أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 13th October,2000العدد:10242الطبعةالاولـيالجمعة 16 ,رجب 1421

مقـالات

الإعلام الرمادي
د, عبدالرحمن بن محمد القحطاني
الإعلام الرمادي نشتقه من مفهوم الدعاية الرمادية والتي تستند إلى بعض الحقائق التي لا يمكن إنكارها، وتضيف إليها بعض الأكاذيب بحرص شديد وترتبها ترتيبا مغرضا، بحيث يصعب على القارئ أو المستمع أو المشاهد غير المدقق اكتشاف ما فيها من تضليل وخداع، كما أنها تخلط بين مخاطبة العقل والغرائز، وتكشف عن مصدرها في الوقت الذي يظل فيه اتجاهها ونواياها غامضا على الجمهور أو مضللا له , إذن هذا هو واقع سياسة الإعلام العراقي الصدامي الرمادي قبل حربه مع إيران وأثناء غزوه للكويت وبعد تحريرها عام 1991م، قام الإعلام العراقي بتوجيه قيادة النظام البعثي فاستعمل الألفاظ البراقة الخادعة فخدع نفسه وأهل العراق قبل أن يخدع أبناء الخليج، توسل بالإسلام والقومية فهدم حقوق الإنسان قبل أن يهدم القومية العربية، استخدم ألفاظ الشتم وألصق التهم لمن دعم العراق وهو آخر من يتحدث عن الدعم والمساندة للأمة العربية، خلع المزايا وخلط بين الفضيلة والرذيلة لإضفاء روح السيادة على النظام البعثي ولقياداته لكسب الرضا والعطف والتأييد لتحقيق أهدافه الذاتية في السيطرة والتحكم، استغل ضعاف النفوس من العرب والمسلمين وغير المسلمين وخصوصا الإعلاميين والصحفيين لترويج أهدافه وتصحيح أخطائه، ضحك على شعبه وأفراد قوات العراق المسلمة بلهجة أهل العراق وبساطة شعبه، تعمد استغلال خسائر العراق ونتاج سلوكه العدواني على الكويت وأهلها واتخذ شعارات تعتمد على الحيل والأكاذيب حيث حذف جوانب الحقيقة وتعمد الكذب لكي يصدقه الجميع, هذه سياسة النظام البعثي وللأسف الشديد حتى هذه اللحظة.
الإعلام العراقي وهو يكرر عمله مرة أخرى يتناسى بكبرياء وتعمد غزوه للكويت في الثاني من شهر أغسطس 1990م, يتناسى قرار هيئة الأمم المتحدة رقم 660 في الثاني من أغسطس الذي يأمر العراق بخروجه من الكويت حالا وبدون شرط, يتناسى قرار هيئة الأمم المتحدة رقم 661 في السادس من شهر أغسطس الذي ينادي بالحصار الاقتصادي, ويتناسى كافة قرارات هيئة الأمم المتحدة والمساعي المتعددة في انسحاب العراق من الكويت وتجنب الحرب والحصار الاقتصادي حتى وصل الأمر إلى قرار دولي بمبدأ النفط مقابل الغذاء ولا زال النظام العراقي يصر اليوم وغداً على سلوكه بكل كبرياء وتعنت بل ويهدد دول المنطقة.
