| مقـالات
لا شك أن مجتمعات الدول الغربية ومن ضمنها أمريكا تتمتع بحريات مكفولة قانونياً، ولا شك في أنها كذلك مجتمعات جماهيرية Mass Societies ومفتوحة لكل جديد، ومتاح لها قنوات معلوماتية متعددة، ومؤتمتة تكنولوجياً,, الخ, ومع ذلك فإنه من النادر أن يحدث في هذه المجتمعات حادث ذو اعتبار إلا وتحوطه السرية، وتتعدد الروايات من حوله، وتكثر تناقضاته، وبالتالي يصبح هذا الحادث لغزاً يحاول الجميع فك طلاسمه حتى الملل والسأم، وحينها تبادر هوليوود فتحبك تمثيلية تناسب أذواق القائمين عليها ومن ثم يغلق ستار التاريخ! ويصبح الحدث نسبا منسيا! .
ثمة العديد من الحوادث التاريخية الحاسمة التي وقعت في الغرب واعتور الغموض حيثياتها، ولازم الإبهام حقائقها، ودفنت بملفاتها ولفائفها! إنه لأمر غريب بالفعل ان يحدث مثل هذا في مجتمعات معلوماتية يتغنى أفرادها بالحرية بل ومخولون قانونياً للاطلاع على ما تحتفظ به حكوماتهم من معلومات سرية Information Classified وذلك بعد مضي مدة معينة من الزمن على وقوع مثل هذه الحوادث.
تمعن، على سبيل المثال، بتفاصيل قصة اغتيال الرئيس الأمريكي جون كنيدي في الستينيات الميلادية ولاحظ كيف أنها لا تزال لغزاً يقطر دما! وحتى يومنا هذا.
فهناك من أشار إلى أعضاء في مافيا الجريمة المنظمة، وهناك من اتهم الرئيس الكوبي فيدل كاسترو وكرد انتقامي من عملية خليج الخنازير التي هدفت إلى الاطاحة بحكمه نزولاً عند رغبة بل اصرار كنيدي، بل ان هناك من أشار إلى دور للاستخبارات السوفياتية سابقاً K.G.B وذلك في أعقاب موقف كنيدي الحازم إبان أزمة الصواريخ السوفيتية في كوبا في الستينيات الميلادية, أما الرواية الرسمية فقد أصرت على أن القاتل الحقيقي المفترض! واسمه اوزوالد قد تصرف بطريقة فردية ولأسباب عللت ايديولوجياً شيوعياً ومع ذلك فهذه الرواية قد أغفلت تفسير لغز! كون اوزوالد وزوجته، الأوكرانية الأصل، يدينان باليهودية, بل ولم توضح هذه الرواية الرسمية كيف استطاع جاك روبي أن يقتل أوزوالد نهاراً جهاراً وحينما كان في حوزة الشرطة؟ وبالمناسبة، جاك روبي هذا يهودي هو ذاته!! وقد مات في السجن في ظل ظروف غامضة.
وكما قلت سابقاً، ثمة العديد من الحوادث التي وقعت في الدول الغربية ولفها الغموض المتعمد فدفنت به! إلى الدرجة التي صرفت الأنظار عنها: كموت الممثلة المشهورة مارلين مونرو، وحادثة اغراق السفينة الحربية الأمريكية ليبرتي وقتل جميع بحارتها على يد القوات الصهيونية في حرب 1967 الميلادية، واغتيال داعية الحقوق المدنية للأفارقة الأمريكيين القس مارتن لوثر كنج ، واغتيال الداعية المسلم الأسود مالكوم اكس ، والمناضل الأمريكي من أصل فلسطيني: أليكس عودة، والفلسطيني الآخر الداعية الدكتور اسماعيل فاروقي، وقائد فرقة الخنافس المشهورة جون لينين ، وأخيراً، وليس آخراً، موت ديانا سبنسر وخطيبها في حادث السيارة المشهور، وغيرها الكثير الكثير.
أعيد نفس السؤال مرة أخرى: كيف ولماذا يحدث مثل هذا التلاعب المعلوماتي والتجهيل المقصود في دول تعتبر النمط المثالي للمجتمعات الديموقراطية؟! هل يا ترى أنها الحرية المتناهية,, أم أنها تعدد وسائل ومصادر الخبر الاعلامي المحتكرة رغم تعددها! من قبل فئة فاعلة اجتماعياً واقتصادياً وسياسيا، ألا وهم اليهود؟,, بل هل هي قوة الخيال الاجتماعي الغربي وسعة آفاقه؟,, أم هل هو طبيعة تنظيم هذه المجتمعات الجماهيرية المنظمة بطريقة قطبية Bipolarity، تعاقدية ، تنافسية، هشة، مفككة، وظيفية، فمنظمة مرة أخرى من خلال الهشاشة هذه؟! ,, هل هو مفهوم الاغتراب Alienation النفسي/ القيمي/ السلوكي وحسب التحليل الماركسي لطبيعة المجتمعات الرأسمالية، كالمجتمع الأمريكي؟,, أم هل هو نظام نخبة القوة Power Elite المسيطرة وحسب منهج بعض المدارس السوسيولوجية الحديثة الباحثة في كنه الصراع الاجتماعي؟
شخصياً أعتقد أن السبب يتمثل في كل الأسباب المذكورة آنفاً والتي يختزلها قولنا الدارج: ما زاد عن حده، انقلب إلى ضده : فكما ان سياسة التعتيم الإعلامي على حدث ما يفتح مجال التخبط والتقولات والاشاعات حوله، فتهميش الحدث في أذهان العامة، فعدم تصديق المصدر الإعلامي مهما كانت مصداقيته مستقبلاً، فإن سياسة الإغراق الإعلامية عن هذا الحدث وتعدد مصادره يفتح المجال أيضاً للتخبط والتقولات والإشاعات، فتشتيت الأذهان، فتهميش الحدث ذاته، فملل وكلل المتلقي من التعاطي مع ما يخص هذا الحادث مستقبلاً, إنها عملية موجهة ومدروسة ,, إنها نظرية: لاق الصياح بالصياح تسلم! ,, أو اغرق الخبر بالأخبار المتناقضة فتضيع معالمه,,!
للتواصل: ص,ب, 454 رمز 11351 الرياض
|
|
|
|
|