| متابعة
*
* القدس ق,ن,أ د,ب,أ
أظهرت انتفاضة الأقصى التي دخلت اسبوعها الثالث مدى ارتفاع الحائط المسدود الذي اعترض مسار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في كامب ديفيد في شهر اغسطس الماضي وأدى إلى فشلها وظل الهاجس الذي يؤرق أطرافها ومازال حتى الآن.
وقد جاء حجم رد الفعل العربي والإسلامي المستنكر للمجزرة الإسرائيلية الدائرة ضد المواطنين الفلسطينيين وسقوط عشرات الشهداء وآلاف الجرحى منذ زيارة اريل شارون زعيم تكتل الليكود للمسجد الأقصى يوم 28 سبتمبر الماضي جوابا حاسما وقاطعا على التحذير الذي وجهه الرئيس الأمريكي بيل كلينتون للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من انه إذا فشلت محادثات كامب ديفيد فإن عرفات سيعود إلى المنطقة ولن يجد له أصدقاء هناك.
على ان الأهم من التحذير والرد الذي قدمه الفلسطينيون والعرب والمسلمون هي تلك الرسالة التاريخية التي لن يغفلها الإسرائيليون وحليفتهم الولايات المتحدة والتي أظهرت مدى تمسك جميع المسلمين والعرب بمدينة القدس واستعدادهم للعودة إلى ما قبل عملية التسوية السلمية إذا ما تم تجاوز الحق العربي والإسلامي في مدينة القدس الشرقية.
ومما لاشك فيه ان انتفاضة الأقصى تنتظر استثمارا جيدا لصالح البرنامج العربي والإسلامي في مواجهة التعنت الإسرائيلي ومحاولات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تباين ألوانها الحزبية التملص من تنفيذ الاتفاقات المعقودة مع الفلسطينيين منذ اوسلو 1993 وعلى توالي السنوات السبع العجاف التي شحنت الشارع الفلسطيني بالاحتقان المتراكم والتي وضعت السلطة الفلسطينية أمام خيارات صعبة جدا أقلها اعتقال عدد لا بأس به من أبناء شعبها المنتمين لحركة حماس.
والاستثمار المنتظر وشيك الاستحقاق ويتمثل عاجلا في القمة العربية التي دعت إليها مصر في الحادي والعشرين من شهر اكتوبر الحالي والتي ستفرز قرارات ستكون ذات تأثير بالغ الأهمية على صيغة القرارات والتوصيات التي ستتخذ في الدوحة في شهر نوفمبر القادم بانعقاد القمة الإسلامية.
وقد كان دخول العامل اللبناني على خط الأحداث الأخيرة بعد عملية حزب الله بخطف ثلاثة جنود إسرائيليين اثناء قيامهم بدورية في مزرعة شبعا اللبنانية التي تحتلها إسرائيل دافعا قويا لتحرك دولي بدأته واشنطن وترددت أصداؤه في موسكو والعواصم الأوروبية وفي الأمم المتحدة بهدف احتواء التصعيد على المستوى الاقليمي بعد ان تلكأ هذا التحرك رغم سقوط أكثر من 80 شهيدا فلسطينيا ونحو ثلاثة آلاف جريح.
وقد حملت الحكومة الإسرائيلية لبنان وسوريا المسؤولية عن خطف جنودها الثلاثة وحشدت قواتها بشمال فلسطين لتشتغل فورا الوساطات الدولية فيما استمرت قواتها في حصد أرواح الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية وفي الناصرة عاصمة الجليل الفلسطيني المحتل عام 1948.
