| مقـالات
* قبس:
(كل امرئ راجع يوماً لشيمته وإن تخلَّق أخلاقاً إلى حين) |
شاعر عربي
**********
لم تخطئ العرب حين قالت: كل إناء بما فيه ينضح,, ففي الخبرات الحياتية تتمثل هذه الحكمة بوضوح وتستطيع توقع ردة فعل أي انسان اذا ما عرفت إناءه على أي القيم والمبادئ يحتوي فهي مولد السلوكيات.
ما الفارق بين سلوك الخطأ والصواب؟ ولماذا يكذب زيد ويصدق عمر!، يشتم زيد ويترفع عن الاساءة عمر!، ينتقم زيد ويعفو عمر,,؟
السبب الأقوى والأكيد أن زيداً تربى على الكذب والشتم والاساءة والانتقام هو لا يستطيع أن يقدم لنفسه وللناس الا ما يوجد في الاناء الخاص به، أما عمر فنفسه مليئة بالنور فيفيض منها للناس من حوله.
انت في لحظة غضب وفورة انفعال تستطيع أن تفعل الكثير من السلوكيات السيئة التي ترد مخيلتك فالغضب شيطان مدمر ولكن ما الذي يمنعك؟ ما الذي يجعلك أقرب إلى التسامح والترفع عن المهاترات,,؟
لا شيء سوى يقينك بان الله مطلع وشاهد وان هذه الحياة ليست بدار قصاص ثم يأتي دور انائك الذي تبحث فيه عن الانتقام والشتائم والعدوانية فلا تجد,, ربما تحدثك نفسك في لحظة غضب أن تفعل الكثير الكثير ولكن لا تستطيع لانك لم تعتد ولا يوجد لديك الذخيرة للحروب.
ان شخصية الإنسان بما تحتويه من قيم ومبادئ وسلوكيات هي عنوانه وهي التي تحدد قيمته في مجتمعه، والانسان حر في اختيار قيمته أمام نفسه قبل الآخرين، لذلك لا يضير المرء ما يفعله الناس به لكن يقيمه ما هو يفعل، والعرب في أمثالها تقول: لا ترم سهماً يعسر عليك رده.
والانسان خصيم نفسه والحكم,, اما أولئك التابعون لمن يحسبونهم أقوياء كل من يسيء للآخرين تابع لهوى النفس فيشبهون حكاية الكلب والغزال، وهي حكاية قديمة حيث عدا كلب وراء غزال فقال الغزال: انك لن تلحقني,, قال الكلب: ولم؟ قال الغزال: لاني أعدو لنفسي وانت تعدو لصاحبك!!
المثير احياناً للعجب ليس الاساءة من صديق أو قريب ولكنها القدرة التي يمتلكها البعض في إحكام لبس القناع حتى يحسب الناس أن هذه الملامح الجميلة هي الوجه الحقيقي، بينما تظهر التقاطيع البشعة في المواقف التي هي محك الإنسان.
اننا أحياناً نصطدم بالآخرين بملامحهم الحقيقية وكاننا لا نعرفهم، فالمسافة بالنسبة لنا بين الحقيقة والزيف بعيدة.
والمضحك ان يحسب الناس أن التسامح أو العفو ضعف واستكانة، بينما هو في الواقع قوة لا يقدر عليها الجميع، فالشر في تنفيذه سهل والاساءة إلى الآخر تصحبها لذة الانتصار ولكنها أمور زائفة,, أما أن تربط الجرح بعصابة حتى لا ينزف وتحمل نفسك على التسامح فالامر ليس سهلاً بل يتطلب القوة والعزيمة لمغالبة النفس المتقدة بالغضب.
الذي يعفو ويسامح هو قوي بارادته، والذي يهدد وينتقم هو ضعيف بغلبة القوى الشريرة عليه.
nbashatah @ hotmail. com
|
|
|
|
|