أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 13th October,2000العدد:10242الطبعةالاولـيالجمعة 16 ,رجب 1421

متابعة

في الأسبوع الثاني لانتفاضة الأقصى هل الفلسطيني ديك أبيض ,,, ؟!
بدأ الاسرائيليون الاحتفال بيوم كيبور او عيد الغفران فيما دخلت المجزرة الاسرائيلية رداً على انتفاضة الاقصى اسبوعها الثاني وقد نشرت الصحف الاسرائيلية صورا لأب وإبن من الطائفة اليهودية الارثوذكسية يحتفلان بيوم كيبور او عيد الغفران، وقد امسك الاب بديك ابيض اداره مرات عديدة فوق رأس ابنه بتقليد طقوس يرمز الى انتقال ذنوبه الى الديك مما يسوغ ذبحه فلا بد من كبش فداء للذنوب التي يرتكبها اليهود على مدار العام، ولهذا يحرص كل يهودي على البحث عن بدل مذنب يحمل عنه ذنوبه، ويتجلى ذلك في طقوس دينية يتجه خلالها اليهود بالدعاء لنقل ذنوبهم من على كاهلهم الى كاهل كبش الفداء الذي غالباً مايكون ديكا ابيض، وما ان ينتهي اليهودي من الدعاء حتى يسعى الى التخلص من الديك الابيض الحامل لذنوبه بذبحه، واستخراج حساء خاص منه يقوم بتوزيعه على الآخرين قبل ان يدخل في صيام تام ليوم كامل، وقد دفعت هذه الصورة الرمزية احدهم الى التعليق بقوله هل الفلسطيني ديك ابيض؟
من وجهة نظر باراك بل كل يهودي إن الفلسطيني ديك ابيض وعليه ان يحمل جميع اوزار وخطايا شعب الله المختار ثم يقدم على المذبح هكذا توصيهم اساطيرهم التوراتية في العهد القديم ان عهده في لحم بنيه عهداً ابدياً اما باراك فيعلن ان عهده في لحم الفلسطينيين عهداً ابدياً,,!! ومن هنا جاء قراره بشن الحرب على الفلسطينيين ليكون منسجماً مع سلوكية العدوان الإسرائيلية التاريخية!
ولكن هل باراك حالة استثنائية في الكيان الإسرائيلي الذي يعتبر الفلسطيني ديكا ابيض ,,, ؟!!
إن تاريخ الحركة الصهيونية منذ المؤتمر الاول لها في بازل بسويسرا عام 1897م الى عهد باراك يشير الى ان الإسرائيليين حكومة وشعباً واجهزة متمسكين بسياسة الإرهاب الرسمي والتي تدعمها وترعاها دولة العصابة بكل ما اوتيت من القوة، وان هذا الإرهاب يرتدي طابع العنف المقدس الذي يبحث عن اضحية تجد تعبيرها في الديك الابيض الذي عليه ان يحمل جميع خطايا شعب الله المختار وليطهرهم منها، والديك هنا هو الشعب الفلسطيني اينما كان واينما وجد.
لقد كان الإرهاب الصهيوني ولايزال احد المكونات الرئيسية للسياسة الصهيونية، واحد الدعائم التي استندت اليها الصهيونية في تحقيق اهدافها في فلسطين، وقد اقترن قيام الكيان الإسرائيلي كدولة بأبشع اشكال الإرهاب الذي مارسته الحركة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية المجاورة، وضد كل من حاول ويحاول ان يعرقل تحقيق اهدافها وكان إرهاباً مدروساً ومنظماً مارسته المنظمات الصهيونية الإرهابية في البداية، ثم مارسه الكيان الصهيوني بعد اغتصابه فلسطين.
فالإرهاب والقتل لم يكونا وسيلة استخدمتها الصهيونية لإقامة دولتها، فحسب بل جزءاً اساسياً من تكوين الفكر الصهيوني والتقاليد المتوارثة من هذا الفكر.