وبغض النظر عن تفاصيل الهمجية الإسرائيلية التي تعبر عن قرار سياسي إسرائيلي متخبط وعاجز عن التعامل من خلال رؤية تنظر إلى مستقبل المنطقة على أساس عملية السلام الشاملة التي انطلقت في مدريد عام 1991 فإنه من الواضح ان سنوات أوسلو السبع وسنوات مدريد العشر قد أصبحت وببرنامج نفذته إسرائيل مجرد وقت ضائع في عمر المنطقة والتي توشك ان تعود إلى المربع الأول الذي تحرس إسرائيل على البقاء فيه والعيش وفق شروطه واهمها شرط القوة الذي يفرض على الطرف الآخر القبول بالاملاءات والنتائج مهما كانت هزيلة,, إضافة إلى شرط ابقاء حالة العداء رغم زيف شعارات السلام وهي حالة ضمنت لإسرائيل عبر عقود الصراع السابقة استقرارا وانسجاما داخليا في مجتمع تبعثرت رؤيته للمستقبل وتعثرت حتى في مأزق البحث عن هوية ثابتة ومحددة وواضحة للإسرائيلي الحائر بين هويته الدينية وهويته السياسية أو القومية.
ان ابقاء حالة العداء والتوتر في منطقة الشرق الأوسط رهن باستمرار التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني وحرمانه من العيش باستقرار داخل إطار سيادي كامل يتمثل في الدولة المستقلة وهذا ما دأبت الحكومة الإسرائيلية على تنفيذه خلال السنوات السبع الماضية إلى ان أوصلت الشارع الفلسطيني ومعه القيادة الفلسطينية إلى حالة الانفجار بعد زيارة اريل شارون المشؤومة إلى المسجد الأقصى المبارك.
وقد بدأت مرحلة جديدة وحاسمة من معركة العض على الاصابع قد تمهد الوساطات الدولية والعربية الحالية لانهائها بشروط ونتائج غامضة حتى هذه اللحظة ولكنها ستترجم بكل تأكيد إلى قرارات لا تقبل الغموض في القمة العربية الوشيكة في القاهرة والتي قد تتمخض عن مرحلة جديدة من الانقسامات تعيد إلى الأذهان ما أفرزته القمة العربية العاجلة التي عقدت في القاهرة في اغسطس عام 1990.
ويخشى فقط في هذه الحالة من ان تكون إسرائيل قد حققت هدفها الاستراتيجي الكبير وهو اجهاض الحلم الفلسطيني اولا ثم تعميق جروح الانقسامات في الموقف العربي,, وحول ايجاد حل للمأزق المتأزم بالمنطقة ووضع حد لما ترتكبه إسرائيل من مجازر ومن خروق لاتفاقيات دولية متجاوزة جميع الحدود تواصلت في إسرائيل والمناطق الفلسطينية أمس الأول الجهود الرامية إلى وقف موجة العنف التي تجتاح المنطقة منذ نهاية ايلول/سبتمبر الماضي فيما اجتمع الوسطاء الدوليون مع زعماء الجانبين في محاولات لاستئناف مفاوضات السلام.
ودعا سكرتير عام الأمم المتحدة كوفي عنان الذي اجتمع مع كل من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك كلا الجانبين إلى انهاء العنف واعادة المناقشات إلى طاولة المفاوضات .
وقد صدر نفس النداء من وزير الخارجية الروسي ايجور ايفانوف الذي اجتمع مع باراك وعرفات ووزير الخارجية الإسرائيلي بالوكالة شلومو بن عامي كل على حدة.
وقال عنان في مؤتمر صحفي عقب اجتماعه مع باراك في القدس أمامنا بالفعل نافذة، ورغم صغرها، تمكننا من السيطرة على الوضع .
وأضاف قائلا دعونا نبدأ العمل ونوقف العنف ونعود ثانية إلى طاولة المفاوضات .
إلا ان باراك قال انه مازال من السابق لأوانه القول إذا كان العنف ينحسر بدرجة كبيرة.
وأضاف انه إذا كان الهدوء النسبي أمس الأول بداية لتغيير فإننا سنعمل طبقا لذلك .
واتفق باراك وعنان على القول بأن الجانبين عند مفترق طرق ، ولكن رئيس وزراء إسرائيل قال انه عند هذه النقطة يجب اتخاذ القرارات الصحيحة فيما قال عنان دعنا نسير في الاتجاه الصحيح .
ولكن رغم الهدوء النسبي أمس الأول والتفاؤل المشوب بالحذر الشديد الذي عبر عنه باراك وعنان فقد نسبت أعمال عنف في مناطق متفرقة.
وصرح مسؤولو مستشفى قطاع غزة بأن صبيا 12 عاما اصيب إصابة خطيرة بطلقة ذخيرة حية في رأسه فيما ذكرت تقارير فلسطينية من الخليل ونابلس وجنين وقلقيلية بالضفة الغربية ان مجموعات من المستوطنين الإسرائيليين واصلت هجماتها على منازل وسيارات الفلسطينيين بالمنطقة.
وفي الضفة الغربية، ألقى حوالي 200 فلسطيني الحجارة والقنابل الحارقة على القوات الإسرائيلية بالقرب من رام الله فيما رد الجنود باطلاق الرصاصات المطاطية والقنابل المسيلة للدموع.
إلا ان الاضطرابات كانت أقل بكثير من الاشتباكات الدموية التي حدثت في الأيام الأولى من الأزمة.
وقال عنان الذي التقى عرفات قبل اجتماعه مع باراك ان لديه انطباعا بأن عرفات يشعر بالقلق ازاء شدة العنف ويرغب في تخفيف حدته.
وكان مروان البرغوتي قائد مجموعات فتح التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في الضفة الغربية قد صرح لوكالة الأنباء الألمانية د,ب,أ صباح أمس الأول بأن عرفات أمر جماعات الأمن التابعة له بتجنب المواجهات المسلحة مع الإسرائيليين وانه يرغب في تهدئة الأوضاع المتوترة في الأراضي الفلسطينية .
إلا ان صحيفة هاآرتس الإسرائيلية نسبت إلى مسؤول عسكري إسرائيلي كبير قوله انه ليست هناك مؤشرات حقيقية بأن عرفات امر بوقف العنف.
من ناحية أخرى دعا القادة الإسرائيليون أمس الأول المواطنين اليهود إلى وقف مهاجمة العرب في إسرائيل ردا على أعمال العنف التي تجتاح المنطقة المحتلة.
وجاءت تلك النداءات في أعقاب أعمال الشغب الخطيرة المعادية للعرب في بلدات ومدن إسرائيلية تم خلالها مهاجمة عرب وتخريب ممتلكات تابعة لهم.
وجددت السلطة الفلسطينية أمس الأول دعوتها لإنشاء لجنة تحقيق دولية للنظر في الأحداث الأخيرة بالمناطق الفلسطينية.
إلا ان باراك رفض في مؤتمره الصحفي المشترك مع عنان هذا المطلب، داعيا بدلا من ذلك إلى تشكيل لجنة تحت سلطة الولايات المتحدة والفلسطينيين والإسرائيليين وتضم خبراء توصي بهم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومندوبا آخر لبحث او دراسة الحقائق فيما يتصل بالعنف.
وقال عنان انه يعي جيدا المطالبة بدراسة او اجراء تحقيق فيما حدث وكيفية حدوثه وإلى أين تتجه الأمور,, وهذا النوع من الدراسة سيكون ضروريا .
وأضاف عنان قائلا ان ما نقوم بدراسته الآن هو الأمور الإجرائية وهذا يجب ان لا يمنعنا من اتخاذ خطوات للسيطرة على الوضع .
ورفض باراك الافصاح خلال المؤتمر عما إذا كان سيحضر اجتماع قمة مع عرفات ولكنه صرح لراديو إسرائيل صباح أمس الأول بأنه سيكون مستعدا للاجتماع مع عرفات بشرط ان يكون هدفها وقف الاضطرابات تماما.
|
|
|
|
|