| مقـالات
القصف الذي قامت به القوات الإسرائيلية من البحر والجو ليس بمستغرب على مثل هؤلاء الناس فليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة عندما يقوم اليهود بارتكاب جرائمهم ومذابحهم على مرأى ومسمع من العالم أجمع وبمباركته أحياناً, في المناظرة التي أجرتها القناة الأمريكية أي بي سي بين اليهود والفلسطينيين مؤخراً يتضح بجاحة اليهود ووقاحتهم في التفاوض وفي الحديث حول شيء لا يملكونه وإنما اغتصبوه بقوة السلاح وبالخداع وبمساعدة دول العالم الكبرى, فقد تحدثوا بمنطق من يملك القوة ومن يملك السلاح ومن يملك تأييد العالم, في المقابل يتضح ضعف موقف المفاوضين الفلسطينيين فلا قوة ولاسلاح ولادعم عالمي ولاظهر قوي يحميهم مما يواجهونه, فبينما كان صائب عريقات يناشد مناظريه بوقف القتال والانسحاب من المناطق الفلسطينية ويذكرهم أنه يجب عليهم ان يتفاوضوا ويتحادثوا وانه لا خيار لهم سوى ذلك وأن قدرهم ان يعملوا سوياً ويعيشوا معاً، نجد الطرف الآخر يضع اللوم على الفلسطينيين ويطالبهم بوقف العنف وكأن لديهم جيشاً وطائرات وصواريخ ودبابات, لا يوجد منطق في حوار الإسرائيليين ولا نظريات ولا فلسفات ولا إجراءات عمليه سوى التسلط والقهر الذي يمارسونه من منطق الدولة التي تمتلك كل وسائل التقنيات العسكرية والقوة البشرية المدربة مقابل مجموعة ضعيفة من اصحاب الأرض الحقيقيين لا يملكون سوى الحجارة والكلمات, فعلاً نشعر بالشفقة حينما نرى المواقف الفلسطينية والشعب الفلسطيني الذي يريد الاستقرار آمناً ولا يستطيع الحصول عليه بعد أن أعطى الكثير والكثير من التنازلات, مشاعرنا وأحاسيسنا مع اخواننا الفلسطينيين فأعانهم الله على ماهم به.
الذي حدث يدل على أن الدوله الفلسطينية حتى وإن أعلنت لا تستطيع حماية نفسها فهي محاصرة من جميع الجوانب, ومجرد الإعلان عن قيام الدولة لايجعلها دولة فعلية فالدولة الحقيقية تحتاج لمقومات الدولة الرئيسية من مصادر مالية واقتصادية وجيش يحميها وحرية سياسية وإدارية واعتراف واحترام دولي فأي دولة هذه التي يقطع عنها الماء والكهرباء والهاتف والغاز ويجعلها مشلولة وذلك كلما رأت القيادة الإسرائيلية ذلك او حدث مايثير غضبها, لذلك فإنه يجب التعامل مع الإسرائيليين بنفس المنطق ونفس الاسلوب فقد رأينا القصف العشوائي لمناطق السلطة الفلسطينية وذلك بسبب قتل ثلاثة من اليهود, لماذا اتجه اربعة جنود إسرائيليين للمناطق الفلسطينية ومعهم أسلحتهم وقنابلهم وقيل أنهم ضلوا فكيف يضل أربعة جنود اشتركوا في مواجهة الشعب الفلسطيني الأعزل وأراقوا دماءه ويتجهوا إلى المناطق العربية وبالقرب من مواقع السلطة الفلسطينية، وكيف يأتي الرد الإسرائيلي سريعاً ويركز القصف على مواقع السلطة الفلسطينية جواً وبحراً وبراً, ألا يمكن أن تكون جميع هذه الاحداث مدبرة وذريعة يتخذها اليهود لتأديب السلطة الفلسطينية لأنها لم تفعل ما أرادوه مرة واحدة.
ويخرج الرئيس الامريكي على شاشات التلفاز ويشجب مقتل ثلاثة من الجنود الاسرائيليين بكل أسى سبحان الله قتل مائة شاب وطفل فلسطيني عمداً وبالبنادق الإسرائيلية وأمام أعين العالم ولم يشجب ذلك الرئيس الأمريكي وكأن الذين يقتلون وتهدر دماؤهم ليسوا بشراً وفعلاً فهم ليسوا بشراً في عيون الرئيس الامريكي لأنهم ليسوا يهوداً, أما الطفل الذي مات فقد اعرب الرئيس الامريكي عن اسفه لموته في حادثة تبادل إطلاق النار.
عجيب هذا الأمر أي تبادل لإطلاق النار والطفل وأبوه يحاولان الاحتماء حول نتوء صغير في جدار ولكن يبدو أن الرئيس الامريكي يعتبر ان صيحات الاستغاثة والاستنجاد الصادرة من الطفل وأبيه ونظرات الخوف والهلع التي بدت على وجهيهما بمثابة الرصاصات التي يطلقانها على الجنود الإسرائيليين لذلك فهما يستحقان إطلاق النار عليهما.
محطة التلفزيون الأمريكية سي إن إن تقلب الحقائق بشكل مزعج وتجعل الحق باطلاً والباطل حقاً فانحيازها الواضح والمعلن لليهود ودولتهم الباطلة يجعل المشاهد ينزعج ويصعق وهو يرى كيف يتحول الظلم إلى عدل والجور إلى حق والقتل إلى دفاع عن النفس, فقد وصفوا الفلسطينيين الغاضبين الذين قتلوا اثنين من الجنود الإسرائيليين بالغوغاء أو الرعاع وهذا على مشاهد القصف الجوي والبحري الإسرائيلي وتناسوا مقتل المئات من الفلسطينيين وآلاف الجرحى والمآسي والفواجع التي يتسبب فيها اليهود كل يوم وليلة, ويظهر مذيع هذه المحطة وهو يعلن ويتحدث عن مقتل هذين الاثنين وملامح الحزن والأسى تغطي وجهه وكأنه فقد عزيزاً لديه, مساكين يا أحبابنا الفلسطينيين فلا قيمة لدمكم وأرواحكم في عالم اليوم المتقدم.
ويصبح مايسمى بالسلام كلاماً غير منطقي أو من ضرب الخيال في ظل هذه الأحداث وقد ردت ما يسمى بإسرائيل على القمة العربية المنتظره قبل أن تبدأ وحسبنا الله ونعم الوكيل.
|
|
|
|
|