خامل أنت هكذا قال له رد الآخر ومهمل، قذفا عدة زفرات قبل أن يقول وأهبل أيضا,,, نعم أهبل وتعيس وتافه وت مثل حمارة بعض الناس بها تسعة وتسعون تاء,,, ترفس,, تصقل,, تعض,, تنهق,, الخ .
أخذ يعيد هذه العبارة,, يتغنى ببعضها,, تنتابه نوبة من النحيب المر في بعضها الآخر,, وبينما كان غارقا في حالته تلك خطرت له فكرة,, حاول الإفلات منها,,إلا أنها كانت أقوى من مقاومته ,, يشرح الفكرة بقوله,, ألا يتم تنظيف الملابس بالغسل,,, والفرش بالكنس,, وجسم الإنسان بإزالة الأعضاء الفاسدة وبترها,,, والسفهاء والمعتوهون باقصائهم عن المراكز القيادية,, إذاً لابد من وجود طريقة ما للتخلص من تلك التاءات التي أتمتع بها,,,!!
ترى ماهي تلك الطريقة؟؟
قبل أن يكمل أخذت أجزاء جسده ترتعش ولكن بتناغم تام,, وتتابعية دقيقة,, الاهتزازات تزداد,,, تتسارع,,, العرق يكسو كل أعضاء جسده,, بدأ يلهث,, عضلات وجهه في ذبول وارتخاء,, توقف فجأة,, وقال,,, لقد قمت بتنظيف جزء لابأس به من سلبيات شخصيتي,,,!
عاد بسرعة ليتساءل كيف,,,؟؟
أخذ ركنا منزوياً في غرفته المظلمة,,,والكئيبة حيث لا أحد يسكنها غيره منذ مدة لايعرف مقدارها تماما,, فقبل وفاة أبيه وزواج أمه بذلك البغل اللعين كان وحيدا ومنزوياً في هذا الركن ولايزال,, كواحد من مكونات هذه الغرفة,, أشياء عديدة مبعثرة هنا وهناك,,, لم يتعامل مع الكثير من تلك الأشياء رغم ملكيته المعلنة لها إلا أنها تظل غريبة عنه,, لايربطه بها أي رباط من أي نوع,, فقد تعامل معها كشاهد على دموعه المسكوبة وشموعه المحروقة,,, الغربة هي النتيجة الحتمية بعد كل نوبة تفكير في وضعه وحياته.
صرخ فجأة,,,؟؟
لقد رأيت دخانا أحمر يخرج من بين حبيبات العرق أثناء رقصة الموت التي كنت أمارسها,, لا يستطيع أحد رؤية هذا الدخان غيري,,, كما أنه لم يعلن أي فرد التضرر منه,,, وإن كان البعض يؤكد أن مثل هذه السلوكيات أو العيوب,,, أو التاءات التسعة والتسعين عندما تحترق تبعث أبخرة قد تحرق طبقة الأوزون ,,,!!
أخذ نفسا عميقا وقال,,.
ماعلينا لقد أحسست أن هذه الأبخرة حملت معها أشياء سلبية كانت تسكن في أعماق أعماقي بل تتصدر أحيانا الصفوف الأولى للإعلان عن شخصيتي,,.
فكانت,, فكانت,, النتيجة تلك التاءات البغيضة,, والمواقف الحقيرة التي أضطر لتقبلها,,.
فجأة انتفض وأزاح كل مايعيق يديه من التمدد,,, وقال,,.
أحس أنني نجحت في تغيير ولو جزء يسير من شخصيتي,,.
بسرعة يصرخ,,.
إذاً هذه هي الطريقة لتلميع واجهة شخصيتي!,,, أخذ ينظر لوجهه بالمرآة بزهو وكأنه يكافىء نفسه على سلامة اكتشافه,, توقف فجأة وقال,,,وهل شخصية سعادتنا واجهة محل,,,؟!!
بقناعة تامة وثقة بالنفس رد بقوله: نعم فالأذكياء من أصحاب المحلات يقومون بين الحين والآخر بالتعديل أو التغيير في واجهات محلاتهم بما يتناسب وتوجه الأسواق ورغبات الزبائن أما الأغبياء أمثالي فتجد أن واجهات محلاتهم جامدة دون أدنى تغيير ودائما تكون الاصالة والمحافظة والثبات على الموقف والمبدأ هي الذريعة التي يرددونها ولكن قلة الذكاء وعدم مسايرة العصر والعجز عن التجديد تظل تهماً يرميهم بها الخصوم,,.
بدا مقتنعا بصحة وسلامة اكتشافه,, نظر إلى الساعة,,, إنها تشير إلى الثالثة صباحا,,, إذاً يجب أن أنام,,, هكذا قرر وهكذا فعل,,.
في الصباح الباكر وبينما كان في طريقه إلى عمله أخذ يتذكر السلوكيات التي قرر أن يمارسها في العمل كنوع من التغيير الذي يتناسب مع السوق والزبون,,.
أ ذ يراجع الخطوات المطلوبة,,.
عليه أن يلقي بتحية الصباح مع ابتسامة عريضة,,, بعد ذلك يواصل اجترار عبارات السمع والطاعة,,, نعم,,, سم ,,, أمرك ,,, حاضر ,,, كما تحب,,, حتى نهاية اليوم,,.
أما الإنتاج فلا يهم,,, عليه أن يطبق القاعدة التي تعلمها أخيرا,,, الولاء ,,,, قبل ,,, الإنتاج ,,, هل يستطيع,, عليه أن يجرب,,, هكذا قرر وهو يصعد درجات السلم المؤدي إلى مكتبه.
صالح الصقعبي
|