| الاقتصادية
تتسابق دول العالم على جذب أكبر عدد ممكن من السائحين الداخليين والخارجيين، بعد أن أصبحت السياحة صناعة العصر، وخياراً استيراتيجيا للتنمية، وبديلا لبعض الأنشطة الصناعية التقليدية التي أخذت تتلاشى بفعل التطور وتجاوز الزمن لها.
هذا وقد دخلت دول كثيرة في العالم المجال السياحي منذ سنوات قليلة بعد ان استغلت وسخرت امكاناتها الطبيعية لجذب السواح واغرائهم بقضاء عطلاتهم والتنزه والاستجمام على سفوح جبالها أو قممها الثلجية أو بين وديانها الدافئة وغاباتها المتشابكة، وذلك بعد ان اسدلت الحروب العالمية استارها وأخذت الدول تتجه لاستتباب الامن والسلام والرخاء والرفاه الاجتماعي بعد العسر والفاقة والشقاء والصراع مع أعتى أنواع الامراض المعدية بسبب سوء الغذاء والتغذية وقلة الراحة حيث لم تكد تنطفئ نار تلك الحروب حتى تولت المجتمعات البشرية اعادة البناء والاعمار ولملمة الآلام والجراح وتعيد ما هدته الحروب وتبني المجتمع الصناعي الذي استنفذ منها الوقت والجهد.
بعد مرحلة مضنية أخذ الناس يبحثون عن سبل الراحة لاجسادهم والترفيه لانفسهم ومنها انطلقت حركة ازدهار السياحة في مفهومها المتواضع البسيط وانطلق الناس للأرياف والغابات وأعالي الجبال يتأملون الحياة ويحاولون نسيان كوابيس الحروب والعمل الشاق بعيداً عن ضوضاء وصخب المدن وتلوث أجوائها, وهكذا بدأت صناعة سياحية حديثة اخذت مع الايام تشكل خارطة واسعة نحو الآفاق الرحبة في العالم.
في المملكة العربية السعودية انطلقت حركة السياحة منذ القدم حين وضع سيدنا إبراهيم (عليه السلام) اسس البيت الحرام وتفجرت بئر زمزم من اعماق الأرض المباركة الطيبة، منذ ذلك اليوم والسياحة الاسلامية في نمو واتساع، نشأت على مكارم الاخلاق وترعرعت في كنف ديننا الحنيف وتعاليمه الراقية.
لذا فعندما كتبت أكثر من مرة وأكدت على أننا لا ننطلق في الصناعة السياحية من فراغ، وإنما لدينا أرضية قوية وخبرات متراكمة وتاريخ سياحي عريق فإنني شخصيا انطلق من هذا المفهوم الموضوعي، بحيث ان ما نملكه من خبرات يجعلنا مؤهلين لخوض تجربة السياحة الترفيهية البريئة النزيهة، وتأسيس المرحلة المقبلة على قواعد قوية بالاستعانة بمن لديهم الخبرات العالمية الناجحة.
إن الارقام الصادرة من المنظمات السياحية تشير إلى ان الصناعة السياحية في نمو متسارع حيث تضاعف عدد السواح من حوالي 25 مليون فرد قبل اربعة عقود ونصف إلى 495 مليون فرد أي قد ازداد عددهم 23 ضعفا، وبلغ انفاقهم على السياحة 423 مليار دولار، ويتوقع ان يبلغ انفاقهم على السياحة اخر موسم العام الحالي حوالي 622 مليار دولار.
وفي هذا الصدد أخذت السياحة الداخلية تعيد مكانتها حيث استأثرت بنحو 90% من النشاط السياحي الدولي، ووصل انفاق السائحين الداخليين حوالي 5,6 مليار دولار، ومن هذه الارقام نرى ان مستقبل السياحة الداخلية مستقبلا واعدا، وبالامكان ان نستفيد منه إذا ما أحسنا استثماره وفق خطط قصيرة وطويلة الأمد.
فالسياحة تعتمد على الاستمرارية والتطور السريع والأخذ بالأساليب الحديثة، فمع كل موسم سياحي تظهر تطورات جديدة يتلقفها المهتمون في هذا المضمار ويضيفونها على مرافقهم ومنشآتهم ومعالمهم السياحية.
فالجديد عامل مهم للجذب وما يهم السواح هو عدم التكرار والتقليد الممل، فالممل عدو السياحة والسواح الباحثون عن كل جديد ومثير.
مما تقدم نرى ان اولى الخطوات يجب ان توجه لجذب وتشجيع وتحفيز السياحة الداخلية فالارقام تكشف عن حجم 3 ملايين مواطن سعودي يتوجهون سنويا من اجل السياحة الخارجية ينفقون حوالي 40 مليار ريال سنويا بينما الانفاق الداخلي على السياحة بلغ 5,3 مليار ريال, تكشف هذه الاحصاءات عن كيفية التوجه ورسم خطط المرحلة المقبلة في إطار العمل على كسب اكبر عدد ممكن للتوجة للسياحة الداخلية رغم ان هذه الخطوات منذ زمن قد طبقت إلا انها بطيئة كونها قامت على جهود ذاتية مخلصة إلا ان الجهد المؤسسي اكثر انتاجية واستمرارية كونه يعتمد على اصول العمل المؤسسي الجماعي ويعتمد على تقنيات حديثة في علم السياحة وعلوم الدعاية والاعلان.
لذا فإني أتوقع للهيئة العليا للسياحة ان تخطو خطوة نوعية تجاه التقدم والنجاح بما تملك من خبرة ودراية وامكانات مادية وعزائم شديدة,
يتبع
* رئيس المركز العربي للاتصال والعلاقات الدولية E-Mail: bandar@ shabkah. net.sa
|
|
|
|
|