| الثقافية
هل يوجد مثقف يسأل ضميره الأسئلة الصعبة ويواجهها لا في مصلحته بل في إطار مصالح أخرى متكاملة.
السؤال كبير لكن الاجابات الجاهزة التي تعودنا سماعها ستقول ان طهارة المثقف بصفته ضمير الأمة تنبثق من طهارة السياسي الذي هو صوت الامة وهذا كلام شعاراتي لأن المفترض أن ينبثق السياسي من المثقف الذي هو صوت الضمير ولا ينبثق المثقف من السياسي الذي هو صوت الواقع المعاش فالحلم ارحب والحلم مكمن الابداع.
ان الاحتماء باطروحات ايديلوجية من نوع التفكير الواقعي السياسي انعكاس سيئ في مستوى الاستيعاب عند الشعاراتيين والواقعيين وبعض المثقفين، وتفكير من هذا النوع محبط لأن احداً ما لا يأخذ حقه فالواقعي يعجب ممن يذمه ويمدحه في نفس الوقت,, لأنه لا يعرف ان اي انسان في التصور الصحيح هو ممدوح في وقت ومذموم في وقت مهما كانت نقاوته.
أترك السياق من اجل السؤال ببراءة هل اوراق الثقافة مختلطة ام ان الامر اختلط علي انا الى الدرجة التي عمي فيها بصري عن تشكيل خريطة حقيقية للثقافة المحلية مع اني أقرأ واكتب واتابع منذ سنوات,, وانا لا اطمح الى منصب العارف بل اطمح الى معرفة اتجاهي بين اغصان متشابكة من الخطأ الى الخطأ,, وتكرس المؤسسات الثقافية اوراقا في المناسبات الثقافية النادرة الحدوث تقول بصراحة مثل الشمس إن هناك تقصداً لإعاقة التفكير وتهميش الثقافة العليا,.
ومريدو الرواد واتباعهم من الكلاسيكيين ومدعي التحديث يحولون الفكر الى جدل مع آخر مفترض الخطأ مقدما حتى وهو صامت لا ندري من هو ولا اين هو ولكنه يهدد وجودنا واخلاقنا وثقافتنا ويوجه ابداعنا,, وعند تكشف الاوراق تجد ان الحيرة تضطرب مع شهية الكلام لإثبات الذات الانهزامية وتمجيد الآخر المدجج بالحيل والشيطنة التي لا قبل لنا بها.
اي فكر مهما انحط وتخلف يهزم نفسه يا قوم ولما توجهون حربكم لذواتكم بافتراض هزيمتكم الثقافية في حال مواجهة الآخر او الجديد المبتدع الذي قد يكون فيه الخلاص,والمبدعون يبدعون ادبا ويسكتون عن محاورة بعضهم لأن الحوار قد يمس قيمة المبدع.
اما جمهور الثقافة العام نوعان نوع يسمع ويقرأ ويسكت سخرية لأنه اكثر وعيا من المطروح بالساحة ونوع ينتظر الفرج لفهم الحكاية من اولها التي ليس لها اول او آخر كما هو حال كاتب هذه السطور.
النتيجة السابقة جاءت ببراءة مثل سؤالي لأني قارئ في وسط ثقافي غريب الاطوار فهو اولا معوق بالعيب والممكن وغير الممكن وعليه ان يسكت عن المنطوق فيه ولكي يثبت ذاته فالجميع يطلب منه الخوض في المسكوت عنه لأنه في رأيهم مغامرة تستحق الكلام,, واحيانا اذا لم يكن هناك مسكوت عنه فاليكم بالمكشوف الذي يكشف حتى صارت منافسة كتب العهر في الادب اكثر من ان تحتمل وعلى المبدع من هذا الصنف ان يفجر مفاهيم التعري بادئا بنفسه لنقول له ان اعترافاتك لا تقل عن اعترافات جان جاك روسو الاديب المكشوف في اعترافاته التي صارت مثالا في زمانه مع اننا لسنا في القرن السابع عشر حيث لم تكن الصور الخليعة ولا كتب الدعارة متداولة وانما كانت الاثارة بالكلام المباشر فبدلا من وصف الكاتب لتصور جنسي يستطيع اولاد المدارس الحصول على التجربة من جهاز الكمبيوتر بالنقر على موقع اباحي ان غابت التربية التي نفترض مقدما انها غائبة عن حياة الاديب او الفنان الذي يجب ان كان صريحا في طرحه السياسي والفكري ان يعرج على اماكن ,,, لأنه كما يقول يعري المجتمع دون ان يخاف من الفضيحة لأن نقاد العرب سيقولون عنه متجاوزاً ومتحرراً ويعري الحقيقة ويكشف العيب ويناقش المسكوت عنه بالوثائق والحوادث من تاريخ المجتمع.
الطرح العربي بمجمله الطرح الادبي المحلي الحديث يجرفه هذا الميل الغامض عن القول الاباحي مع اننا كما قلت نستطيع الحصول على القباحية مباشرة من كتب قديمة او افلام تسوق بطريقة غير شرعية ولا داعي لتكريسها في السياقات لتكون معوقا يمنع الكتاب بسببه الى جانب المعوق الثقافي الرقابي وبقية المشاجب العربية للرقابة.
وثانيا وسطنا الثقافي الغريب مجتمع مستهلك قل ان ينتج ما يبل الريق ويفك الضيق من الادب والفكر لأنه يضره ما يقول واذا لم يضره فهو لا ينفعه في عالم السوق فما اكتبه لا ينشر اذا لم يكن جماهيري التوجه.
وثالثها ان وسطنا الثقافي الغريب عالم ثقافي يديره ادباء عجائز معمرون متقاعدون يعتقدون انهم يخططون الثقافة ويحمونها من التيه والضلال مع ان ثلاثة ارباع مجتمعنا المستنير شباب في الخامسة والعشرين فتتكرس عزلة المثقف لأن برامج الاداء معوقة بكبار السن الذين يديرون الاندية والجمعيات او يوجهونها معتقدين ان ما كان قبل ثلاثين سنة هو ما يكون الآن مع ان اللغة العربية نفسها تغيرت فيما تغير وهم جامدون.
خامسا ان مجتمعنا الثقافي الغريب يقلد من يقلدون المقلدين بمعنى اننا رجع الصدى الثالث او الرابع الذي لا يجعلنا في افهومات حقيقية حول الحياة او الناس لأننا لا نجرؤ على الكلام المباح لا في الليل ولا في الصباح.
سادسا ان مجتمعنا الثقافي الغريب مبني على اسس تكرس اظهار الفصام بصفة الوجه الظاهر والوجه الخفي للفرد مما يجعل ثقافتنا عامة في المنظور والمنطوق لا تمس حقيقتنا الداخلية بحال من الاحوال.
|
|
|
|
|