أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 15th October,2000العدد:10244الطبعةالاولـيالأحد 18 ,رجب 1421

مقـالات

شارون يلبسُ طاقية الإخفاء
إنني أرى أن زيارة شارون لم تكن مثمرة، ولكنكم تفعِّلونها، وتجعلونها سبباً فيما حدث ، بهذه العبارة المركزة، ذات الدلالات المتسعة تجيب ذات الحيف والاستبداد السيدة أولبرايت عن مغزى الزيارة الشرارة التي قام بها اليهودي الليكودي شارون إلى المسجد الاقصى!!.
وأنا لن أناقش هذا الرد البارد حول قضايا حارة، ولن أعتب على سيدة الدبلوماسية الأمريكية، فقد كفاني الكثيرون ملل العتب، ولعلي أُذكِّر القارئ بمشهد طريف جسَّده غانم السليطي في احدى فكاهياته الرمضانية!!.
لكنني سأحاول استكناه المغزى من الزيارة الشارونية وفق المنطق الأولبرايتي، فلعل السيدة تريدنا ان نعتقد معها أن شارون خرج من منزله إلى زيارة المسجد الأقصى، وقد عقد العزم على أن يقدم للعالم جميعاً، ولهؤلاء الفلسطينيين خصوصاً مثالاً حياً على التعايش السلمي والحوار الحضاري المُخَلَّص من أدران العصبية، وأورام العنصرية العرقية البغيضة، أو لعلها تريد إخبارنا أن شارون ذهب إلى المسجد الأقصى كي يتفقد حاله، ويرى بنايته، ويحددَ ما يحتاج إلى صيانة عاجلة، وما يحتاج إلى إعمار سريع، وأن ما يقال عن سعيه الحثيث في هدم الأقصى لا يقوله إلا أعداء السلام من متطرفين لا يريدون لعجلة الوئام أن تدور، ولا لقطاره أن يصل!!.
وإحساناً بالظن في أولبرايت، فلعلي لم أدرك ما أدركته ببصيرتها النيرة، وهو ذلك الهدف الإنساني القيم من هذه الزيارة، فلعل شارون كان يحمل غصناً من زيتون ويداعب حمامة بيضاء، وهو يسير بين جموع المصلين، يوزع الابتسامات الإنسانية والدعوات الصادقة أن يديم عليهم الرحمنُ أمنه وأمانه، ويحفظ عليهم صلواتهم، وأن ما يقال عن استفزازه المقيت، وعن تدنيسه للحرم الشريف ما هو إلا محض افتراء لا يطلقه إلا مريض بداء الحقد، عنده مناعة كبرى ضد السلام!!, وإحساناً بالظن أكثر، فلعل أولبرايت علمت من مصادرها التي لا تَخُرُّ ماءً أنَّ شارون المظلوم ذهب إلى المسجد الأقصى كي يتعرف على هؤلاء الفلسطينيين المسلمين، وعلى منهجهم، وعلى إسلامهم، فهو باحث عن الحق، وعن الحكمة، ولعله يجدها بين أجساد الركع السجود، وهو إذ ذاك طالب خير لا يجب أن تفعل زيارته تفعيلاً خاطئاً!!.
لعل أولبرايت حين قالت قولتها تعرف ان شارون المسكين لم يذهب إلى الاقصى مثيراً للفتنة، أو محرضاً على الاضطهاد كما تصور وسائل الإعلام العربية، إنما ذهب المسكين يبحث عن أحد مفقوداته الثمينة، فلربما فقد نسخته المحرَّفة من التوراة، أو جواز سفره، أو مجموعة مفاتيح بيته الذي ابتناه في المستوطنة آسف الحي الراقي الذي يسكن فيه، وبالطبع فإن أولبرايت ليست في فسحة من الأمر تسمح لها بالافاضة عن أسباب قَصره البحث عن مفقوداته في الأقصى فقط، مع أننا نطالب ان يتسع صدرها الحنون لذلك، لأننا نلحظ عبر الزمن الممتد للازمة الفلسطينية ان كل مُضَيَّع تدَّعيه الصهيونية العالمية لا يمكن العثور عليه إلا تحت جنبات الأقصى، وما هيكل سليمان ببعيد، فليتها تمنحنا القليل من وقتها الجليل!!.
وقد تكون أولبرايت ترى ان شارون حين زار المسجد الاقصى لم يشاهدهُ أحدٌ من المصلين، فقد كان يلبس طاقية الإخفاء، أو أنه دهن جسده بالحبر السري، وحينئذ فهو لم يضايق أحداً، فما الموجبُ لهذه الثورة، وما المحرض لهذا الانفعال الذي لا حدود له؟! وعلى فرض أن شارون فعل الأفاعيل التي لا ترضي هؤلاء العرب المسلمين فما الضير إذ لم يره أحد!!.
إن تفكيري لا يستطيع جمع الاحتمالات التي ترمي إليها أولبرايت، ولا يستطيع التنبؤ بالمغزى الحقيقي من هذه الزيارة المفاجئة للأقصى المبارك، أو هكذا تظن السيدة، لأنها لا تخرج عن إطار ذلك اليهودي ذي السحنة الباردة، والملامح الجامدة الذي نفخ وقال: العرب أمة منحطة، قذرة، وهي مجموعة من الرعاع لا تحسن إلا القتل والنهب ,
والشيء الذي أفهمه ان السيدة أولبرايت غارقة في بحر الحيف والظلم والميل والهوى، وأن الفلسطينيين المسلمين لا يقفون عند عتبة بابها ينتظرون تفسيرها لزيارة الأفَّاق شارون، إنهم الآن يشرحون لها السبب الرئيس، والغاية الحقيقية بلغة لا تستعصي على الفهم، ولا تتأبى على الإدراك، إنها لغة الإيمان والجهاد، وحديث المقاومة الكبرى، إن الفلسطينيين الآن يزيلون الحبر السري من على جسد شارون المتسخ، وينزعون طاقية الإخفاء المزعومة من رأسه المتورمة.
عبدالملك بن عبدالعزيز آل الشيخ
أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved