| عزيزتـي الجزيرة
حقيقة لا ينكرها أحد أن للصحافة دورا هاما ورئيسيا في المشاركة في تنوير المجتمع وتثقيفه صحياً وان تلعب دورها التوعوي المنوط بها في حمى الوادي المتصدع والذي تعرض له مؤخرا ذلك الجزء الغالي من وطننا الحبيب (جازان),, وقد أكد ذلك سيدي صاحب السمو الملكي الامير/ عبدالله بن عبدالعزيز إبان زيارته الميمونة رعاه الله للمنطقة، حيث أكد سموه الكريم على أن: الصحافة المثالية عين رجل الدولة والمواطن إذا جاءت ملبية لنداء الواجب بمسؤولية ومصداقية تتمثل فيها أخلاقيات نقل الخبر بصدق واسلوب لا يحتمل التأويل,, وقد أكد ذلك صاحب السمو الملكي الامير/ نايف بن عبدالعزيز آل سعود وزير الداخلية خلال لقاء صحفي من خلال رده على السؤال: بماذا تطالبون وسائل الإعلام والكتّاب والمثقفين في طريقة تناولهم لهذا المرض,, حيث ذكر سموه الكريم أرى دائما ضرورة التحقق من الأمور والتحقق من ذلك قبل الكتابة,, وأن ما يكتب يحقق الفائدة المرجوة منه .
كما أكد على ذلك ايضا صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز نائب وزير الداخلية خلال لقاء صحفي حيث دعا سموه الإعلام بكافة وسائله المرئية والمسموعة والمقروءة الى التروي والدقة والتحري في نقل المعلومة الصحيحة ونقل الحقائق كما وقعت.
وما ان ظهرت في الأفق حمى الوادي المتصدع إلا والجميع يكتب ويحلل ويظهر براعته,,, ولا يدري ما رد الفعل الذي قد يطرأ على ما كتبه بيمينه.
فداخليا هلعٌ وخوف,, والجميع يشعر بالحمى نظراً للحالة النفسية التي أثارتها الأخبار الداخلية بالصحف المحلية.
وخارجياً,, لماذا نتيح الفرصة لغيرنا للنيل منا في كل صغيرة وكبيرة والحقيقة قابعة في مكمنها وموثقة بصورة علمية دقيقة.
لقد جمعتني في الأسابيع الماضية لقاءات بزملاء كرام وهم على درجة عالية من العلم والثقافة,, وبما أني أحد العاملين في وزارة الصحة,, فقد دار جزء من النقاش عن حمى الوادي المتصدع,, وقد راعني ما استشهد به الإخوة من اخبار بثتها الصحف ووكالات الانباء عن حمى الوادي المتصدع,, وعدم تصديق ما تقوله وزارة الصحة يوميا من بيانات رسمية علمية حقيقية موثقة وبمراقبة المنظمات العالمية ذات الاختصاص والتي أحرص ما تكون في التحقق من الأمر في مثل هذه المواقف، وهناك بعض الأخبار والعناوين التي يستشهد بها بعض الزملاء مثل: مقابر جماعية,, يريدون تفسيراً لها؟ كم عدد هذه المقابر؟ مواقعها؟ كم عدد الافراد في كل مقبرة؟ وهكذا الاسئلة لا تنقطع عن كل خبر.
إنه وباء فتاك,, يريدون تفسيراً له ما هو ذلك الوباء اسبابه,, اعراضه,, مدة الحضانة بالجسم,, طرق انتقاله هل هي باللمس,, أم بالشم,, أم بالماء,, أم بالدم؟ علاجه؟ التطعيم؟ ماهو دور الحيوانات الاخرى غير الماشية في انتشاره؟ هل تعدم القطط؟ هل تعدم الكلاب؟ هل للفئران التي تأكل الحيوانات النافقة دور في انتشار المرض؟ هل للأسماك؟ هل للألبان؟ هل للدجاج؟ هل للخضروات والفواكه دور في انتقال الوباء؟,, هذا غيض من فيض من الاسئلة التي تدور بأذهان هؤلاء الزملاء المثقفين.
إن للصحافة دورا هاما ورئيسيا في التعريف بهذه,, المشكلة الصحية التي تعرضت لها دريا الحبيبة بجازان ذلك الجزء الغالي من الوطن,, نحتاج الى تضافر الجهود من مختلف القطاعات فلا نكتفي بدور الوزارات الثلاث فقط (الزراعة والمياه/ البلدية والقروية/ الصحة) ولكن يجب ان تنطلق هذه الجهود من الاسرة التي تمثل نواة خلية المجتمع، عليها البدء في تعقيم حدائقها المنزلية والمزارع وتنظيفها ورشها,, إضافة الى اسطح المنازل ثم يأتي دور المجتمع في الاماكن التجارية وكذا النوافير وبصفة خاصة بالأحياء السكنية فلابد من إعادة النظر في طرق حفظ القمامة والتأكيد على رشها والتخلص منها اولا بأول بطرق علمية صحيحة.
وهنالك جزء هام وهو تثقيف المزارع عن دور الماشية في حملها للمرض وكيفية الكشف عليها وإعدام المصاب منها حيث ان صحته اغلى من كل مايملك من قطعان الماشية,, وهنا يأتي دور الصحافة المتخصصة في التثقيف الصحي.
لقد أكد وزير الصحة مرات عديدة ان ما يذاع ويعلن من بيانات رسمية هي الواقع الحقيقي لما يحدث,, فلماذا لا نصدق هذه البيانات ونطمئن بها ويسكن روعنا,, ويهدأ فزعنا,, الا ان البعض يصر على تصديق ماجاء به خبر صحفي ربما لم يكن موثقا بصورة علمية دقيقة,, خاصة وقد جمعت جميع انواع الحمى في حمى واحدة هي حمى الوادي المتصدع فهي المتهمة حتى تثبت براءتها.
لم تألُ الوزارة جهدا منذ السويعات الاولى لظهور المرض في تشكيل فرق مكافحة الأوبئة الميدانية ووضعت الوزارة نفسها في حالة تأهب واستنفار على مدى ال 24 ساعة وعلى اتصال دائم بمواقع الاحداث وذلك بتبليغها عن كل حالة مرضية وعن كل وفاة,, لقد تمكنت الوزارة من تشخيص المرض بعد 48 ساعة فقط وحددت انه مرض فيروسي,, بينما منسوبو الأمم المتحدة ومركز مكافحة الامراض اشاروا الى ان ذلك يحتاج في كثير من الأحيان من اسبوعين الى ثلاثة بالرغم من أنها المرة الاولى التي يظهر فيها هذا المرض الفيروسي خارج افريقيا.
وقد بدأت الوزارة في مكافحة المرض بإعطاء المرضى المقويات والسوائل والمحاليل وغسيل الكلى في محاولة لتجنب إصابة المريض بالنزيف الدموي,, او الفشل الكلوي,, أو الكبدي.
كما بدأت في نشر رسائل توعوية عن طريق الراديو والتلفزيون وعقد الندوات في الرياض/ جدة/ جازان,, إضافة الى النشرات الصحية والمطويات لتوضيح اسباب المرض وطرق الوقاية منه,, إضافة الى النشرة الإحصائية اليومية عن الوضع الصحي للمرض.
نسأل الله سبحانه وتعالى ان تكون هذه سحابة صيف وأن تنقشع عن سماء بلادنا الساطعة قريباً بإذن الله,, لتعود الصحة وبذلك البهجة والبسمة الى جازاننا الغالي.
د, رضا بن محمد خليل المستشار بوزارة الصحة
|
|
|
|
|