| محليــات
يسود الشعور بالأسف والإحباط كل أرجاء الوطن العربي بأن كل هذا الزخم من التحركات السياسية والدبلوماسية الأمريكية والأوروبية في المنطقة الشرق أوسطية دافعها الأول والأساسي هو السعي للاطمئنان على صحة الجنود الإسرائيليين الثلاثة الذين أسرهم حزب الله اللبناني يوم السبت الماضي، ثم بعد الاطمئنان العمل لإطلاق سراحهم بأي ثمن حتى لو كان هذا الثمن حرباً عدوانية جديدة تشنها إسرائيل على لبنان!
فأول أمس وعقب لقائه بالرئيس اللبناني العماد إميل لحود قال خافيير سولانا مفوض الاتحاد الأوروبي: لقد نقلت للرئيس قلقنا بشأن الجنود الثلاثة ونرغب بشدة أن نراهم أحياء، ونريد أدلة على أنهم على قيد الحياة !!
وعقب لقائه مع الدكتور سليم الحص رئيس وزراء لبنان قال سولانا: إن الأمر الأساسي لمهمته في المنطقة هو معرفة صحة الجنود الإسرائيليين والاطمئنان على سلامتهم .
والأدهى من موقف المفوض الأوروبي سولانا، موقف الأمين العام للامم المتحدة كوفي عنان الذي وصف أسر الجنود الإسرائيليين الثلاثة بأنه على حد تعبيره : انتهاك لقرار الأمم المتحدة رقم 425 .
وكأنما أراد كوفي عنان كما قال نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني,, ان يوفر غطاء سياسياً لعدوان عسكري إسرائيلي على لبنان بسبب أسر الجنود الثلاثة!!
لقد كنا في الجزيرة كما هو الشأن لكل فرد في الشارع السياسي العربي نتوهم أن ما دفع سولانا وكوفي عنان وإيفانوف ونشَّط المساعي الامريكية على مستوى الرئيس كلينتون هو وقف العدوان العسكري الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني لقمع انتفاضته التي لا دافع لها سوى الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية واستعادة الحقوق الوطنية واسترداد الأراضي المحتلة، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة بعد أن أجهضت السياسة الإسرائيلية المتعنتة كل الجهود والمساعي السياسية والدبلوماسية وتنصلت من تنفيذ كل الاتفاقات الموقعة بينها وبين السلطة الفلسطينية, والعالم كله يعلم وفي مقدمته دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية أن الانتفاضة الفلسطينية لم يحركها واقع عدواني وإنما حركها واجب دفاعي عن حرمة أحد أقدس ثلاثة مساجد للمسلمين وهو المسجد الأقصى المبارك الذي دنس حرمه الإرهابي الصهيوني العتيد جزار صبرا وشاتيلا اريل شارون حين قام بدخول حرم المسجد الاقصى بعلم بل وباتفاق مع حكومة باراك والأمن الداخلي الإسرائيلي.
ولقد آلمنا حقاً ان صناع القرارات في الولايات المتحدة واتحاد أوروبا لم يحركهم سياسياً أو حتى إنسانياً هذا القتل الإسرائيلي المتعمد وبالرصاص الحي والاستخدام المفرط له ضد الشعب الفلسطيني ليسقط برصاصهم 103 شهداء فلسطينيين بينهم 37 طفلاً أكبرهم في الخامسة عشرة وأصغرهم رضيع لم يكمل سنته الأولى من عمره!! ومازال العالم يشهد تساقط المزيد من شهداء الانتفاضة كل يوم بالرصاص الحي من جانب القوات الإسرائيلية, وفي ضوء هذه البلادة الشعورية من جانب صناع القرارات الأمريكيين والأوروبيين تجاه ضحايا الرصاص الإسرائيلي وتجاه التعنت الإسرائيلي الرافض لإعادة حقوق الشعب الفلسطيني إليه بموجب قرارات الأمم المتحدة، في ضوء هذا نخشى أن يكون التحرك السياسي والدبلوماسي الراهن لهؤلاء الشركاء الفعليين في قضية الشرق الأوسط هو محاولة احتواء الانتفاضة الفلسطينية من جهة حتى لا تحقق أهدافها، وأيضاً احتواء التحركات المكثفة بين القادة العرب لدعم هذه الانتفاضة التي تعبر ليس فقط عن إرادة الشعب الفلسطيني وحده وانما عن ارادته وعن إرادة شعوب الأمة العربية الذين تتواصل تحركات قادتهم واتصالاتهم، بما يعكس توافقاً وإجماعاً على توحيد الصف والموقف تجاه هذا التطور الذي أحدثه العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أسبوعين, ولعل من أبرز وأهم تحركات القادة العرب، هذا التوجه نحو الرياض التي سيزورها ابتداء من غد السبت كل من العاهل الأردني والرئيس السوري، والرئيس الجزائري للتنسيق مع القيادة السعودية التي كانت ومازالت وستظل كالعهد بها في طليعة التحرك العربي من أجل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
الجزيرة
|
|
|
|
|