| الاقتصادية
لقد كان للتزايد المستمر في أعداد الحوادث المرورية وما تخلفه من خسائر مادية وبشرية هائلة أثر بالغ في زيادة الإحساس لدى الغالبية بضرورة التدخل للحد من هذه المشكلة التي أصبحت ظاهرة مقلقة لكافة أفراد المجتمع السعودي, ومما لا شك فيه فإن فعاليات الحملة الإعلامية المرورية التي ينفذها جهاز الأمن العام ويشاركه فيها معظم الأجهزة الحكومية الأخرى تعتبر صورة من صور التدخل المباشر بهدف تنمية الحس والوعي المروري لدى المواطن والمقيم على هذه الأرض المباركة وبهدف الوصول إلى كافة شرائح المجتمع بشكل عام وإلى قائد المركبة بشكل خاص على أمل ان تساهم في توعية أفراد المجمع بالمخاطر التي تكمن في عدم التقيد بالأنظمة المرورية وعلى أمل أن تعيد الأمان المروري المفقود إلى الطريق, وإذا كان التنفيذ الناجح للحملة المرورية التوعوية يتطلب أموالا طائلة، فإن من المنطق ان نطرح السؤال التالي: في ظل تعدد العوامل المسببة للحوادث المرورية، لماذا اعتقد الأمن العام ان فقدان الوعي المروري هو السبب الرئيس وراء ارتفاع معدل الحوادث المرورية على الطريق السعودي؟ ثم هل كل مخالفة مرورية ترتكب يصاحبها بالضرورة نقصان في الوعي المروري لدى مرتكبها؟
أعتقد انه كان من الضروري أن يسبق الحملة الإعلامية دراسة ميدانية شاملة تستهدف التعرف على أبرز العوامل المستقلة التي تستطيع تفسير التغيرات والتقلبات في معدل الحوادث المرورية (المتغير التابع) حتى نستيطع توجيه الموارد المادية والبشرية نحو المتغيرات الاكثر أهمية والأكثر مساهمة في تفسير التغيرات في المتغير التابع، فلو افترضنا ان العوامل التالية تمثل أبرز العوامل التي تقف وراء ارتفاع معدل الحوادث المرورية:
ص1 = مضمون النظام المروري.
ص2 = درجة تطبيق النظام المروري.
ص3 = مستوى وعي ومهارة رجل الأمن.
ص4 = زيادة أعداد المركبات على الطريق.
ص5 = نوعية الطريق.
ص6 = نقصان الوعي المروري.
ص7 = السرعة الزائدة.
ص8 = الغياب الملحوظ لرجل المرور.
فإنه يمكن تركيب المعادلة التالية لقياس قدرة كل عامل من هذه العوامل على تفسير التغير في معدل الحوادث المرورية.
ص = د (ص1، ص2، ص3، ص4، ص5، ص6، ص7، ص8)
حيث ان:
س = معدل الحوادث المرورية (المتغير التابع)
وبالنظر إلى المعادلة السابقة نستطيع القول إنه من غير المقبول علميا اتهام أي من العوامل المذكورة بالمسؤولية عن ارتفاع معدل الحوادث المرورية ما لم تثبت تلك المقاييس الإحصائية المتسخدمة في الدراسة, وعليه فإن علينا ألا نستغرب محدودية النتائج العملية للحملة التوعوية التي ينظمها الأمن العام في هذه الأيام لان من الممكن ألا يكون نقصان الوعي المروري هو السبب الرئيس وراء ارتفاع معدل الحوادث المرورية, فعلى سبيل المثال يمكن ان يكون تجاوز الإشارة سببا مباشراً وظاهرا وراء وقوع الحادث المروري ولكن لا يمكن القول بأن نقصان الوعي لدى قائد المركبة هو السبب الرئيس وراء تجاوزه للإشارة المرورية إذ من الممكن ان يكون غياب رجل المرور أو ضعف النظام المروري أو ضعف درجة تطبيق النظام المروري هو العامل المسبب لتجاوز قائد المركبة للإشارة المرورية.
وعليه فإن من المفترض في ظل الأوضاع الاقتصادية السائدة ان نعطي للبحث العلمي دوره المنتظر حتى نستطيع التعامل مع الموارد النادرة وحتى نضمن الكفاءة المالية لمواردنا الاقتصادية يجب أن نأخذ في الاعتبار أن تكلفة تصحيح الخطأ قد ارتفعت عما كان سائدا ابان فترة الطفرة الاقتصادية وبالتالي فإن المطلوب الحد من الأخطاء المالية والإدارية بقدر المستطاع عن طريق إعطاء البحث العلمي الدور البارز في صياغة وتنفيذ القرار.
إشارة: إذا كان المواطن السعودي من أكثر الناس التزاما بالأنظمة المرورية في حالة سفره إلى خارج البلاد، فإن من المطلوب البحث عن عامل آخر يقف وراء ارتفاع معدل الحوادث المرورية في الداخل غير نقصان الوعي المروري.
أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية
|
|
|
|
|