أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 13th October,2000العدد:10242الطبعةالاولـيالجمعة 16 ,رجب 1421

تحقيقات

بعلم من البلدية ومتعهد النظافة
خامات اقتصادية مهدرة في نفايات البلديات
* تحقيق : جوهر الروضان
تجارة جمع النفايات وتصنيفها وبيعها على شركات ومصانع الصناعات التحويلية أمر شائع ومتعارف عليه داخل المملكة وخارجها، وكثير من الدول تنظم هذه العملية تنظيما بلديا استثماريا اقتصاديا مدروسا يعود بمردود مادي يصرف على المنشآت البلدية ونحوها أو بأي أسلوب آخر فالهدف الأهم من العملية استغلال النفايات وعدم هدرها كثروة وألا يستهان بها وعدها من المواد المحروقة,, غير أن المشاهد في بعض المناطق هنا هو إهمال هذا الجانب وتركه لعمال وافدين يستثمرونه لصالحهم وبعلم البلدية وبعلم المؤسسات التي ينتمون إليها,, وهؤلاء المعنيون يستغرب منهم أيضا إمعانهم في تجاهل المسألة لدرجة أنهم رفضوا التحدث معنا حولها للصالح العام، وإليكم حصيلة جولتنا:
عامل النظافة والخردة
لا يخفى على الجميع أن عامل البلدية جاء للعمل في النظافة لكن لماذا يجمع الخردة؟ هذا السؤال أجاب عليه كثير من عمال النظافة حيث التقيت بمجموعة منهم في أحد المستودعات الخاصة بشراء الخردة وهم يورشاد وجون وإسماعيل وقالوا نحن عمال نظافة نجمع الخردة بأشكالها ونبيعها هنا على صاحب الميزان من أجل أن نأكل ونشرب لأن رواتبنا لا تتجاوز ثلاثمائة ريال ولا تكفي لمصروفاتنا وكذلك لا نستطيع ان نرسل منها شيئا لأولادنا.
أيضا ذكر اسماعيل بأنهم يأتون الى هذا الموقع باستمرار بعد نهاية الدوام للعمل في الميزان مع العامل البنغلاديشي الذي قال إن اسمه شيراز ولكن نظرا لبعد الموقع عن السكن سألتهم كيف يصلون الى هنا فقالوا بأن صديقهم شيراز صاحب الميزان الصغير يأتي إلينا في السكن كل يوم ونذهب على السيارة الى المستودع ونعمل معه في الخردة بالاضافة الى الذي نجمعه أثناء النظافة، ووافقهم عامل الميزان على أقوالهم حيث قال هؤلاء مساكين وتعاملي معهم باستمرار في شراء الخردة كما تربطني بهم الجنسية وأعلم مدى حاجتهم كما أني اعرف الفائدة التي يستخرجونها من عملهم.
عند ميزان الخردة
ونظرا لكثرة وجود سيارات النظافة أمام محلات وزن وشراء الخردة خاصة في الأوقات المتأخرة من النهار توجهنا لاستطلاع الأمر فكانت هذه اللقاءات:
المواطن فهد محمد القحطاني أحد تجار الخردة وصاحب ميزان الشرقية قال: نشتري الخردة من العمال المتجولين وأنا فتحت بابي للجميع ولا يمنعني من الشراء إلا البضاعة المشتبه بها مثل بعض أنواع الحديد خاصة حديد السيارات لأني أخشى أن تكون مسروقة ففي هذه الحالة اضطر لأخذ رقم لوحة السيارة ورقم بطاقة الأحوال الشخصية أو رقم الإقامة اذا كان الشخص مقيماً، وعمال النظافة هم أكثر الناس في بيع الخردة بحكم عملهم وكذلك عدم وجود منافسين لهم في الجمع وإهمال المراقبين لكن لاحظت في الأيام الأخيرة ان عمال النظافة يأتون الى الميزان على سيارات المؤسسة ولما سألتهم قالوا إن المسؤولين في المؤسسة سمحوا لنا بذلك وقال القحطاني بأنه ليس بينه وبين عامل النظافة في الخردة أي اتفاقية مع عمال النظافة او المؤسسة او البلدية فهذا المحل ميزان طبيعة عمله شراء الخردة بجميع أشكالها وأنا لست مسؤولاً او موظف بلدية أراقب عمال النظافة لكن إذا اردتم الحقيقة مني فاني اؤكد لكم ان كل صاحب ميزان يشتري من عمال النظافة لأنهم الزاوية المربحة هنا نظرا لعدم أو قلة المواطنين الذين يأتون الى الميزان وقد يكون هذا بسبب مضايقة عمال البلدية لهم.
