الحزنُ طاغٍ، والمآقي تدمعُ
والظلمُ فاشٍ، والظلومُ مُمَنَّعُ
نفسي تنازعني، وفيها غُصَّةٌ
شِعري جَفَا، فإلى متى يَتَمنَّعُ؟!
فالنفسُ تطمح للأعالي همّةً
وإذا تُردّ إلى حياةٍ تَخُنعُ
والنفس تدعو للممات ولا تني
وإذا أردتُ لها بقاءً تَجزعُ
وقفَت تسائلني، وفينا لوعةٌ:
أين الحِجَا؟ بل أين أين الأروعُ؟
أين الألي حَمَوُا الحمى؟ ما حالُهم؟
ما بالُهم في كل ركن خُضَّعُ؟
فبنو اليهود بجرمهم قد جاهروا
والمسلمون بكل صِقعٍ هُجَّعُ
أوَ مَا رأيتَ الطفل يُقتلُ عُنوةً؟
ولمثل ذا روحُ الأبيِّ تَمَزَّعُ
أوَ ما ترى كيف احتمى بأبيه مِن
وبل الرصاصِ؟ وبعضُ ذلك مُفزِعُ!
فأجبتُها: يا نفسُ كفّي عن مَلا
مي، إنّني في كل نَبضٍ أُقرَعُ
هذي يدي إن كان ثمّة مَخلصٌ
وخُذي يَراعي، كلَّ سوءٍ تَقطَعُ
قد أنجبت أرضي شوامخَ أمّة
زمناً، وإنّي بعدهم لَمُفَجَّعُ
كم روضةٍ فيحاء َكانت تستقي
منها الممالكُ، ثمّ ها هي بَلقَعُ
قد أجدبت تلك الرياضُ واقحلت
بعد الربيع، فأين ذاك المنبَعُ؟
تَبَّاً لوجهك يا سلامُ أريتَنا
ذُلَّ الحياة وكيف هانَ المرتَعُ!
يا دُرَّةً لمّا تزل تزهو بِثَو
بٍ أبيضٍ، ولكلِّ حُرٍّ تَرفعُ
يا دُرَّةً لمّا تزل مَحفوظةً
حتى الممات، وطيبها يتَضوَّعُ
يادُرَّةً نزلت على هاماتنا
فلها النجاة بها، وفينا المصرعُ
ناديتِنا وصرختِ فينا لم يزل
صوتٌ يرنّ وللمسامع يَصدَعُ
فكأنّها وتَدفّق الدّم حَولها
بُركانُ نارٍ بالقذائفِ يَلمَعُ
يا والِداً قد مال يحمي قِطعَةً
منهُ، وما يدري لأيِّ يَدفعُ
وتَدافُعُ الطلقات حَولَ خِبائه
قد واجهتها صرخةٌ: أن أقلِعوا
هذي يميني إن أردتُم قَطعَها
خَلُّوا صغيري بالحياةِ يُمَتَّعُ
حتى إذا أعيَته حيلةُ دافِعٍ
حُمَّ القضاءُ، وحان ذاك المضجَعُ
قد غالهُ الحقدُ الجبانُ، وما نرى
إلا السيوفَ تجيبهُ وتودِّعُ
كَفكِف دُموعك إن أردتَ تَحرُّراً
واغضَب فما فاز البليدُ الأهلَعُ
لا تجزعَن فلكلّ حُزن آخِر
والظلمُ لو طال المقامُ مُزَعزَعُ