قال في اللسان: الخَرُوف: قيل هو دون الجَذَع، من الضأن خاصة، والأنثى خَرُوفة، وجمعه: أخرِفةّ وخِرفان, واشتقاقه أنه يَخرُف من هاهنا وهاهنا، أي يرتع, وفي حديث المسيح: (إنما أبعثكم كالكِباش، تلتقطون خِرفان بني اسرائيل)، اراد بالكباش: العلماء الكبارَ، وبالخرفان الصغارَ الجهال, ويطلق الخروف أيضاً على ولد الفرس الصغير كالمُهر, والطّلِيُّ: الصغير من أولاد الغنم، وقد تسكَّن اللام, جمعه: طليان، كظَهر وظُهران.
وقال النويري في (نهاية الأرب 10/127): ولد الشاة حين تضعه، ذكراً كان أو أنثى: سَخلة، وبَهمةٌ، فإذا فُصل عن أمه فهو حَمَل، وخروف، فإذا أكل واجتر فهو بَذحٌ، وفُرفُور، فإذا بلغ النزو هو عُمروس، وهو في السنة الثانية: جَذَع، وفي الثالثة: ثَنِيٌّ، وفي الرابعة: رَباعٌ، وفي الخامسة: سَديس، وفي السادسة: بالغٌ، وليس له بعد هذا اسم.
* ومما جاء في خروف هزيل قول أحد الشعراء مداعباً: (نهاية الأرب 10/130 131):
ليت شعري عن الخروف الهزيلِ
ألك الذنب فيه أم للوكيل
لم أجد فيه غير جلدٍ وعظم
وذُنيبٍ له دقيق طويل
ما أُراني أراه يصلح إذ أص
بَحَ رسماً على رسوم الطلول
لا لشيء ولا لطبخ ولابي
عٍ، ولا برِّ صاحبٍ وخليل
أعجفٌ، لو مُطفِّلٌ نال منه
لغدا تائباً عن التطفيل
(المطِفّل: الطفيلي), وقال شرف الدين بن عَين، وقد أهدى له بعضُ أصدقائه خروفاً بعد أن ماطله به:
أتاني خروف ما تشككت أنه
حليفُ جوىً قد شفّه الهجرُ والعَطلُ
إذا قام في شمس الظهيرة خلتَه
خيالا سرىَ في ظلمة ماله ظل
فناشدته: ما تشتهي؟ قال: فتَّةً
وقاسمتُه: ما شفّهُ؟ قال لي: الأكل
فاحضرتُها خضراء مجّاجةَ الثرى
منعَّمةً ما خص أطرافها فَتل
وظل يراعيها بعين ضعيفة
ويُنشدها والدمع في الخدّ منهلُّ:
(أتت وحياضُ الموت بيني وبينها
وجادت بوصلٍ حين لاينفع الوصل)
ومن نفل القول الإشارة إلى اعتماد الشاعرين على الدعابة وإثارة الضحك وتحقيق قدر من الفكاهة، وتلحظ التضمين في البيت الأخير من المقطوعة الثانية، وهكذا كان يفعل إسماعيل الحمدوني ايضا في طيلسانياته، وفي شاة سعيد.
* وفي العصر الحديث كتب الشاعر المصري محمد الأسمر إلى صديقه عبدالحميد فهمي مرسي (الحرس الوطني/ ذو الحجة/ 1420ه) يطلب منه خروفا يتمظهر به في عيد الأضحى، فقال:
عبدَ الحميد، وانت معوان إذا
هزَّ الخدينُ حبالَ وُدّ خدينهِ
إن كان ذو القرنين عندك حاضراً
فابعث به لنرى ضياء جبينه
ولكي يجاوب لويمأمئ مثله
في بيت جاري مأ مآتِ قرينه
وليعلم الجيران أجمع أنني
إن جاء عيدٌ لم أضق بشؤونه
ولكي يراه من أساء ظنونه
بدراهمي، فأنال حسن ظنونه
وليطمئن الدائنون، ويعلموا
أني امرؤ يقضي جميع ديونه
ويطمئنه على هذا الخروف بأنه لن يذبحه، أو يعرّضه لأي أذى، بل سيكتفي بالتمظهر به أمام الجيران.
فأنا الأمين عليه وهو بمنزلي
من كل جزّار، ومن سكينه
يمسي ويصبح وهو عندي آمنٌ
من فلفل الطاهي، ومن كمّونه
فابعث به عبدالحميد، فإنه
شيء يرد إليكمُ في حينه
لسنا نميل إلى نعاجك، بل إلى
كبش لك التفويض في تعيينه
ولكن عبدالحميد لم يرسل الخروف للأسمر، بل أوعز إلى صديقه الأستاذ عبدالعزيز سلطان أن يرسل من الريف اربعة خراف، توزع بالسوية على عبدالحميد والأسمر، والشاعرين: علي الجندي، ومحمد عبدالغني حسن، ووصلت هذه الخراف متعبةً، قد أخذ منها الإعياء، فاستنكرها شاعرنا الأسمر وقال فيها:
ويح عبدالعزيز ارسل هرّاتٍ
إلينا، وقال عنها: خرافُ
لم تمأمىء، بل نونوت فضحكنا
ثم قلنا: ما ذلك الإسراف,؟
أهدايا؟ أم تلك بعض الرزايا؟
ربِّ سلٌم، ونجِّ مما نخاف
أربعٌ أقبلت، فقلت: خراف
ما تراه العيون أم أطياف؟
كان منها لنا خروف عجيب
هو من فرط ضعفه شفّاف
لاح كالوهم بل هو الوهم يمشي
لا خروف جاءت به الأرياف
هو بين الكباش كبش صناعيٌّ
وزيفٌ أدَقّه الزياف
أول ما يواجهك في هذا النص وأشباهه، البساطة في التعبير، والإيغال في رسم الصورة بشكل فكهٍ مضحك، لا يثير بغضاً، ولا يترتب عليه قطيعة، وهكذا كان يفعل الشعراء المعاصرون كشاعرنا الأسمر، وذلك كشعر شوقي في صديقه محجوب ثابت، وكذلك اشتهر في هذا الميدان مصطفى حمام، ومحمد الماحي، والعوضي الوكيل، وهذا الشاعر الأخير كان لنا به لقاء في إحدى زياراته للمدينة المنورة، أيام اسرة الوادي المبارك، وقد كتبت منه جملة من أشعاره الفكهة ماتزال في حوزتي إلى الآن.