وتحدث المواطن عبدالرحمن الصعب أيضا احد تجار الخردة وصاحب ميزان الصعب وكانت توجد هناك سيارة لعمال النظافة تقف على الميزان التابع له وبعدما التقيت به وسألته أجاب قائلا بالنسبة لميزان الصعب فهو لا يتعامل مع عمال النظافة اما إذا كان هناك سيارات لعمال النظافة تقف على الميزان فهذا علشان البرادة التي يشربون منها الماء كل يوم وليس هم فقط بل أيضا يشرب منها المواطنون الذين يسكنون بجوار الميزان لأني وضعت البرادة مخصصة لعمال الميزان وعابر السبيل.
وقد ذكر ايضا بأن أكثر مشترياته من السعوديين والاخوة المقيمين سواء من عمال الورش او المصانع هذا من غير السيارات التي تحمل من خارج مدينة الحفر لكن عمال النظافة فأنا لا اشتري منهم لأن عندنا تعليمات تمنع ذلك وإذا فتحنا الباب لهم فانهم سينشغلون عن عملهم.
وكما ذكرت لك في السابق بأن عمال النظافة يأتون الى الميزان لشرب الماء وليس لبيع خردة أو غيره.
المنافسون الأفغان
كما نرى كثيراً من العمالة الأفغانية يعملون في الخردة وبطريقة احترافية لكن ما موقف المواطنين السعوديين تجار الخردة من ذلك؟
المواطن/ فهد القحطاني والذي سبق الحديث معه عن عمال النظافة قال إننا نعاني معاناة شديدة من الافغانيين والباكستانيين أصحاب الشاحنات الصغيرة لأنهم منافسون لنا في بلدنا أكبر منافسة فالسيارة ملكهم ويعملون لحسابهم والكفيل يقبض نسبة يأخذها منهم نهاية كل شهر.
كما أنهم أشطر منا في الشغل وأكثرهم يسكن بظهر سيارته ويشتري من الورش والمحلات العامة هذا من غير ما يلمه على طريقه وهو ذاهب الى الرياض او الدمام لأن أكثر بيعهم هناك وقد اشتدت منافستهم عندما اقفلت الأبواب عليهم في أسواق الخضار, كما ان الأفغاني لا يلحقه إيجار ولا كهرباء ولا عمالة وسياراتهم صائرة مستودعات لهم ويشترون من أي منطقة ويتاجرون في أنحاء المملكة والكفيل جالس في منزله لا يعرف تجارة الخردة والأفغانيون يلعبون في ثروة وطنه لكنه مستفيد (الطفسة) التي يأخذها نهاية كل شهر وإذا اردتم الحقيقة انظروا الى المبالغ الضخمة التي بحوزتهم باسم من؟
كما قال القحطاني إن عمال الورش يتعاونون معهم بدون علم صاحب الحلال وأكثر تركيزهم على القطع الثقيلة والثمينة.
وقال المواطن/ محمد عبدالرحمن: نعم الأفغان أكبر منافسين لنا في سوق الخردة ولا يمكن ان تجد لهم موقعا معينا فكل يوم هم في وجهة وتعاونهم بشكل جماعي وهذا ليس في الحفر بل على مستوى المملكة الكفيل فقط بالاسم وليس في العمل والدليل على طريقة عملهم وتعاملهم مع الناس الذين يشترون منهم تجدهم هم الذين يدفعون المبالغ للبائعين من دون علم الكفيل وأيضا أثناء بيعهم الخردة بعد تحميلها الى الرياض تجده هو الذي يتفاوض مع صاحب الميزان أو المصنع باسم الكفيل ويقبض المال نقدا وهذه والله مشكلة مالم تستدركها الجهات المعنية لأن هذه ثروة وفائدتها يجب ان تكون للمواطنين سواء كانوا ممن يجمعونها او ممن يتاجرون بها.
اتخذوا المنازل المهجورة مستودعات
هذه الشعلة في حد ذاتها مشكلة وقد حاولت ان اناقش ذلك مع رئيس بلدية حفر الباطن المهندس سعد الشهري واعتذر وكذلك مساعديه اعتذورا لي حتى يسمح لهم رئيس البلدية، وتوجهت بسؤالي الى عمال النظافة أنفسهم لمعرفة السبب؟ وقد التقيت باثنين منهم خارجين من منزل قديم هما جيثم الدين وزميله مصطفى وقالا نحن هنا نضع أشياء تخصنا لا نستطيع ان نتركها في الشارع ولما رأيت ما بداخلها وجدت أنها عبارة عن أكياس بداخلها علب ببسي وأوان قديمة مستهلكة وكراتين موز فارغة وأسلاك كهرباء قديمة، وذكر مصطفى وزميله بأن هذا المكان مناسب ولا يضايقنا عليه أحد خاصة وأنها قديمة ولا أحد يدري كما أننا نستخدمها بعض الأحيان مرمى للأتربة التي تغطي الطريق ولا نعتقد ان هذه الشغلة ستكون مهمة بالنسبة لمراقبي البلدية.
كيف يجمعون النفايات
توجهنا الى موقع مرمى النفايات لمعرفة كيف يستخرج عمال النظافة الخردة والتقيت بمجموعة من العمال منهم سائق الشيول الذي قال إن اسمه رحيم متحدثا لي عن ذلك قائلا: في البداية داخل هذا الموقع يتم عزل بقايا المستهلكات خاصة المصنوعة من المعادن بمختلف أشكالها حيث تأتي سيارة البلدية هنا محملة بالنفايات وترمي الذي بداخلها هنا في هذا الموقع ثم يخصص اثنين وأحيانا اربعة من عمال النظافة يعزلون المستهلكات المعدنية من المخلفات, وبعد ذلك أقوم بدفن النفايات تحت التراب، كما ذكر أيضا بأن نسبة الخردة التي يستخرجونها من هنا قليلة جدا لأن عمال النظافة الذين يعملون داخل المدينة مسيطرون تماما على المخلفات حيث أنهم يعزلونها قبل ان تصل الى سيارة البلدية لأن الجميع حريص على ذلك فالمسألة سباق في الجمع وجني الأرباح, كما أن هذا الموقع لا يدخله أي شخص آخر غير عامل المؤسسة.
كما التقيت قبل خروجي من هذا الموقع باثنين من عمال النظافة وبأيديهم أكياس بيض بداخلها بعض أنواع الخردة وسألتهم عن اسمائهم وقالوا لا نتكلم العربية وحاولت ان أعرف منهم أين سيذهبون بهذه الأكياس وقالوا لا نعرف شيئا, وبعد زمن من الوقت جاءت سيارة بلدية كبيرة محملة بالنفايات وبداخلها اثنان من العمال وعندما رآني السائق نزل من السيارة غاضبا وقائلا: إيش عندك بداخل هذا الموقع ألا تعرف بأن هذا ممنوع فسكت وأخذته على جنب وأخبرته بأني صحفي: ولدي موضوع تحقيق للجريدة عن عمال النظافة وجمع الخردة ففرح وقال أنا آسف صديق وبدأ يحدثني عن نفسه أولا وعملا البلدية قائلا نحن نجمع الخردة للفائدة الراتب ثلاثمائة ريال لا يمكننا ان نأكل منها او نشرب وفي نفس الوقت تحدث العاملان اللذان لا يعرفان العربية مؤيدين زميلهما في كلامه.
لا شأن لك
كما التقيت بأحد مشرفي فرع المؤسسة بحفر الباطن وهو الأخ ممدوح عربي الجنسية وطلبت منه أن يحدثني عن طبيعة عمل عمال النظافة وهل هناك تصريح لعمال النظافة في جمع الخردة وما مدى ملاحظتهم لذلك؟ فقال هذا العامل مسكين يعمل في عز الظهر وأشد الحرارة طيلة يومه وإذا جمع الخردة (إحنا مالنا) خله على الأقل يعوض تعب شغله، وبعدين أنت مالك.
وقد حاولت ان أدخله في موضوعي لكنه رفض واعتذر عن مواصلة حديثه وقال هناك مدير مسؤول اذهب إليه وأسأله عن هذا الموضوع وستجد الإجابة.
وبالفعل ذهبت الى البلدية والتقيت بالمدير المسؤول عن فرع المؤسسة بحفر الباطن وهو من نفس الجنسية وطلبت منه أني يجيبني على الأسئلة السابقة فقال: أنا آسف لا استطيع ان اخبرك عن اي اي شيء لكن بإمكانك ان تذهب او تتصل على المدير العام للمؤسسة وهو في الاحساء وتستأذن لنا منه ليسمح بالمشاركة ونحن ننفذ تعليماته.
الرئيس يرفض الحديث
وكنت قد بدأت حديثي أولا مع المهندس سعد بن فايز الشهري رئيس بلدية حفر الباطن وقال انه بالنسبة لعامل النظافة وجمعه للخردة فهذا على مستوى المملكة ولا يمكن للصحافة ان تجعل الحفر حقلا للتجارب, اما إذا رغبت برأيي الشخصي فأنا أرى أن ايجابيات هذا الموضوع أكثر من سلبياته بشرط ألا تشغل عامل النظافة عن عمله، واعتذر عن مواصلة بقية النقاط.
وبعد ذلك توجهت الى مدير صحة البيئة بالبلدية الاستاذ يحيى العقيل وكذلك إعتذر لي عن المشاركة موضحا بأن هذه تعليمات رئيس البلدية وبالفعل قد كان هذا التمسك بإذن من رئيس البلدية حيث ذهبت اليه مرة ثانية وطلبت منه أن يأذن بالحديث مع مجموعة من موظفي البلدية للمشاركة بهذا الموضوع ورفض ذلك.
ملاحظات المحرر
قبل ان اختم الموضوع أود أن اشير الى النقاط التالية:
الخردة شبه ثروة مستهلكة يجب ان يستفيد منها المواطنون أصحاب الحاجة.
أشكر المهندس سعد الشهري رئيس بلدية حفر الباطن على كلامه عندما قال إن موضوع عامل النظافة وجمع الخردة على مستوى المملكة فهذه شهادة ورأي شخصي احترمه وأقدره لكن لو سمح لي بمناقشته لوضحت له سلبيات هذا الموضوع في حفر الباطن والتي قد لا تكون على مستوى المملكة.
لاحظت أن جميع المسؤولين في فرع المؤسسة المتعهدة غير سعوديين وهذه مشكلة في حد ذاتها تنافي وتناقض مبدأ توطين الوظائف بالمملكة.
لو فكرت الجهات المختصة بهذا الموضوع قليلا ووضعت دراسة شاملة لهذه الثروة لكان هناك مردود اقتصادي إيجابي ضخم, فعلى سبيل المثال لنفترض ان أحد أصحاب مؤسسات النظافة المتعاقدين مع البلديات لديه مائة عامل يعملون في النظافة وكل واحد منهم يستفيد خمسة ريالات فقط يوميا من الخردة وأجرينا عملية حسابية على هذا النحو 5x30x12x100=؟ لوجدنا أن المجموع النهائي يساوي 180,000 ريال سنويا هذا كحد أدنى وفي محافظة صغيرة واحدة فقط.
لذلك يجب علينا ان نفكر قليلا ونضع هذا الأمر في عين الاعتبار.
أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved