كنت قد كتبت أو بالأحرى كنت أكتب (في منتصف الأسبوع الماضي) في الوقت الذي كان فيه بطلنا الفروسي خالد العيد يخوض غمار نهائيات مسابقة الفروسية في دورة الالعاب الاولمبية السابعة والعشرين التي اختتمت فعالياتها في سيدني بأستراليا الاسبوع الماضي، وقتها لم تكن الرؤية قد اتضحت بعد عن نتيجته، وان كنت قد اشرت لها بنوع من التفاؤل في المقالة ذاتها,, وفي مقالة سابقة لكن كان لا بد من معرفة النتيجة النهائية لتحديد مضمون المقالة,, ولهذا اقتصرت على انجاز بطلنا في العاب القوى هادي صوعان الذي فاز بفضية 400م حواجز,, كما ان كلا من البطلين يستحق مقالة مستقلة,, تقديراً لهذا الإنجاز.
والواقع ان هذه الميدالية، قد تأخرت بعض الشيء، إذ ان ميدالية اولمبية في مجال الفروسية ايا كانت درجتها، كنا نستحقها منذ مدة,, إن في دورة اتلانتا 96,, او قبلها في برشلونة 92م وهذا ليس تقليلاً من هذا الإنجاز الذي تحقق على يد الفارس خالد العيد,,، بل هو انجاز كبير,, وشرف لخالد ان يكون اول فارس سعودي يفوز بميدالية اولمبية، وهو انجاز يضاف لسجل الانجازات السعودية الرياضية بصورة عامة وانجازات الفروسية وما اكثرها على جه الخصوص,, لكنها الحقيقة المبنية على سجل الفروسية السعودية في المحافل الدولية,, والدعم الذي تلقاه هذه الرياضة من الفارس الاول صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني دعماً ينطلق من ذات سموه المحبة لهذا النوع من الرياضة,, ثم جهود اتحاد الفروسية برئاسة سمو الامير فيصل بن عبدالله بن محمد,, الذي استطاع ان يوجد لهذه الرياضة شخصيتها وليصنع كيانها وتحديدا في قفز الحواجز قياسا بالفترة الزمنية القصيرة لعمر الاتحاد مقارنة باتحادات اخرى,, او بالنتائج ومرحلة البناء.
قلت ان الميدالية تأخرت عن وقتها,, لأننا نملك فريقا مؤهلاً للمنافسة,, فالعيد,, والدهامي,, والجعيد ممن بدأوا مسيرة هذه الرياضة,, كلهم مؤهلون لذلك لكن ربما لأننا في ذلك الوقت خصوصا برشلونة 92,, لم نكن بعد قد استوعبنا او ادركنا مثل هذا المردود,,, وكانت الامكانات المادية عقبة كبرى امام الاتحاد,, إذ ان إعداد الفارس يكلف مبالغ طائلة,, ناهيك عن الخيل نفسها,, ونقلها,, والاعتناء بها,, الخ,, ولم يكن الحظ افضل في اتلانتا.
وفي هذا الاولمبياد,, وعندما توفر الدعم المباشر من سمو ولي العهد يحفظه الله,, ووجد هذا الدعم تجاوبا سريعاً واستعداداً ذهنيا,, ومعنويا لترجمته من قبل هؤلاء الابطال,, كانت ردة الفعل,, وكان بالامكان ايضا تحقيق الأكثر,, لولا ارادة الله,, ثم الحظ الذي عاند رمزي الدهامي في البداية,,!
المهم,, انها تحققت ولله الحمد,, وأيا كان البطل,, فهي للوطن,, وهي ايضا لزملائه الآخرين الذين شاركوه مرحلة الاعداد والتجهيز,.
وهي ايضا للاتحاد,.
وهي ايضا لكل من ساهم في هذا الانجاز,.
ان لرياضة الفروسية خصوصية معينة,.
ولها عندنا خصوصية اخرى,, تنطلق من مكانتها وموقعها بالنسبة لنا,.
فهي قبل ان تكون رياضة منافسة شريفة,, وميدانا لتبادل الأوسمة,, فهي رياضة عربية اصيلة وقبل ذلك,, كان لها دورها الكبير,, في كتابة تاريخنا الاسلامي العظيم,, وفي بسط نفوذ الدولة الاسلامية ووصول هذا الدين الى بقاع كثيرة من هذا العالم المترامي الاطراف.
وفي العصر الحديث,, كان لها دورها في توحيد هذا الكيان العظيم,, المملكة العربية السعودية.
ولهذا,, تأتي هذه الميدالية,, ذات نكهة مميزة وخصوصية معينة.
ولعل مما يضيف ابعاداً اخرى لهذه الميدالية وهذا الفوز,, تزامنها مع الذكرى السبعين لاحتفائنا باليوم الوطني الذي كانت الخيل اساساً في كتابته ووجوده.
وتأتي متزامنة مع اصداء الاحتفاء بمرور مائة عام على تأسيس المملكة الذي قام في اساسه على الفروسية,, بعد الاتكال على الله,, ورفع راية التوحيد,, واقرار لواء العدل.
لهذا,, تكتسب ميدالية العيد هذه خصوصيتها من تلك المنطلقات,.
ويكون لها طعم مميز,, ومذاق خاص,,!
لقد جاء فوز العيد بهذه الميدالية واسمحوا لي بهذه المصارحة بعد فوز هادي صوعان بالميدالة الفضية,, ولما تزل اصداء هذا الفوز تتردد,,.
لأنها الميدالية الاولمبية السعودية الاولى,,.
ولأنها فضية,.
ولأنها في سباق ضمن العاب القوى (ام الالعاب) الكل يفهم فيه,, والكل يتابعه,, والكل يهتم به,.
ولأنها كانت في تحد مع البطل الامريكي انجلو تايلور,.
ولأن مجريات السباق كانت مثيرة في كل لحظاتها,, وفي نتائجها النهائية.
لهذا لم يحظ العيد او ميداليته بمثل هذه الاحتفائية,, كما لو كانت الميدالية الوحيدة,, او لو كان هو السابق لهادي صوعان.
على ان هذا,, لا يقلل من انجاز العيد,, ولا ينفي احقية هادي صوعان بذلك الاهتمام,.
ان انجاز العيد,, وانجاز هادي,, هما في الواقع انجازان للوطن,.
وكل انجاز لهذا الوطن يجب ان نحتفي به,.
وانجاز هادي صوعان,, والعيد,, كما قلت في منتصف الاسبوع الماضي يجب ان يضعنا امام حقيقة هامة,, وهي ضرورة تقنين مشاركاتنا القادمة,, واعادة النظر في كيفية هذه المشاركات,, وكيفية انتقاء نوع الرياضة,, ونوعية الابطال والمواهب وهذا موضوع طويل يحتاج لنقاش مستقل,.
لقد اثبت هادي,, والعيد,, قدرتهما على (قفز الحواجز),,.
وأثبتا قدرة الرياضة السعودية على (قفز الحواجز),, متى ما توفر لها الدعم الكافي,, ووجدت من يستثمر هذا الدعم ويتجاوب معه,.
ان الانجاز الذي حققه البطلان,, لم يكن ليتحقق لولا ارادة الله سبحانه وتعالى وتوفيقه في المقام الاول,.
ولم يكن ليتحقق لو لم يكن هناك دعم وعمل مخلص وبناء من اتحادي ألعاب القوى,, والفروسية,.
ولم يكن هذا كافيا,, لو لم يكن هادي صوعان وخالد العيد,, على قدر المسئولية,, وعلى قدر الثقة.
ان هادي صوعان,, وخالد العيد انموذجان للانسان الملتزم في حياته العامة,, وفي حياته الخاصة,.
وهما انموذجان للرياضي الملتزم في رياضته وهوايته,.
ولهذا,, كان النجاح حليفهما,.
وهما انموذجان,, لكل شاب,, او رياضي يرنو الى قمة المجد,.
وإلى تقديم العطاء لنفسه,.
وإلى تقديم العطاء لهذا الوطن المعطاء,.
والله من وراء القصد.
raseel @ La.com
|