أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 16th October,2000العدد:10245الطبعةالاولـيالأثنين 19 ,رجب 1421

عزيزتـي الجزيرة

باسم أطفال المملكة
من الكنعان الصغير إلى الدرّة الكبير,,!
أثناء مشاهدة الصور المفجعة لاستشهاد الطفل محمد جمال الدرة، بينما كان والده يحتضنه ليحميه من وابل رصاص الحقد اليهودي، نظرت بقلب الأب الى طفلي الصغير عبدالملك الذي كان يلهو بجواري والذي بدوره بادلني النظرة مع ابتسامة عابرة، غير ان في بريق عينيه جملة اسئلة تقف خلفها طوابير علامات الاستفهام عن سر ذلك الصمت المطبق الذي خيم على المكان وعن سبب الحزن الأسود الذي ارتسم على وجوهنا وحالة الوجوم التي انتابتني ووالدته ونحن نشاهد صور انتفاضة الأقصى ومأساة الطفل الدرة، وطفلي لا يعلم ان حرقة الأسى في نفوسنا سحقت ما بقي من رباطة جأشنا وان مرارة ألم الفاجعة أجهزت على حلاوة كل طعم، عندها لم يملك طفلي الا ان انطلق حابيا نحوي كأنه يريد أن يستطلع الخبر أو يفك طلاسم ذلك الصمت,, لذلك أمسكت به وجعلت أقلّب نظري في تقاطيع مُحياه الذي يشع بالبراءة وطهر الطفولة مثلما تذكرني ملامحه بطفلنا الدرة الذي اغتالته يد اليهود بأسلحة القتل الغربية.
لأجل هذا أطلقت خيول الأماني على مضمار الآهات بيني وبين صغيري وجعلت أحدثه بلغة النظرات المليئة بالعبرات المخنوقة بدموع ساخنة لأجل الدرة حتى رحت أساجل الأماني,, فوددت لو كان عبدالملك يفهم ما أقول لألقيت في قعر سمعه محاضرة مفصلة عن تاريخ اليهود البغيض,, أو يدرك الواقع السياسي لشرحت له وبالأرقام والتواريخ والوقائع أكذوبة ما يسمى بالسلام، لهذا لم أملك ازاء قلة الحيلة الا ان أهمس في أذن طفلي الصغيرة ولعلها تطيق حمل الحقيقة,, أي بني,, أخوك محمد الدرة قتلته يهود,, مثلما أصابت بالاعاقة زياد بركة وسارة ومحمد الصمس وسامي أبو جزر وغيرهم كثير,, يا بني لم يكن أخوك الدرة حماسيا حاول تفجير نفسه في ميادين اليهود وليته فعل حتى يقولوا قتلنا الارهابي,, ولم يكن فدائيا دوّخ عسكر اسرائيل وهز عرش أمنها,, بل لم يكن شابا رمى دوريات الغدر بحجر من مقلاع,, انما كان مثلك طفلا نبت مع أشجار الزيتون الفلسطينية,, نعم كان أخوك الدرة الكبير في عظمة استشهاده طفلا ذا الاثني عشر عاما,, ولكن يهود لا تعرف شيخا ولا ترحم طفلا,, نعم كان الدرة الشهيد طفلا مثلك يا صغيري,, غير ان الفارق بينكما كبير,, فأنت تهنأ أمنا بين يدي وتلهو حولي,, وأخوك الدرة وأطفال فلسطين عزّل على خط النار ضد اليهود الأنجاس,, حتى قضى الدرة نحبه في أحد شوارع غزة الأبية.
بعد ذلك,, استشعرت في ملامح طفلي شيئا من التغيير والسير في موجة الحال التي انتابتنا,, لذلك رحت أجمع بعض تعابير الفعل على وجهه الصغير,, التي كانت أشبه برسالة يبعثها الى أخيه محمد جمال الدرة الذي فارق الحياة خلاف أطفال العالم على نعش العزة في موكب الكرامة من أجل فلسطين,, رسالة تقول,, من الكنعان الصغير الى الدرة الكبير,, من عبدالملك الى محمد,, رأيت وقع استشهادك وتمنيت لو كنت مكانك,, أو كانت روحي فداك,, تمنيت لو كنت جنديا في ركابك,, أو كنت معتصما يلبي نداءك,, أو طوفانا جاء من الجزيرة يبتلع أعداءك,, تمنيت لو كنت حجرا في يمينك,, أو كنت مقلاعا في يسارك,, تمنيت لو كنت ساعتها بجوارك أذود عن حياضك,, أو كنت درعا واقيا لأدفع عنك رصاص قتلة أنبيائك,, ولكن هذه قلة حيلتي,, وما هذه الا الأماني,, فلا أملك الا أن أبعث لكل الأمة التهاني,, لشهادتك بيد الحاقد الجاني,, فأنت نبراسنا الحي عند ربه وغيرك الفاني,, يا درة الشهداء من القاصي الى الداني,, يا عزنا الذي سطر بالجهاد صدق المعاني,, وفضح سلامهم في العالم الأول والثاني,.
فإليك أبعث رسالتي مع الحمام,,.
فلا تبتأس بفعل اليهود أبناء الحرام,,.
فليلهم قصير وإن طال معه الظلام,,.
وصباح أمتي هتك ليل الانهزام,.
في موكب التوحيد وراية الاسلام,.
لأجل الأقصى وفلسطين وأهل الخيام,,.
فاليوم يوم البراءة من الاستسلام,.
يوم الحجر والمقلاع وصراخ النيام,,.
اليوم يومك يا بقية نسل القسام,.
فلن ننساك يا درة أطفال الاسلام,,.
فأنت رمز في واقعنا وطيف الاحلام,.
نعم لن ننساك,, هل ننسى قبس انتفاضة الأقصى,, هل ننسى من هز ضمير العالم الصنم,, وأيقظ مشاعر أمته ورفع عنها أغطية الذل,, هل ننسى من قلب طاولة الأحداث على رؤوس صانعيها,, لن ننساك ولن ننسى كل طفل فلسطيني كان وقود كرامة الأمة,, مثلما لن ننسى تلك الوجوه القبيحة لاعدائنا,, سواء من أطلق الرصاص أو من زود القاتلين,, هل ننساك بعد أن علمتنا درس الحقيقة بأن المقاومة خيار الشعوب الحرة وان الجهاد طريق هذه الأمة نحو مراتب العزة وبلوغ القمة، لن ننساك وفينا رمق,,، فلقد صار غذاؤنا كره اليهود وحرب اليهود، فهو الهواء الذي نستنشقه والحليب الذي نرضعه,, فعدونا واحد,, ومصيرنا واحد,, حتى يأتي أمر الله ونحن كذلك,, وكما قال والدي هذا ما كان والله المستعان.
محمد بن عيسى الكنعان

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved