| مقـالات
ها نحن بكل الحب والسعادة نعيش عاماً دراسياً جديداً، والكل يتطلع فيه للجد والسعي الدؤوب لتقديم عمل متميز ومبدع سواء من قبل المعلم أو من جانب الطالب أو عن طريق حرص وحفز ودعم أولي الأمر من آباء وقادة المجتمع ومسؤولي الإدارة التربوية, وبودنا أن نتناول دور هؤلاء جميعا، غير أننا في هذا المقال سوف نركز على دور المعلم وهو عصب العملية التعليمية فهو يؤدي دوره التربوي وفقاً لتوجهات قيمية ومهارات فنية وقدرات معرفية وامكانات علمية اكتسبها بالتعلم الهادف والتأهيل المتخصص والتدريب المتوالي.
ولذا يحق القول أن المعلم مثل وقدوة ونموذج للطالب يحتذى به, فإذا لم يتسم بهذه الخصائص فلن يحقق اهداف العملية التربوية وما يتوقعه المجتمع منها.
والمعلم الواعي المعايش للتطور العلمي والتكنولوجي والمعلوماتي هو بحق المعلم الذي نريده دعما للتقدم الذي احرزته المملكة في نظم التعليم المختلفة التي تحرص على خير الانسان وتزكية الروح وتنمية العقل، والمجتمع يتوقع من هذا المعلم ومن سلوك الدور ان يمارس إدارة العملية التعليمية من خلال وعيه بخصائص طلابه ومطالب المرحلة السنية التي يمرون بها واحتياجهم لمن يصغي إليهم ويستمع لوجهة نظرهم دون سخط او تعنت, لأن المعلم الناجح متواضع وودود ورحيم فهو يقوم بدور الأب والقائد والمرشد والموجه للطلاب، ليس متعاليا عليهم أو صلبا في التعامل معهم او متعصبا لرأيه، يضيق بأي استفسار أو سؤال، أو متجهماً دائما في علاقته بهم مما يحول دون الاخذ والعطاء.
إن العلاقة المتبادلة بين طرفي عملية التعلم (المعلم والمتعلم) ليست مجرد علاقة مرسل ومستقبل، بل هي علاقة تفاعل دينامي قائم على الوعي والحوار الهادف والتغذية الراجعة من رضا وقبول وتواصل فكري.
والمعلم حينئذ مستمع جيد متى يمكنه ان يتناول طرف الحديث بمهارة ليوضح كل كبيرة وصغيرة في ثقة وصدق وتفتح, فالطالب حين يسأل فهو يسأل بلهفة الرغبة في المعرفة، وعلى المعلم ان يجيب في وضوح وشفافية، وبحسه الإنساني يستطيع ان يزيل من الطالب القلق والخوف، كما يستطيع ان يخضع المواقف للسيطرة الحكيمة.
وكم نرى ان مهمة المعلم ليست قاصرة على ادارته لقاعة الفصل بل تتعداها للمناشط اللاصفية التي تهتم برعاية الطلاب فنياً وأدبياً وصحياً ورياضياً خاصة وانه ثمة اعتمادات كبيرة مخصصة لهذا الغرض تعتمدها الدولة في خططها الوطنية لدعم قطاع التعليم وتطويره والنهوض به.
إن الاهتمام بالطلاب اهتمام بالمستقبل فهم ركيزة التنمية وهم أمل الوطن في تحمل مسؤولية التقدم والرقي في كافة المجالات.
وهؤلاء الطلاب هم الذين سينتقلون بمجتمعنا السعودي العملاق إلى تلك الألفية الجديدة بكل متطلباتها الحضارية والعلمية مما يتطلب ان يكون المعلم على مستوى مسؤولية التأهيل والاعداد، ونموذجاً في السلوك والقيم الاسلامية الحميدة التي تزاوج بين الدين والعلم خاصة وان الدولة من جانبها لم تتوان في الانفاق على قطاع التعليم، ولا على تأهيل واعداد المعلم ومده بكل ما يلزمه من تكنولوجيا التعليم التي تتوافق مع التسريع في التحولات الثقافية وتوسيع دائرتها.
ولنا ان نفخر بأن المعلم السعودي مزود أصلاً بحكم تربيته المتوافقة وتنميته العلمية والسلوكية وحضارته العظيمة بقيم وابداعات فائقة تمكنه من الاداء المتطور، والانطلاق من قاعدة المعارف الفنية والعلمية والمهارية ليساهم في انتاج علماء مزودين بالموروث الثقافي عبر مسافات الحضارة العربية الاصيلة، ومزودين كذلك بقوة التكنولوجيا الحديثة فائقة التقدم, وهذان المحوران: الموروث الثقافي، والتكنولوجي الحديث هما مدار العملية التعليمية.
وهذا يفرض على المعلم ان يكون نسقاً ثقافياً تكنولوجيا في حد ذاته بحيث ينعكس تأثيراً وتحويلا في شخصية طلابه بحيث يبدع في تشكلها على نحو جديد ليحتل هؤلاء الطلاب بعد تخرجهم مكانة متميزة في ميادين الانتاج المختلفة بأداء مبدع ومتطور.
هكذا يتوجب على المعلم الا ينأى بفكره واتجاهاته بعيدا عن مسرى العصر ومستجداته ومتغيراته.
وطالما ان امكانات العملية التعليمية متوافرة فإن الفارق بين طالب ناجح وطالب فاشل هو وجود معلم جيد او معلم رديء.
|
|
|
|
|