| الفنيــة
** لسنوات طويلة وفنان العرب محمد عبده متمترس في القمة الفنية التي يسعى وراءها كل فنان باجتهاد وكد مضنٍ تارة، وتارة باساليب اخرى في محاورة محمومة للفوز بالزعامة الفنية, ورغم هذا السعي الدؤوب والمحاولات الكثيرة من الفنانين لكسر تضاريس جغرافية الفن وقلب مداراته الفصلية المؤرخة قوافيها بريادة محمد عبده لمجالها، إلا انها باقية كما هي لم تتزحزح عن مكانها, فما هو السر وراء ديمومة هذا الوضع على تلك الحالة؟, وللإجابة على هذا السؤال دعونا نستعرض أولاً هذه الاستراتيجية الذكية التي وضعها محمد عبده كعنوان عريض لتفوقه واعتلائه عرش الطرب طوال السنوات, وهذه الاستراتيجية تمثلت في التصريحات ذات الدلالات الخفية العميقة المغزى وحملت طابع الدهاء والذكاء الشديدين, وحتى لا يكون الكلام إنشائياً دعونا نتحدث عن تلك التصريحات ونبين بذورها التي بذرها فنان العرب ثم ما لبث ان جنى ثمارها فيما بعد فمعاً لنتابع.
كان الراحل طلال مداح رحمه الله معروفاً بمناوراته مع محمد عبده وكثيراً ما ماكان يطلق هذه التصريحات عبر أجهزة الإعلام المختلفة, وأذكر من تلك التصريحات التي أطلقها الراحل بأن المنافسة بينه وبين محمد عبده أصبحت معدومة لأنه حسب قوله اصبح لا يقدر على العطاء, ولذلك اصبح محمد عبده منافسا قويا لعبد المجيد عبد الله وراشد الماجد , وفي ذلك الوقت كان هذا الثنائي عبدالمجيد وراشد في أوج توهجهما.
فأصبح محمد عبده يكثر من إشادته بالماجد متى سنحت المناسبة أو متى ما كان الجو يسمح بذلك وهذه الإشادة الخبيثة الماكرة أججت لظى المنافسة بين الماجد وعبدالمجيد بدرجة كبيرة وخاصة بعد ذلك التعاون الذي جمع بين محمد عبده والماجد في احدى الاغاني الوطنية، وتجلت حمى المنافسة حين طرح عبدالمجيد عبدالله البومه غالي في العام الماضي فما كان من راشد الماجد الاّ ان طرح البومه علي مين تلعبها بعد اقل من اسبوعين من طرح البوم غالي , فمحمد عبده اجج نار المنافسة بينهما وخرج من هذه المعمعة بنقاط الظفر ليعادل من جديد ميزان القوى لصالحه بعد ان ضرب عبدالمجيد والماجد ببعضهما وحصر التنافس بينهما ثم عاد للاسترخاء على اريكة القمة مجدداً.
محمد عبده ياسادة لاعب متمرس في لعبة الشطرنج يحرك قطعها بمهارة وذكاء ويضرب هذا ثم يبقى في الآخر وحيداً متسيداً للساحة بلا منازع ولا منافس.
ثم عاد ليكرر نفس الشريط عندما لقب عبدالمجيد بعصفور الفن ليخلع بذات الذكاء بعيد النظر اللقب الذي أطلقته جماهير عبدالمجيد عليه أمير الطرب ومجرداً في ذات الوقت الماجد من نياشينه التي انعم عليه بها من خلال تصريحه السابق الذي اطلقه عليه, وليترجل الفارس مرة اخرى من على صهوة الفرس الدون كيشوتي مؤذناً بانتهاء اللعبة وعودة الأمور إلى نصابها الصحيح.
ونعود ثانية لتصريحه الذي قال فيه: انا عائد لترتيب الساحة الفنية وهذا التصريح رغم ابهامه المتعمد من محمد عبده لكننا نرى بين جنباته عزمه الأكيد من خلال حملة التطهير المعنوية والمادية التي انتهجها والتي تبينت بكل عنفوانها في هذه السنة متمثلة في هذا النشاط الكبير والعطاء الثر بدأها من جدة ثم ابها (داخلياً) والقاهرة، لندن، الكويت، دبي، الدوحة، كان، المغرب، جنيف، واشنطن وباريس, هذا الكم الهائل من الحفلات التي احياها فنان العرب اكدت على مقولته انا عائد لترتيب الساحة الفنية كما ان هذا التواصل المتعمد أكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن هذه الخطوات كانت تتم بدراسة متأنية لأروقة الفن وهذه الدراسة شملت حالة المد والجذر التي أثرت على شطآن المحيط الغنائي سلباً أم ايجاباً ثم التحرك بقوة لإنقاذ العوالق النشازية التي بدت تنخر في تلكم الشطآن.
كما لايفوتني ان أذكر الكلمات التي قالها محمد عبده في حق الفنانة إحلام حينما ذكر بانها فنانة الخليج الأولى , فهل فعلاً كان يقصد هذه المقولة ,, ؟
ام كان يعني بها شيئا آخر لا نعلمه الان؟ والى حين تتضح تلك الرؤية لا يسعنا إلاّ الترقب لدهشة قادمة هي بمثابة موعد لحل تلك الشفرة.
ولمزيد من الإبهام صرح محمد عبده مؤخراً قبل عدة أشهر من الان وعقب طرح راشد الفارس لالبومه شموخ قائلاً:
راشد الفارس فارس الاغنية السعودية القادم مما جعل الأنظار تلتفت إليه في لفتة ذكية ودهاء كبير يحمل طلسماً آخر يتمثل حلمه في الاستماع الى ذلك الالبوم!! ليدخل الفارس بعدها طرفاً في المعمعة مع زميليه الماجد وعبد المجيد وليزيد دائرة الحذر والترقب منهما تجاه الفارس مغلقاً دائرة التنافس لثلاثتهم.
ثم كانت المفاجأة الداوية التي فجرها محمد عبده مؤخراً جداً حينما انزل الى الأسواق الالبوم الضجة بنت النور فهذا الالبوم بماحواه من إبداع فائق وأداء راقٍ وخاصة في الأغنية عنوان الالبوم بنت النور اغنية الموسم فهو أي الالبوم يعد طلسماً جديداً يضاف الى الطلاسم السابقة, فلم يتعود الجمهور من محمد عبده ان يطرح أعماله في اكتوبر اي في نهاية الإجازة الصيفية لأن غالبية الفنانين يطرحون اعمالهم في هذا الوقت، ولكنه فاجأهم بهذا الالبوم الأمر الذي يحسبون حسابه فلخبط أوراقهم ولا اعتقد ان هنالك مطرباً سيجازف بطرح عمله هذه الأيام لان في ذلك مخاطرة كبيرة بعد تسيد واضح لبنت النور على الساحة ومن المؤكد بأنهم سينتظرون نهاية هذه العاصفة التي اتوقع بانها ستستمر طويلاً.
في الختام عودة محمد عبده للساحة الفنية أعادت لنا بريق الأمل واصبحنا مطمئنين على ساحتنا الفنية وانها بخير وان المياه عادت الى مجاريها وترتبت الساحة الفنية لتعود إلى وضعها الطبيعي وتزعم بذلك ساحتنا الفنية ليصبح كما كان ولايزال فخراً للطرب الأصيل وحامل مفتاح الريادة,,
دعونا نفتخر بمحمد عبده كفنان سعودي تسلم ريادة الفن العربي سنوات طويلة وماضية وقادمة محمد عبده قالها قبل فترة وغناها,.
ارفع رأسك أنت سعودي,.
تقرير: محمد يحيى القحطاني
|
|
|
|
|