لي مشاهدة منطقة جازان من الجو بالطائرة المروحية,, وشاهدت ذلك الكم الكبير من البرك والمستنقعات التي تنتشر في المنطقة,, كما وقفنا عند سد وادي جازان وشاهدنا الوضع الذي بدت عليه المياه الآسنة عند ذلك السد الضخم,, فالمياه اصبحت مرتعاً خصباً لتكاثر البعوض والحشرات الاخرى,, ومنطلقاً لانتشار الامراض.
ومشينا على الأقدام فرأينا تكاثر البعوض على امتداد الاراضي الزراعية في العارضة والخوبة وكذلك في الدرب والطوال,, وفي جازان مناطق لا تتوفر بها خدمات الكهرباء فينام الناس فيها في العراء بحثاً عن الهواء في عتمة الظلام وحرارة المناخ,, وتبعاً يكونوا عرضة للدغات البعوض,.
والعارضة مركز انتشار المرض تقع أسفل جبل شاهق تنهمر منه مياه الامطار فور هطولها فتخلف البرك والمستنقعات وتوسع دائرة ماهو قائم منها أصلاً,.
**والمشكلة الصحية لازالت قائمة وأعداد المصابين تتوارد يوماً بعد آخر,, لتفرض سؤالاً عريضاً يثور في أذهان الناس ويتمثل في التالي: متى سوف ينحسر هذا الوباء وكيف؟!
والإجابة على هذا السؤال العريض تقتضي العودة إلى مسببات ظهوره وانتشاره,, فالسبب الاساسي يتمثل في ماشية مريضة تحمل فيروس هذا المرض دخلت البلاد,, وبالتالي فان الامر يقتضي اتخاذ اجراءات فورية تتمثل في الحظر التام على استيراد الماشية من افريقيا,, وهذا ماقامت به وزارة الزراعة,, ثم إحكام الحدود في وجه المواشي المتسللة إلى البلاد,.
أما القرار الأهم,, والذي استغرب من عدم اتخاذه وتنفيذه بصورة فورية وحاسمة حتى الآن,, وهو القضاء على جميع المواشي في منطقة جازان المريضة وغير المريضة,, لاسيما وان خادم الحرمين الشريفين قد امر بتعويض اصحاب المواشي.
**أما الجانب الآخر للقضاء على المرض فيتمثل في القضاء على ناقل المرض,, وهو البعوض الذي يحمل الدم الملوث إلى فترات زمنية قد تطول,.
ومكافحة هذا الناقل للمرض تقتضي إزالة مقومات انتشاره وتكاثره وهي البرك والمستنقعات والمياه الآسنة التي تنتشر في المنطقة,, إضافة إلى الرش بالمبيدات من الجو والارض معاً,, إلى جانب إزالة النفايات والحيوانات النافقة بسرعة فورية حتى لا تتسبب في انتقال المرض,.
وبذا فان انحسار مرض حمى الوادي المتصدع يتوقف على:
أولاً: قيام وزارة الزراعة بالقضاء على مخزون المرض وهي المواشي,, والرش الجوي للبعوض.
ثانياً: قيام وزارة الشئون البلدية والقروية بالقضاء على ناقل المرض وهو البعوض وازالة مقومات تكاثره المتمثلة في البرك والمستنقعات والنفايات,, وبدون ذلك فان الأمر سوف يظل على ماهو عليه!!.
** وحيث ان هناك مخاوف من ظهور أمراض وبائية اخرى ناتجة عن الحيوان شبيهة بمرض حمى الوادي المتصدع في انحاء متفرقة من العالم ,, وذلك كما اشار تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية لاسيما وان لا احد يضمن منع الامراض الوبائية تماماً كما أكد الدكتور فهد الربيعة,, فان الأمر يتطلب من وزارة الزراعة العمل من خلال خطة مدروسة وعاجلة على معالجة الاوضاع المتعلقة بالبيئة والثروة الحيوانية,, وذلك من خلال انشاء مراكز مخبرية تحليلية للحيوانات والطيور وتطوير المحاجر الحيوانية وإحكام الرقابة على دخول الحيوانات إلى البلاد,, كما يتطلب الأمر من وزارة الزراعة معالجة أوضاع السدود ليس في جازان فحسب بل في جميع المناطق التي تتواجد بها سدود,, ولاننسى في هذا الصدد أهمية تطوير الطب البيطري وتفعيل دوره,.
أما وزارة الشئون البلدية والقروية فان هناك الكثير من المدن تنتشر فيها مستنقعات ومياه آسنة وينتشر معها البعوض والحشرات,, وعلى هذه الوزارة ان تنطلق لإزالتها وفق برنامج زمني وخطة طوارىء عاجلة.
** أما وزارة الصحة,, فهي الوزارة الضحية وذلك كما وصفتها جريدة عكاظ في كلمتها المنشورة بالصفحة الاولى من عددها الصادر يوم الخميس 15 رجب 1421ه حيث قالت مانصه :أخطأت وسائل الاعلام ونحن في مقدمتها حين حملت وزارة الصحة كامل المسؤولية تجاه ماحدث في جازان,, وليس عيباً ان نعترف بأن خلطاً كبيراً قد وقعنا فيه جميعاً حين انصبت نظرتنا إلى النتائج التي أسفرت عنها حمى الوادي المتصدع ولم نبحث في الاسباب والظروف التي ساهمت في تعريض أبناء المنطقة لهذا الوباء, فهل تواجه وسائلنا الاعلامية هذه الحقيقة وتراجع سياساتها وإداراتها وطرق معالجاتها للقضايا الهامة .
ويكفي وزارة الصحة إشادة وزراء الصحة في (26) دولة في اجتماع اقليم شرق البحر المتوسط بالاجراءات الطبية التي قامت بها الوزارة للتصدي للمرض,, اضافة إلى إشادة خبراء مركز مكافحة الامراض الامريكي وخبراء منظمة الصحة العالمية.
وفق الله جهود جميع الجهات المعنية مجتمعة لمواجهة هذا المرض ومنع ظهور أي مرض جديد بإذنه تعالى.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved