| أفاق اسلامية
في هذه الظروف والأجواء يتحدث الناس عن المعراج والاسراء، كيف يطيب الحديث عن هذه المعجزة الكبرى والمسجد الأقصى محل الذكرى ومسرى الحبيب المصطفى عثا فيه يهود، وعثوا في الأرض المباركة من حوله هدما وتخريبا وتقتيلا وتشريدا؟؟ كيف يحلو الحديث وكأن المسلمين لم تنزل بهم نازلة، ولم تبك فيهم باكية، ولم تُستلب منهم مقدسات؟!.
أيها الإخوة في الله: لقد طغى الصهاينة وعثوا وداسوا ولوثوا,, العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والذل والصغار والمسكنة لمن غضب الله عليه ولعنه وجعل منهم القردة والخنازير وعبدالطاغوت، نقضةُ العهود والمواثيق، يحرفون الكلم عن مواضعه, سماعون للكذب أكالون للسحت، ملعونون على ألسنة أنبياء الله ورسله، يريدون في الارض علواً وفساداً، يوغلون فيها عتواً واستكباراً, استعدَوا أمم الأرض ولم يكن لهم فيما اغتصبوه من حق، ولكن تآمر قوى الكفر على أمة الاسلام تجزئة وتقسيما وتفرقة وتدميرا.
ولقد أكدت الأحداث وأثبتت الوقائع أنهم لا ينصاعون لمساومات، ولا يصدقون في محادثات, الخيانة خُلُقُهُم، والكذب مطيتُهم، والدسائس في السراديب المظلمة مسلكهم.
ولكن في وسط المدلهم من هذه الخطوب، وفي خضم المعاناة، ومن أعماق بحر التيه برقت بارقة من أمل، فشبت ناشئة من أطفال وشباب، في ارادة قوية مصممة، معتصمة بالله مستهدية بهديه بإذن الله تتجاوز صعاب الطريق في اعداد متواصل، واستعداد متكامل، تتشابك فيها السواعد، وتتحد فيها الكتائب، إنها انتفاضة الأقصى والأرض المباركة من حوله ثبات وصبر، وقوة وتحمل، وتمسك بالثوابت، وإصرار على النصر والشهادة من أجل قمع الباطل وقلعه.
لقد أعادت سواعد الأطفال للقضية أهميتها، وأحيت الآمال في النصر واستعادة الحق, ومن الابتلاء ما جلب عزا وخلد ذكرا وكتب أجرا, يخرج الوليد ممسكا بالحجارة فيقذف بيده الصغيرة مدرعة أو سيارة, ورب قذيفة بحجر خير من ألف قذيفة من كلام.
بأكُفِّهم الغضة دكوا حصونا وقطعوا جسورا, إن العصيَّ في أيدي الشيوخ والعجائز قاومت مدرعات الطغاة وآليات الغاصبين.
ارتفعت بهم الرؤوس، واعتزت بهم النفوس, إنهم بتلك الحجارة صنعوا هذه الانتفاضة الجبارة، استعرت الصخور لهيبا يحرق الأعداء (لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون) الحشر: 13 ,إنها أحجار كريمة أنبتت كرامة كثُرَ عطاؤها، وتوالت تضحياتها، شهداء وجرحى ومطرودون وأسرى, كان هذا الشباب الغضُّ حطبها الجزل، وكان الجهادُ الحقُّ حاديها المسموع، ولسوف يحترقُ الغزاةُ والأعداءُ في سعيرها ما دامت معتصمة بربها مستمسكة بدينه.
د, صالح بن عبدالله بن حميد عضو مجلس الشورى إمام وخطيب المسجد الحرام
|
|
|
|
|