أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 13th October,2000العدد:10242الطبعةالاولـيالجمعة 16 ,رجب 1421

مقـالات

قد يكون الهلع هو الأزمة الحقيقية
لقد أوجد اندلاع حمى الوادي المتصدع بجازان قبل ثلاثة أسابيع حالة من الطوارئ مازالت مستمرة، وقد تستمر بعض الوقت إلى ان تتم السيطرة على مصادر الوباء ونواقل المرض، وتصبح الاوضاع الصحية مطمئنة تماماً.
ولقد شعر المسؤولون عن الصحة بخطورة الأمر، فبادروا فور استقبال الاصابات الأولى بمستشفيات المنطقة الى تقصي سبب هذا الوباء والتعرف على مصدر العدوى وطرق انتقالها فبدون ذلك لا يمكن ان توضع خطة وقائية او علاجية فعالة.
وقد رأى الأطباء السعوديون الذين انتدبتهم وزارة الصحة إلى المنطقة الموبوءة أن التشخيص الأرجح هو حمى الوادي المتصدع المعروف توطنها في قارة افريقيا, وارادت الوزارة ان تقطع الشك باليقين فبعثت على عجل أحد المختصين ومعه عينات من دم بعض المرضى الى مركز مكافحة الأمراض في أطلانطا، حيث تأكد التشخيص هناك.
وجرى التعامل مع الوباء على بصيرة، مع أنه لم يسبق ان ظهر في المنطقة من قبل, وهكذا تم التوصل إلى مايلي:
تحديد الفيروس المسبب للمرض.
تحديد مصدر العدوى وطرق الانتقال وكيفية مكافحتها.
تحديد معايير التشخيص وتعريف الحالة المرضية.
وضع الخطة الوقائية والعلاجية.
تنظيم آلية الاستقصاء الوبائي وتأكيد التشخيص.
التأمين الفوري لمستلزمات العمل.
كذلك اتخذت كل من وزارة الزراعة ووزارة الشؤون البلدية والقروية ما يلزم من اجراءات.
ومن الطبيعي ان تبدو في وطيس الازمات كل الاجراءات بطيئة مهما كانت فعالة, ولقد أحدث ذيوع العلم بهذا البلاء المفاجئ صدمة بين المواطنين لاسيما سكان المنطقة الموبوءة, حيث ان الصورة التي برزت امام أعينهم هي صورة حيوانات تنفق، وبشر يصرعهم المرض.
ومن عواقب هذه الصدمة ان يسري نوع من الهلع بين الناس,, فتغطي الشائعات على الوقائع الصحيحة, وتصبح الشائعة بديلا عن المعلومات, فإذا سمع الناس عن حالة اصابة ظهرت هنا أو هناك خارج المنطقة الموبوءة، ظنوا أن الوباء انتشر وأن هناك مئات من الاصابات ولكن السلطات تخفي خبرها, وإذا ذكر لهم ان بعض الماشية التي لم تخضع لاجراءات الحجر الصحي هي التي تفشى بينها الوباء ظنوا ان جميع المواشي موبوءة وتجنبوا أكل اللحم وربما قاطعوا الولائم التي يقدم فيها اللحم, وإذا أعلن المسؤولون ان العدد القليل من الحالات المرضية التي أدخلت المستشفى في مناطق غير موبوءة انما قدمت من جازان، ولا يخشى ان تكون مصدر عدوى، لأنها أولا معزولة، وثانيا لعدم توفر مقومات العدوى، وان هذا ليس مؤشراً على ان هناك بؤرا أخرى لتفشي الوباء، فإنهم لا يصدقون بل يحتجون بأن لديهم هنا ايضا مستنقعات وبعوضا وماشية تباع وتذبح, وهكذا تذهب الظنون والمخاوف بالناس كل مذهب وتفقد الاخبار الرسمية مصداقيتها بل وتفهم على عكس مقصودها وتبقى الشائعات والمخاوف مصدراً لكثير مما يقال ويكتب.
هذا النوع من الهلع يوجد جوا مشحونا بالانفعال والعواطف وما يتبعها من ملاومات ومبالغات وبحث دائم عن مقصرين تفرغ عليهم هذه الشحنات الانفعالية.
وغني عن القول ان هذا الجو المشحون يشكل ضغطا على العاملين والمسؤولين في الميدان يربكهم ويضعف من سلامة اجراءاتهم ويصيبهم بالاحباط, وهذه في رأيي هي الازمة الحقيقية, وهي أزمة في حد ذاتها وأزمة أيضا تقف حائلا دون ظهور التجاوب المأمول في مثل هذه الظروف ومن ذلك مثلا مساعدة المسؤولين بالتنبيه إلى نواحي الخلل الفعلي في الاجراءات والمساهمة الفعالة في انشطة المكافحة، والانتباه الى ما يصدر من تعليمات وارشادات,, وغير ذلك مما هو معلوم للجميع.
واخيراً فإننا سنتعلم جميعا الشيء الكثير من هذه النازلة مواطنين ومسؤولين, وأول وأهم درس نتعلمه هو الا تفقدنا المفاجآت صوابنا، والله المعين.
د, عثمان بن عبدالعزيز الربيعة
وكيل وزارة الصحة للتخطيط والتطوير بالنيابة.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved