يأبى الوفاء، وهل أنساك ياحمد
وكل ما بحت فيه بعض ما أجد
يأبى الوفاء، وأحرار الرجال أبت
لا يحفظ الفضل إلا من به قصدوا
بيني وبينك ما تحلو الحياة له
ويحفظ الود حقاً حين يفتقد
بيني وبينك ما تسمو الرجال به
حب وصدق وإجلال ومعتقد
بيني وبينك صدق القول أبعثه
كالروض تبعثه الأنواء والرعد
تأبى الأصالة من مثلي مداهنة
إذ أنكر الشمس من في عينه الرمد
ليس البقاء سوى لله منفرداً
والحق ماضره قوم له جحدوا
ماكان مستغرباً موت الكريم ولا
موت اللئيم، وكل الناس قد وعدوا
لكنما فرقة الأحباب مضنية
والخلق للموت لن يبقى بهم أحد
قالوا لنا مات شيخ القوم قلت لهم
مامات والعلم من آثاره مدد
ماذاك إلا انتقال حين نذكره
إلى السعادة، طاب الصِّدر والوَرَدُ
إني أراك وقد أوريت في جدث
حياً وكم غيرك الأموات ما فقدوا
تسعون عاماً وكم خلفت من أثر
لم يثنك الكبر الثاني ولا الهدد
بذاك تبدو حياة المرء ثانية
وبعض مَن بيننا موتى وإن وجدوا
مازلت للقوم في أخلاقهم مثلاً
وأصدق القول ما يأتي به السند
كم ذا بنفسي وكم في الصدر من وله
أضحى بفقدك مثل النار يتقد
لم يستطع ترجمان القلب يعرضه
حياً ليعرف إذ لم تستطعه يد
ولا اليراعة فيما قلت مسعفة
والعذر أني بما قدمت مجتهد
وحسبنا أن ماخلفت مشترك
للكل، ما اختص فيه الأهل والولد
يروي عطاشاً ويسقي كل واردة
كشرعة أمها للعلم من يرد
إن قلت في العلم حدث دونما حرج
أو في الفضائل لا يوفي لها العدد
بشر وخيم ندي طاهر وندى
يندا به من لذاك المنتدى وفدوا
إن أنس، لا أنس ساعات نعمت بها
بين الكريمين، أدنى جنيها الشهد (1)
ياذا المحامد، لا تحصى مناقبه
وقد شهدت وجل القوم قد شهدوا
حقاً فما بلغت أقلامنا قدراً
مما استحق، وإن أثنوا وإن حمدوا
إن كان في القوم من يشقى بميته
فإن قومك فيك الدهر قد سعدوا
ماكنت فيما نفاه الدين مضطرباً
هديت للحق حقاً مثل من رشدوا
أنكرت ذاتك لم تسع انتقاماً ولم
تجز انتصافاً وخير القوم مقتصد
الجمت نفسك عن ذاك الجماح فلم
يلق المريب سوى أن مضه النكد
من لم يؤبنك ممن يستطيع فقل
أين الوفاء؟! أم الأقوام قد حسدوا
قد يحسد المرء فيما ليس ينفعه
وقد ترى الصادق الموهوب ينتقد
لا أدعي أنك المعصوم عن زلل
كلا، وقد كنت في التحقيق تنفرد
جبت المفاوز، كم خرق عنيت به
ماكل عزمك، والآلاء تطرد
جواب آفاقها، جواس فدفدها
خريت سبسبها يقظان إذ رقدوا
أو ليت ماقمت فيه الصدق ممتثلاً
قول الحكيم، وصدق القول يعتمد
إن غبت ذاتاً فاللتاريخ صفحته
فيها تخلد فيمن في العلا خلدوا