فالدولة العبرية والإرهاب متلازمان، ووجهان لحقيقة واحدة، والإرهاب بالنسبة الى اسرائيل اسلوب عمل إضافة الى كونه من مقومات ايديولوجيتها، واذا كان الإرهاب نزعة شاذة في السلوك البشري، فهو ليس كذلك في العرف الصهيوني الذي يعتبر الإرهاب ركيزة يستند اليها نظام الفرد والمجتمع الاسرائيلي، ومنذ هذا المبدأ ارتكزت المذابح الجماعية التي قامت بها الدولة العبرية في جميع مدن وقرى ومخيمات فلسطين على مدى اكثر من نصف قرن على اعتماد قانون الحق المطلق الذي يضع الصهيونية في جهة اعلى من بقية البشر، وعلى الإيمان بالحقد الاعمى على العرب ونقض حقوقهم الطبيعية نقضاً كاملاً الى درجة تصبح فيها جريمة ابادة الجنس العربي هدفاً مطلوباً بحد ذاته، وهذا الإرهاب هو الذي وصف السفاح باروخ جولد مشتاين بأنه كان اطيب رجل، انه لم يكن يستطيع ان يضر قطة !! ولكن هذا الطيب استطاع قتل عشرات الفلسطينيين وهم يؤدون الصلاة في الحرم الإبراهيمي الشريف متمثلاً قصة الديك الابيض!!
إن بصمات الإرهاب الاسرائيلي ضد ابناء الشعب الفلسطيني لم ولن تمحوها الايام فإسرائيل هي التي فرغت الارض من اصحابها الاصليين بالقتل والطرد في العراء، وهي التي استخدمت كل اساليب القمع وما تفتقت عنه عبقرية جنرالاتها من وسائل وحشية لإخماد الصوت الفلسطيني من اعتيال القيادات الفلسطينية والكوادر العلمية العربية واطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين واستخدام القنابل المحرمة دولياً واحراق شباب الانتفاضة من خلال وضعهم في اطارات مشتعلة ودفنهم احياء وتسميم مياه الشرب وقطع الماء والكهرباء عن احياء كاملة لاشهر طويلة واغلاق المساجد ودور العبادة واحاطتها بالاسلاك الشائكة ومنع الفلسطينيين من إقامة الصلاة فيها وإجهاض النساء الحوامل واقتحام المدارس وقاعات العلم وإغلاقها لسنوات عدة وفرض منع التجول على مناطق واسعة من الاراضي المحتلة لمدة طويلة وحرب التجويع والحصار ضد المدن والقرى والمخيمات وقصف منازل المواطنين بالصواريخ المضادة للدبابات وقذائف المدفعية في مثال واضح على المفهوم الإسرائيلي للسلام.
وهذا الإرهاب الإسرائيلي المنظم هو الذي دفع بالمفكر والسياسي اليهودي اسرائيل شاحاك الى القول: انه لايوجد شيء جديد في الحقيقة القائلة بان اسرائيل دولة إرهابية فمنذ قيامها استخدمت الموساد للقيام باعمال عنف وارهاب بما في ذلك الاغتيال الذي تعتبره ضروريا لتحقيق رغباتها وان جميع الحكومات الاسرائيلية قد مارست الإرهاب وان جميع الاحزاب الاسرائيلية تؤيد هذه الممارسات , ومنذ مؤتمر مدريد اتسعت اشكال الإرهاب الاسرائيلي وتطورت واخذت مجرى اكثر انتظاما وبرمجة، وصنفت اسرائيل الفلسطينيين الى طيب وسيىء، الاول يجاريها في مفاوضات مصيرها مجهول وقد تستمر لعشرات السنين عندها لايتبقى شيء نفاوض عليه، والثاني نقتله دون هواده!!
وكان لسلام الشجعان شروط اقسى مما كان الموقعون عليه يعتقدون فالصراع والتفاوض مع المحتل يحمل في طياته بذور صراع داخلي مع عدو يصر على مواصلة الإرهاب والقتل اليومي للفلسطينيين في الوقت الذي يطلب فيه من الديك الابيض المذبوح ان يدافع عن الإرهاب الإسرائيلي وان يصادر الحلم ويحاصر الامل ويخنق نسمة الحرية ويستجدي المحتل في اعطائه امتاراً قليلة ليصنع منها وطناً وحدوده ممتدة بين اليأس والفشل والإحباط!! والآن بعد قافلة الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا خلال الايام الماضية برصاص العدو الإسرائيلي، وآلاف الجرحى والمعوقين، وقصف منازل المدنيين بصواريخ الطائرات، اصبح السؤال الذي يفرض نفسه: هل بقي معنى لأي حديث عن السلام.
كاتب وصحفي فلسطيني .
عادل أبو هاشم

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved