| مقـالات
يبدو أن هناك مسافة شاسعة بين استجلاب التكنولوجيا وبين توطينها، وبداخل هذه المساحة تنحصر خطط التحديث وأساليبه في دول العالم النامية، والمثل المبهج هو ما حدث في مدينة بنقالور الهندية التي تحولت من مدينة هندية فقيرة جنوبي هضبة الكن الى مدينة رائعة تحتوي على ما يربو عن 300 شركة ذات تقنية عالية ولأول مرة ظهرت إحدى هذه الشركات على البورصة الأمريكية ناسداك لقوتها، وأصبحت بانقالور قوة عظمى للتقنية الصناعية في قلب سيلكون بلاتو وأوجدت مئات من المليونيرات ومنحت التقنية العالية الآلاف فرصتهم الأولى على العيش داخل الطبقة المتوسطة, كما ذكرت هذا مجلة التدريب والتقنية في عددها الأخير.
ولنبتدىء بأبسط الأمثلة لدينا في حال اقتنائنا جهازاً جديداً، فما هي نسبة الذين يقرؤون الكتيب المرفق الذي يحوي طريقة التشغيل والحفاظ على الجهاز ليعمر مدة أطول؟! بالتأكيد هي ضئيلة وقد ينحصر تعاملنا مع الجهاز في 10% من طاقته وفاعليته التشغيلية!!
فاذا أراد أحد البنوك أن يدخل الى العصر الحديث وأن يقدم خدمات سريعة وفعّالة لعملائه يكتشف أنه محاط ببحر البيروقراطية التي تعيق هذه الخدمات وتقهقرها الى عصر الصادر والوارد، فالبنك الذي أتعامل وإياه مثلا وعدني بأن تصلني إحدى البطاقات الائتمانية في ظرف خمسة أيام، ولكن سرعان ما تسلل الى هذه الأيام الخمسة بيروقراطية البريد وعدم وجود صندوق بريد يجاور كل بيت، ولا بد من الذهاب الى صندوق البريد ناهيك عن التحقق من المعلومات الذي يتم بطريقة بدائية على الغالب وهكذا امتدت تلك الفترة لتربو على الشهر!!
وهكذا لنا أن نقيس,,, وبالتالي لا بد أن نلاحظ الفرق بين أن تجلب التكنولوجيا لاختصار الوقت والجهد وبين أن تتحول الى أداة لتكريس الروتين، ففي الكثير من الدوائر والمؤسسات الحكومية أدخل الحاسب الآلي في الكثير من الدوائر على حين ان الكادر الوظيفي نفسه لم يستوعب هذا التحديث، فوظف هذا الجهاز لخدمة البيروقراطية العتيدة، بل تحول الى أحد حراسها وسدنتها.
والحاسب الآلي دخل مدارس البنات مثلا من خلال مجهودات ذاتية واشتراك معلمات المدرسة في ثمنه، وعلى الرغم من هذا لأن لجان الامتحانات في الرئاسة العامة لتعليم البنات لا تقبل سوى النتائج المكتوبة والمعدة بمجهود بشري وخط يد بشري,,, هكذا!!
ولعل المسافة الزمنية بيننا وبين أولئك الذين كانوا يبحثون عن الرجال الصغار الذين يتحدثون بداخل الراديو ليست بالبعيدة تماماً، أو تلك السيدة التي كانت تتغطى عن مذيع التلفاز، أو الرجل الذي كان يشخّص بالبشت في حال ظهور سميرة توفيق على شاشة التلفاز!!
***
ردود البريد:
الأستاذ أبو أسامة: شكراً لمتابعاتك واهتمامك، ونصائحك موضوعة في عين الاعتبار.
E - mail:omaimakhamis@yahoo.com
|
|
|
|
|