| محليــات
* الرياض عوض مانع القحطاني
تشارك المملكة العربية السعودية دول العالم الاحتفال باليوم العالمي للعصا البيضاء الذي يوافق 15 أكتوبر من كل عام 18 من شهر رجب 1421ه.
وبهذه المناسبة فان وزارة المعارف والهيئات والمصالح الحكومية ذات العلاقة والجمعيات والمعاهد الخاصة وأجهزة الاعلام والمرور والشرطة تحتفل بهذا اليوم ببث التوعية وارشاد المواطنين والمقيمين بكيفية مساعدة الكفيف في عبور الشوارع والميادين وكيفية مرافقته اذا طلب الكفيف ذلك وكذلك ارشاد قادة السيارات وخاصة سيارات الأجرة بالاهتمام بنقل الكفيف من مكان الى آخر وكذلك مراعاة كل من يحمل العصا البيضاء والتوقف عندما يكون مارا.
أيضا يتم توعية رجال المرور والشرطة بتقديم أي مساعدة للكفيف وتوصيله من مكان الى مكان آخر اذا كان يرغب في ذلك.
وقال معالي وزير المعارف الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الرشيد في تصريح لالجزيرة بأن العصا البيضاء ليست إلا رمزا، بينما المحتفى به حقا هو الكفيف صاحب تلك العصا، والذي استطاع بذكائه وشيء من التدريب أن يجعلها أداة تغنيه عن مرافق له في تنقلاته مثلما كان الحال في الماضي.
وقال د, الرشيد: اذا كان الكفيف اليوم يعتمد بعد الله على هذه العصا البيضاء في قضاء حوائجه وأعماله، فان هذا لا يعني استغناءه كلية عن مساعدة الآخرين، وهؤلاء يمكنهم أن يقدموا له تلك المساعدة بعد أن يأذن لهم، سواء في عبور الشارع، أو ايقاف سيارة الأجرة، أو غير ذلك مما قد يستشعره أحد المارة أو أحد قائدي السيارات داعيا معاليه جميع الاخوة القائمين على الاذاعات المدرسية والصحف الحائطية والمعلمين وجميع التربويين ان ينتهزوا هذه المناسبة ليقدموا بعض الدروس التوعوية، ولتكن تحت عنوان واجبنا نحو الكفيف ، أو تحت عنوان الكفيف وديننا الحنيف ، ويطلب من بعض الطلبة اعداد كلمات تلقى في هذه المناسبة عبر الاذاعات المدرسية، والبعض الآخر يعبرون عنها في دفاتر التعبير أو الصحف الحائطية مشيرا معاليه إلى انه لا ينبغي ان تمر هذه المناسبة دون استثمارها تربويا، ليس لأنها مناسبة تحظى باهتمام عالمي فقط، وانما لأن ديننا الحنيف يدعونا لأن نتعاون على البر والتقوى.
وقال الدكتور ناصر علي الموسى المشرف العام على التربية الخاصة بأن معالي وزير المعارف الدكتور محمد بن أحمد الرشيد قد وجه تعميما الى المدارس وذي العلاقة بأن تكون هذه المناسبة من أجل الكفيف,, وكما ان رجال المرور والطلبة سوف يسترشدون بهذا الرمز وهو العصا البيضاء لكي يقدموا أي خدمات قد يطلبها أي كفيف في الشارع أو في الميادين أو داخل المباني الحكومية,, فان المجتمع السعودي المسلم يستجيب هو أيضا لنداء الواجب فيساهم في مناقشة قضايا اخوانه المكفوفين والمعوقين، ويسعى الى دمجهم بين صفوفه, ان الاتحاد العالمي للمكفوفين عندما أقر هذا اليوم عام 1980م فانما هدف من وراء ذلك الى تذكير الناس لكي يهتموا بهذه الفئة ليس شفقة عليهم وانما التعامل معها بروح الندية والمشاركة الاجتماعية, فالعصا البيضاء رمز للكفيف المستقل الذي يعتمد على نفسه في حركته وقضاء حوائجه وأعماله,, فالكفيف اليوم ليس مثل كفيف الأمس,, انه مستقل بنفسه في الذهاب الى المدرسة والسوق والعمل,, إلا من تلك العصا البيضاء, وليس معنى ذلك ألا نساعد الكفيف اذا افتقد طريقه وسط زحام الميادين والشوارع أو نتركه ينتظر سيارة أجرة بل يجب أن يقف له سائق هذه السيارة ليسأله اذا كان يريد استخدام سيارة الاجرة أم لا.
وأضاف الموسى قائلا: ان قائدي السيارات عليهم مسؤولية أمام الله لا تقل عنها مسؤولية رجال المرور وكل مواطن يلمح كفيفا ويستشعر حاجته الى المساعدة، على ألا يبادر بها قبل أن يأذن له الكفيف، فسلوكنا الانساني والأدبي تجاه الكفيف هو سلوك يحثنا عليه ديننا الاسلامي الحنيف منوها بالدعم المتواصل من لدن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني يرعاهم الله لجميع المكفوفين ليس في المملكة وحسب، وانما في جميع أنحاء العالم الاسلامي.
مشيرا الى ان العصا البيضاء ليست مجرد عصا يمسكها الكفيف كيفما اتفق وانما اصبحت أساسا مادة تدرس في الصفوف الأولى في معاهد النور يتم فيها تدريس فن التوجه والحركة للطلبة المكفوفين، كما أصبح هناك تخصص قائم بذاته على مستوى الدراسات الجامعية، بل وحتى على مستوى الماجستير والدكتوراه للبحث في فن التوجه والحركة للكفيف.
كما تحدث اللواء عبدالله بن سعد الشهراني مدير شرطة منطقة الرياض في تصريح خاص لالجزيرة فقال: انني بهذه المناسبة أحيي اخواني المكفوفين الذين استطاعوا قهر اعاقتهم وأصبحوا من كبار الاداريين وأساتذة الجامعات والأئمة والمعلمين والموظفين في كل مجال، لقد أصبح الكفيف السعودي فخرا لهذا الوطن بعد أن أصبح له كيانه ومؤهلاته حيث وفّرت الدولة الرشيدة لهذه الفئة ولجميع فئات المعوقين التعليم والتأهيل.
وقال اللواء الشهراني: ان أخلاقيات الأمم السمحة والجوانب الانسانية المعينة تتطلب مساعدة المكفوفين وجميع فئات الاعاقة الأخرى، والأخذ بأيديهم والوقوف الى جانبهم والحفاظ على أمنهم وحياتهم واذا كانت دول العالم قد اختصت يوم 15 أكتوبر من كل عام وجعلته يوما عالميا للعصا البيضاء فاننا مطالبون أن نكون أول من يحمل هذا الشعار انطلاقا من الشمائل الكريمة والخصال الحميدة والأفعال النبيلة التي توارثناها من أسلافنا الأوائل، وقد حملوا مشعل الحضارة في كل مجال.
موضحا في هذا الصدد بالقول: اذا كانت مهام رجال الأمن تتعلق أساسا بالقيام بأعمال الحفاظ على الأمن والطمأنينة، فان هناك جوانب انسانية أيضا تناط بهؤلاء الرجال، يدفعه الى أدائها عن طيب خاطر وأخلاقيات النخوة والأصالة والتفاني التي يتمتع بها رجل الأمن في بلادنا، وتتمثل هذه المبادرات الانسانية في مد يد العون والمساعدة لكل من تتطلب ظروفه الوقوف الى جانبه وأن عبور أخ كفيف للشارع مثلا أمر يستوجب أن يندفع رجل الدوريات الذي يلمحه الى اتاحة الفرصة له ليعبر بأمان، وهذا أيضا واجب كل مواطن فينا أن يكون الى جانب أخيه الكفيف وان يهيئ له الفرصة للوصول الى غايته دونما عائق أو أذى يحلق به لا قدر الله، عملا بالحديث الشريف: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا .
واختتم اللواء الشهراني تصريح مناشدا رجال الأمن الشد على أيدي الاخوة المكفوفين، ونؤكد ان رجل الأمن في كل موقع، لن يتوانى عن الوقوف الى جانبهم ومساعدتهم لأن الجوانب الانسانية في العمل الأمني لا تقل أهمية عن التجاوب للطلب في الميادين الأخرى, ولأننا بتعاليم ديننا الاسلامي الحنيف أكثر تأهيلا لأن نتبنى هذه الدعوة الكريمة لرعاية الأشقاء المكفوفين مهيبا برجال الأمن في كل موقع أن يكونوا عونا وسندا لاخوانهم المكفوفين في كل وقت مدفوعين بكل الحماس وطيب الخاطر، والنفس الطيبة الى ما يحقق لهم السكينة والأمن أثناء تحركاتهم أو سعيهم في أي مكان، ان الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
العصا البيضاء: الأداة والرمز
من جانبه قال الدكتور صالح ابراهيم المهنا مدير ادارة الاعاقة البصرية لقد بدأت العصا البيضاء كأداة يستخدمها فاقد البصر ليتعرف بها على صلاحية الطريق قبل ان يضع فيه قدمه, لقد تطور أسلوب استخدامها كما تطورت طريقة تصنيعها حتى أصبحت في هذا العصر تصنع من مواد مختلفة وبمواصفات متنوعة.
أما أساليب استعمالها فقد أصبحت مرتبة ومبوبة حسب الحاجة والمكان الذي تستعمل فيه,, الخ, فطريقة استخدامها في الطريق المستمر تختلف عن تلك الطريقة عند صعود الدرج أو عند نزولها.
حيث أصبحت العصا البيضاء رمزا مهما في حياة فاقدي البصر خاصة في الدول التي قطعت شوطا كبيرا في تنظيم أساليب الحياة لتجعلها متكافئة الفرص أمام جميع أبنائها.
ففي تلك الدول أصبحت العصا البيضاء بجانب كونها أداة فعالة بين يدي فاقد البصر رمزا لاستقلاليته يعطيه حق استخدام الطريق على قدم المساواة مع غيره من الأسوياء وكذلك تعطيه حق الحصول على العمل الذي من خلاله يكتسب رزقه ومن خلاله يؤدي واجبه كعضو فعال في المجتمع له ما للآخرين وعليه ما عليهم، بدل ان يكون في موضع الشفقة وتلقي الاحسان وعدم الانتاجية أو محدوديتها.
من عصا أغصان الأشجار إلى عصا الليزر
على مر القرون كان الكفيف يستخدم العصا من غصون وفروع الأشجار للاستدلال بها على طريقه واكتشاف العقبات والحجارة أمامه أو تحت قدميه, ثم حل بالعصا التهذيب الى أن تم في القرن الثامن عشر تصنيع العصا البيضاء وهي عبارة عن مواسير من الألمنيوم المفرغ باضافة بعض المعادن بحيث تصبع العصا حساسة في يد الكفيف.
وعن طريق العصا التي اكتسبت اللون الأبيض أصبح الكفيف يعتمد عليها بعد الله في تنقله, وفي أحيان كثيرة تطلى العصا البيضاء بمادة فسفورية لرؤيتها في الظلام وتحديد موقع الكفيف الذي يتكئ عليها.
وفي العقدين الأخيرين ساهمت التقنية الحديثة في صناعة عصا تعمل بأشعة الليزر وانتجتها شركة نورين الأمريكية وذلك لمساعدة المكفوفين على السير والحركة واكتشاف الحواجز والعقبات.
