| عزيزتـي الجزيرة
لقد شاءت الاقدار ان نرى شباباً في عمر الزهور، شباباً متعلماً مثقفاً يغطون في غياهب الهم، ويغوصون في اعماق اليأس، ويسكنون في صحراء القلق الجافة.
نعم: انني رأيت بعيني نماذج لهؤلاء الشباب الذين اصبحوا اسرى لمنازلهم، ورهائن لغرفهم، وحبيسين لعزلتهم، وليس لمرض عضال ألم بهم، بل لمرض اشد قسوة وأعنف ألا وهو مرض البطالة المزمن، هذا المرض الوبائي الذي امتدت جذوره في سائر انحاء الكرة الارضية عموماً، وفي بلادنا العربية على وجه الخصوص.
وهذا الوباء الخطير بدأت تظهر أعراضه واضحةً للعيان صغيراً وكبيراً، رجلاً وامرأة لانه قلما يوجد منزل لا توجد فيه حالة ان لم يكن اكثر.
انني أرى زهوراً وقد اعياها العطش، وكساها الاصفرار الباهت، وانهكها الانتظار وحطم طموحها فيروس الواسطة الوبائي، وحُمّى المجاملة المتصدعة.
كان هؤلاء الشباب بركاناً يتأجج، وطاقات مليئة بالنشاط والحيوية، ومعيناً لا ينضب، وحماساً متوقداً ليس له حدود,, الى ان اصطدموا بجدار الواقع المر المؤلم وأصبح لزاماً عليهم الانتظار حتى اشعار آخر.
نعم,, البطالة خطر يهدد شبابنا، ويقضي على طموحاتهم، يدمر مواهبهم، ويحطم اسوار عزيمتهم، ويثبط حماسهم الامحدود,, مما جعل شهادة الثانوية العامة لديهم شبحاً مرعباً,, مخيفاً، ودراكولا مزعجاً يؤرق مضاجعهم، وكوابيس لا تنفك عنهم صباح مساء,, لانهم استسلموا لمصيرهم الذي ينتظرهم، وأكدوا الحجز مسبقاً في قطار المتعطلين.
فيبدو الطلاب وكأنهم لا يريدون لهذه السنة ان تنفض لكيلا يدب في اجسادهم مرض البطالة المزمن، فالطالب اصبح بمجرد معرفته بنتيجته وخاصة في الثانوية العامة ما عليه الا معرفة اليوم وتحديد التاريخ ليحتفل سنوياً بيوم ميلاد البطالة لديه.
إذاً من الطبيعي ان نرى بوادر المرض النفسي تغرس جذورها في تربة هؤلاء الشباب وفي مركز شعورهم ولا شعورهم، لان هذا الشاب الخريج قد احس بأنه عالة على أهله وعلى مجتمعه وحتى على نفسه، ناهيك عن انه احس بنقص عن زملائه الذين توظفوا وظائف لا تكفي بالكاد متطلباتهم الشهرية,, قلق حيرة هم ارق شحوب يأس.
هذا هو حال درعنا المتين، وواجهتنا الحضارية، ومستقبلنا الواعد، ولبنة مجتمعنا, هذا هو حال شبابنا اليوم,, فهل نتركهم هكذا,, ام نقف صفاً واحداً, متحدي الايدي,, من قطاعات عامة وقطاعات خاصة لنقول ملء أشداقنا لا للبطالة يجب ان نبحث عن انسب الحلول والادوية لهذه العلة المزمنة,, هذه الدخيلة على مجتمعنا والتي كرهت حتى ذكر اسمها,, والتي من اسمها اظن انها ستبقى ضيفاً ثقيل الظل على مجتمعنا.
انها البطا,,,,,لة .
ام يكون هناك رأي آخر للقطاعين الحكومي والخاص؟والله من وراء القصد
مليح بن عياف الرويلي القريات
|
|
|
|
|