|
| مقـالات
في احدى مدارس العالم الغربي دخل المعلم ذو البشرة البيضاء فصله فطلب على الفور من الطلاب ذوي البشرة السمراء الذين يجلسون في مقدمة الفصل الرجوع الى الصفوف الاخيرة، أصدر المعلم امره هذا الى تلك الفئة من الطلاب بلهجة حادة خشنة وبوجه عابس غاضب, في حين طلب من التلاميذ ذوي البشرة البيضاء وبكل أدب واحترام التقدم الى الصف الاول, لقد بدا واضحا لكل الطلاب ان معلمهم يتجاهل الطلاب الملونين ويشيح دائما بوجهه عنهم، في الوقت الذي تتهلل اساريره عندما يتوجه بحديثه الى الطلاب البيض, تساءل الطلاب في أنفسهم: لماذا يتصرف معلمهم هذا التصرف المشين؟ انه تصرف مرفوض، بل انه سلوك اصبح في ذمة التاريخ, لم يطل اندهاش الطلاب، فقد عاد المعلم وطلب من كل التلاميذ بوجه باسم وبكل احترام للجميع العودة الى مقاعدهم الاصلية، واخبرهم أن موضوع درسهم اليوم هو التمييز العنصري الذي ساد في بلادهم ردحا من الزمن.
ومع ان هذا المعلم يمارس التدريس باعتباره فنا يمكن ان يؤدى عند درجة عالية من الحرفنة والاتقان والابداع الشخصي الذي يبهر المشاهد، الا ان هذا لا ينفي ان العمل التدريسي هو ايضا مجال تخصصي له اصوله البحثية ومنهجيته وادواته العلمية المتفق عليها, التدريس هو صلب العملية التربوية، بل هو قلبها النابض، وفشلنا في تحقيق اهدافنا التعليمية/ التربوية يعود بالدرجة الأولى الى فشل المعلم في تقديم تدريس فاعل ومؤثر.
وكما ان هيئة المواصفات والمقاييس تضع معايير للحد الادنى من الجودة المطلوب توافرها في كل منتج، فإننا معشر التربويين مطالبون بأن نضع معايير واضحة ومعلنة لما يمثل التدريس ذا الجودة النوعية العالية, وفي غياب مثل تلك المعايير فإن الحكم على جودة التدريس يصبح مجرد اجتهادات شخصية يجتهدها أولئك المكلفون بتقييم أداء المعلم, وتقييم اداء المعلم يتم حاليا وفق نموذج معتمد من ديوان الخدمة المدنية، وهو نموذج تقادم عليه الزمن, وأظن أننا في حاجة الى مراجعة محتويات ذلك النموذج لنضمن ان المعايير المتضمنة فيه تتفق وما يحدث من تجديد في الفكر والعمل التربوي كما انها أي المعايير يجب أن تتوافق مع نتائج الدراسات والبحوث الموثقة في مجال التدريس.
E-mail: Alomar20 @ yahoo. com
|
|
|
|
|