وقد تم البدء في استخدام الأجهزة التي تعمل بأشعة الليزر لمساعدة المكفوفين على المشي والحركة واكتشاف العقبات التي في طريقهم منذ بداية السبعينات, وعصا الليزر شبيهة الى حد كبير بالعصا الطويلة البيضاء العادية من حيث الشكل حيث تقوم بمسح الفضاء أمام الشخص أثناء تحريك العصا لليمين واليسار.
وفي حالة ظهور أي عقبة في الطريق أمام الشخص الكفيف وحتى مسافة 12 قدما فان حزمة الليزر تصطدم بهذه العقبة وترتد حيث تستقبلها عدسة الاستقبال المركبة في مقدم العصا، وتحولها الى جهاز الكتروني صغير مركب داخل العصا يعمل على تحويل الأشعة الضوئية المرتدة الى نغمة صوتية مميزة, فنغمة منها للتحذير من العقبات المنخفضة ونغمة ثانية لتمييز العقبات التي تبرز في المواجهة على ارتفاع مستوى البطن, والنغمة الثالثة تحذر من العقبات العليا المعلقة التي قد تصيب منطقة الصدر والرأس مثل فروع الأشجار وما في حكمها.
وكل ذلك ينبه الكفيف ويحذره فيتجنب أي عقبة حسب نغمة التحذير التي يميزها بوضوح.
إقرار هذا اليوم
تقرر أن يكون يوم 15 أكتوبر من كل عام يوما عالميا للعصا البيضاء باعتبارها العلامة المميزة للكفيف، وقد جاء ذلك بناء على توجيه من المجلس العالمي للمكفوفين حيث أصدرت هيئة الأمم المتحدة بيانا بأن يكون يوم 15 أكتوبر من كل عام يوما عالميا للعصا البيضاء، وقد اقر الاتحاد العالمي للمكفوفين الذي تأسس في عام 1984م هذا الاجراء الحميد,, ذلك انه عن طريق العصا البيضاء يعرف كل انسان سواء كان يقود سيارته أو يسير راجلا في الشارع، يعرف ان الذي يمسك بالعصا البيضاء كفيف يحتاج الى المساعدة في أن يعبر بأمان من مكان الى مكان آخر.
نص بيان الاتحاد العالمي للمكفوفين
ثمة اعتراف على الصعيد العالمي بأن العصا البيضاء رمز الانجاز والاستقلالية للمعوقين بصريا، فهي المعين على تبين الطريق وعلى الحركة والتنقل، باعتبارها أداة حساسة للاعلام عن حاملها، لا بقصد اثارة الشفقة عليه بل بقصد اكتشاف العقبات والمتغيرات في المحيط الذي يتحرك فيه، فهي تؤشر على المألوف وتحذر من المفاجآت، كما تذكرنا بأن نمارس أبسط الآداب والذوق العام في تعاملنا مع الكفيف، بتقديم المساعدة ما طلبت أو بتأمين المرور الآمن له واعطائه حق الطريق سواء كنا راكبين أو مترجلين، حتى يتسنى له الانتقال دون عائق.
واننا نستحث المواطنين في كل بلد على اعتبار يوم 15 أكتوبر من كل عام اليوم العالمي للعصا البيضاء، بل ونشجعهم على زيادة معرفتهم وتفهمهم لحقوق واحتياجات المعوقين بصريا حيثما كانوا,ونهيب بهم على وجه الخصوص ان يتعرفوا على رسالة العصا البيضاء وأن يعطوا مستخدميها المزيد من الاهتمام والعناية لتأمين سلامتهم وثقتهم في أنفسهم وراحة بالهم, وعلى مؤسسات المكفوفين وروابطهم ان تستثمر هذه الفرصة في المزيد من تعليم الراكبين والمشاة ان يحيطوا العصا البيضاء ومن يستعملها بالاحترام والتقدير.
|
|
|
|
|