سياسة الإعلام العراقي خاطئة بكل معايير الإنسانية, دعا إلى القضاء على النظم الرجعية العربية ونسى نظامه البعثي، ماذا قدم للأمة العربية والإسلامية؟ بل وماذا قدم للعراق؟ تصفية عرقية في الشمال والجنوب وحرق الأبرياء بمواد البتروكيماويات كما حدث للأكراد، حربه مع إيران وعلى مدار ثماني سنوات وخرج منها لا مهزوم ولا منتصر وما يقارب مليون شهيد من الطرفين وحرق مليون نخلة في داخل العراق! وحرب على المستوى الدولي مع شرعية قرارات هيئة الأمم المتحدة وحرب قائمة من أوائل السبيعنات وحتى الوقت الحاضر مع أهل العراق في الداخل ضحاياها الأبرياء والنساء والأطفال وليست القيادة التي تنعم بالأمن والغذاء والوسادة من ريش النعام ولكنها مدفوعة القيمة من دماء أبناء العراق, ردد السعي إلى تحقيق الوحدة العربية وهو أبعد من ذلك والديل غزوه للكويت، فمزق الوحدة العربية، تبنى حل قضية الأمة المزمنة تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة وهولم يستطع تحرير نفسه من الأنا المظلم وأرض العراق من الموت والخراب والوباء بسلوك المشين, يطالب بتحقيق العدالة الاجتماعية بين الشعوب العربية وتناسى أن النظام العراقي نظام ديكتاتور شعاره القتل والتعذيب وعدم الرحمة والابتزاز، ويدعي محاربة القوى الإمبريالية والرأسمالية وهو خير ممثل لها! برضاه أو بغير رضا, فأعلن صدام وشلته فجر الثلاثاء 26/2/1991م بالانسحاب تاركا خلفه عار الذل والهزيمة والعيب، والله، لن ينسى التاريخ البشري ما قد فعلت إنه إنكار العروبة والأخوة بينما يتغنى إعلام العراق يوما بعد يوم بالنصر على الشعب العراقي وحريته وارادته الذي هو الآخر لا حول له ولا قوة.
إعلام العراق يشن حملة إعلامية رمادية على المملكة العربية السعودية وهو أمر مردود عليه بالكلمة وبالملاحظة وبالأرقام وبرؤية شرعية محلية وعربية وإسلامية وبقرارات هيئة الأمم المتحدة.
المملكة لمن لا يذكر التاريخ وأنت عزيزي القارئ أو المستمع إذا كان عمرك أثناء غزو العراق للكويت عشر سنوات فأنت الآن عمرك أو عمركِ عشرين سنة، وبعقل الشاب الواعي، المملكة قبل غزو العراق للكويت كانت راعية للصلح وفي مدينة جدة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني سلمه الله كان بين الطرفين عزت إبراهيم رئيس الوزراء ممثل العراق والشيخ سعد الصباح ولي عهد الكويت ممثل الكويت, عزت إبراهيم يعتذر عن مواصلة الحوار الأخوي بحجة صداع في رأسه وكأنه يقول للمجتمعين صدام في رأسي ولكن في اليوم التالي العراق يحتل الكويت.
فعلى النظام العراقي أن يعيد حساباته في خطابه الإعلامي فهذا لن يصل ولن يخيف أبناء دول الخليج بعد أن أدرك حقيقة عرفها الكبير قبل الصغير أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، فشعوب المنطقة مع وطنها وقادتها فقد عانت هي الأخرى ويلات حرب تحرير الكويت ومن قبلها نتائج الحرب العراقية الإيرانية (1980 1989ه).
على النظام العراقي مرة أخرى مسؤولية أن هناك قرارات دولية صدرت، وقرارات سوف تتبع وهي ليست في صالح النظام نفسه في المدى البعيد أو القريب ولا شعب العراق اليوم ولا في الغد, إن هناك أسبابا معروفة يضمرها النظام العراقي للدول التي يهاجمها وتوقيت إعلامه في المرحلة الحرجة بعد ظهور الصوت العربي بقوة فيما يتعلق بحقوق فلسطين والمسجد الأقصى، ويخرج النظام العراقي بصورة ليست غريبة علينا وبإطلاله الضعيف الذي ينظر من ثقب باب مغلق في غرفة مظلمة كظلمة قلب النظام الصدامي الذي أراد لذاته التاريخية أن تتضخم على حساب شعوب قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.
فإذا كان إعلام العراق قد بينت له ورصد له ودعم له من الخارج!! فإن هذا لم ولن يغير في عقول أبناء المجتمع, وبخاصة أبناء منطقة الخليج على ما أقدم عليه العراق وما نتج عنه بعد تحرير الكويت من مشاكل اجتماعية واقتصادية تعاملت معها دول الخليج باقتدار وصمود وبدروس مستفادة، فالعاقل من العراق، أو غير العراق يجب أن يدرك حقيقة مفادها أن ساحة لعبة الشطرنج قد تغيرت حدودها وأزيلت خطوطها وتغيرت مسميات رموزها وأصبح العالم كله ساحة مكشوفة يسقط فيه الغبي ولا فض فوه من قال لا يصح إلا الصحيح والله المستعان.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved