أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 13th October,2000العدد:10242الطبعةالاولـيالجمعة 16 ,رجب 1421

محليــات

لما هو آتٍ
مشاهد ,,, !
د, خيرية إبراهيم السقاف
*** الشابة في لحظة استقبال نبأ مرض مفاجئ لمن تحب، تحمل طفليها,,,، تتجه بأسرتها الصغيرة إلى المطار,,, وبعد أن تضع حملها فوق المقاعد التي تيسرت لها من الرياض إلى جدة تكتشف أنها نسيت رضعة ابنها الذي يحمل عامين فوق قدميه من العمر,,,!
تستعد الطائرة للإقلاع، يبدأ الطفل في بكاء شديد، يلتفت إليه الجلوس، ترتبك الأم، تحرص على تهدئته، تجد أنه لو توفرت له كمية من الحليب فسوف يهدأ ويصمت عن بكائه، ينهض أبوه، يأتي للمضيف ، يطلبه شيئاً من الحليب، يعود إلى مقعده,,, المضيف لا يأتي، الطفل يشتد بكاؤه,,, الطائرة لم تقلع,,, بعد,,.
كانت هذه الأسرة تجلس عن يساري,,.
*** عن يميني,,, مضيفة تسير بسرعة، تنتهز في الوقت ذاته فرصة إرضاء طفل يحتاج إلى شيء من الماء,,, وأمه تجلس إليه تحاول تهدئته,,.
*** الطفل عن يميني يشرب الماء,,.
الطفل عن يساري يكابد الجوع بالبكاء,,.
*** قليل من الوقت والطائرة تأخذ مكانها مستوية في الجو,,.
ينهض أب الطفل عن يساري,,.
لحظات وضجيج يعتلي,,.
الأب يتساءل عن قصور الخدمة من نادل الطائرة الذي ارتفع صوته، فيما كانت الأم عن يميني تقدم في هدوء الشكر لنادلة الطائرة وهي في لطف شديد تؤكد أن ذلك جزءٌ من عملها وواجبها!
*** أسلوبان متباينان في مركبة فضائية يُفترض أن يكون التعامل فوق متنها يؤكد حسن الخدمة، وأدب التبادل,,.
*** لا أدري كيف تحضر المفارقات العجيبة في هذه المواقف، فهي إن عبرت في وقتها، غير انها ليست تعبر دون أن تترك شيئاً من السؤال يفتح معه باب البحث عن,,, وعن,,, وعن,,.
*** في إحدى كبريات المصحَّات في مدينة جدة، اجتمع الأهل، والأقارب، والتف الجميع في خوف ورجاء لأن الأم الكبرى بين أيدي الأطباء، تحت عين الله تعالى في حجرة العناية الفائقة تنتظر رحمة الله بها,,.
القلوب تدعو، وكل يمثِّل نفسه، وفي المواقف الشديدة لا يقوم واحد بدور الآخر، إذ جُبل الإنسان على أن يكون نفسه في مواقف التعبير على اختلافها فما بال في موقف الاحساس بانسان غال في منزلة رفيعة من النفس، وعريقة للأسرة؟,,.
*** عند هذا الحد لا بأس,,.
لكن الطبيب يقف، يرتفع صوته: إن لم تذهبوا سأترك الحالة وأمضي !!
*** من حق الطبيب أن يطلب عدم التدخل في عمله، ومن المعروف ان حجرات العناية الفائقة لا يرتادها أحد إلا بإذن الطبيب، وبناء على حالة المريض.
*** لكن لا يبدو من حقه أن ينزع المشاعر من الصدور، ويطلب إلى أبنائها وأحفادها وخاصة خاصتها ان يذهبوا لتناول المرطبات والشاي والقهوة والراحة فوق الأسرَّة,,, أو حتى الخروج من المستشفى؟!
*** مفارقات عجيبة إذ هناك فرق بين سلوك مضيف الطائرة ومضيفتها في وقت واحد، ولطلب مماثل، ولحاجة ملحة,,.
*** وهناك فرق بين طبيب يدرك أن مع طلب النظام والهدوء حقاً للإنسان في التعبير عن مشاعره,,, فيكون الانتظار في حجرات وضعت لذلك، وبين آخر يهدد بترك الحالة التي بين يديه، ان لم يغادر الجميع المستشفى!!
*** تُرى ما الذي تؤكده هذه المشاهد في سلوك الإنسان ,,, ؟!
أو ليست تستدعي شيئاً من الوعي، بزمنية حضارة الإنسان ,,, ؟!

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved