أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 13th October,2000العدد:10242الطبعةالاولـيالجمعة 16 ,رجب 1421

الثقافية

الهروب من القفص
كلما القيت نظرة على قفص الطيور الذي يقبع في فناء المنزل تذكرت صديقي ناصر، ثمة علاقة كبيرة بين هذه الطيور الحبيسة في هذا القفص الحديدي القاسي وأسلوبه الشاذ في تربية أولاده الذي يقوم على المنع والتقفيل واستخدامه عصا اللاءات الغليظة في كل كبيرة وصغيرة، لا للعب مع أولاد الحارة لا للخروج للشارع وحتى السوق لا يشاهدونه إلا من خلف زجاج سياراتهم المظلله.
كان يقول لي دائماً الوقاية خير من العلاج، قلت له المريض قد يتعالج يا أخي ناصر ولكن الذي يعيش خائفاً طول عمره من المرض يشقى بخوفه أكثر من المريض فانفجر ضاحكاً وهو يضرب بكلتا يديه المنضدة حتى شرق ثم قال: هذه فلسفة أنت لا تعرف المجتمع مثلي أنا أريد أن أحمي اسرتي من عدوى الفساد أريد أن أربي أولادي بعيداً عن قرناء السوء وتجار الرذيلة.
قلت: أنا لا أختلف معك يا أخي ناصر في ضرورة تربية الأولاد تربية سليمة والمحافظة على كيان الأسرة ولكنني اختلف معك فقط في الأسلوب والطريقة، قال: كيف؟ قلت: يعني بامكانك أن تحصن الأسرة بدلاً من أن تكتم انفاسها قال بتهكم: لم أعد أفهم ما تقول زدني من هذه الفلسفة, قلت له بهدوء: أقصد أن الوقاية ليست بالمنع كما تظن ولكن بزيادة الوعي والمعرفة والارشاد والتوجيه، ألقى نظره إلى السقف وأخرى على لوحة قديمة تقابله على الجدار ثم عاد يتفرس وجهي وكأنه لا يعرفني من قبل ثم قال: هذا آخر ما عندك؟؟
قلت له مشيراً برأسي بالتأكيد نعم، بدأ عليه الانفعال نهض من مكانه واقفاً ومضى يقول بعصبية كل هذا كلام كتب وفلسفة وبس خله ينفعك وانصرف.
ومضت السنين ونحن لا نلتقي إلا نادراً وكلما دعوته إلى بيتنا اعتذر حتى فرقت بيننا ظروف العمل وانقطعت اخباره عنا وكبر العيال وتقدم بنا العمر وحاولت كثيراً ان أعرف شيئاً عن اخباره وأخبار عياله دون جدوى وكلما وقفت أمام القفص تذكرت أولاد صديقي ناصر فيرق قلبي لهم.
وفي أحد الأيام حدث أمراً اقلقني كثيراً لقد نسيت الخادمة أن تقفل باب القفص بعد أن صبت الماء وادخلت الطعام وعندما خرجت مبكراً للعمل في الصباح كالعادة رأيت منظراً بشعاً أفزعني وأرعبني وجعلني أشعر بالأسى والحزن العميق، لقد رأيت القفص مفتوحاً وبداخله وحوله تناثرت رؤوس وأشلاء الطيور وتطاير الريش هنا وهناك، ولم أعد أرى طائراً واحداً في المكان، الذي ظفرت به القطط أكلته أو قطعت رؤوسه وأوصاله بطريقة تشتم فيها رائحة الانتقام والذي لم تظفر به طار ولم يعد.
وقفت حزيناً أتأمل ما حدث وقلت لنفسي بحسرة: ان ما حدث لهذا الطير درس بليغ يجب أن نتعلم منه الكثير وارتسمت أمامي مرة أخرى صورة صديقي ناصر وأسلوبه القاسي في تربية أولاده، لقد شهدتهم معي هذه النهايةالحزينة والمؤلمة عندما نسينا يوماً واحداً أن نغلق باب القفص فكيف حال أبناء صديقي ناصر بعدأن كبروا وهل ما زالوا في اقفاصهم يرقدون؟ أم طاروا بعيداً بعد أن وجدوا فرصة للهروب؟ لا أدري!!
أدرت قرص الهاتف لأخبر أحد الأصدقاء بما حدث للطير والقفص فاخبرني بقصة أولاد صديقي ناصر فصدمت.
أحمد موسى الطيب
الرياض
***********
** الهروب من القفص فكرتها جميلة ونهايتها أجمل، إلا أن الصديق أحمد الطيب لم يوفق في كتابة القصة بشكل سليم، فنلاحظ أن الحوارات مسيطرة على القصة بطريقة عشوائية بالاضافة إلى تداخل اللهجة العامية مع اللغة الكتابية، وكان بالامكان توظيف فكرة القصة بالشكل الذي يجعل القصة رمزية,, فمثلاً القفص يرمز إلى التربية الصارمة القائمة على الحديد والنار وهي التي يلجأ إليها الآباء في تربيتهم للأبناء مما يجعلهم يشوهون ملامح شخصيتهم ويملأونها بالكبت والجنون والشك.
تحية للصديق أحمد على مشاركته المتواصلة في هذه الصفحة.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved