أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 7th October,2000العدد:10236الطبعةالاولـيالسبت 10 ,رجب 1421

مقـالات

كل سبت
تكريم المرأة بين الماضي والحاضر
عبدالله الصالح الرشيد
هي مشاعر صادقة فياضة نابعة من القلب تعطي المثل الحي عن الوفاء والتكريم والمحبة,, وأين هي؟
سنجدها في هذه الأبيات التي مدح بها الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما زوجته الرباب بنت امرئ القيس بن عدي وابنتهما سكينة بقوله:


لعمرك إنني لأحب داراً
تكون بها سكينة والرباب
أحبهما وأبذل كل ما لي
وليس لعاتب عندي عتاب
فلست لهم وإن غابوا مضيعاً
حياتي أو يغيبني التراب

بعد قراءة هذه الأبيات المعبرة والكثير من أمثالها في موضوعها ومعناها قلت في نفسي ليت بعض الذين لا زالوا يفرضون ساديتهم على المرأة وينتفخون وينتفشون أمامها كالطاووس ويحاولون بكل ما يملكون من قدرة وتسلط على تهميشها والتحجير على إرادتها وهضم حقوقها ويعتبرون ذلك كله مقياس رجولة وفحولة ومصدر فخر واعتزاز وكمال لهم,, ليتهم يتجردون ولو للحظة واحدة من أنانيتهم وعنترياتهم وثقتهم المفرطة بأنفسهم ويعودون إلى المنبع الأصيل العذب الزلال الذي لا تشوبه شائبة تغطرس وصلف وتعال,, نعم يعودون إلى عصر الإسلام النضر الزاهر في القرن الأول عندما كانت المرأة تجد التقدير والتكريم وتحتل المكانة المرموقة اللائقة في حياة السلف الصالح رضوان الله عليهم اقتداء بالسنّة المطهرة الغراء التي أعطت المرأة كامل حقوقها الدينية والدنيوية وباركت جهودها وجهادها في ساحة العلم والعمل وكانت في عصرهم بحق قولا وعملا شقائق الرجال ، شاركن في الفتوحات والغزوات في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعده, وقمن برواية أكثر من أربعة آلاف حديث نبوي شريف.
لقد كان الأوائل من الصحابة الأخيار والتابعين والسلف الصالح عموما يرون في المرأة السعادة الحقة، وفي كنفها الملاذ الآمن, لا يحتقرونها ولا يبخسون حقا من حقوقها، بل كانوا يعتزون ويطالبون بأن تحتل المكانة اللائقة بها مستنيرين ومسترشدين بتوجيه الهادي البشير الأمين وخاتم الأنبياء والمرسلين الذي ربط خيرية الرجل وكررها بخيريته لأهله، فقال وهو الذي لا ينطق عن الهوى خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي كما رفع شأن المرأة في مجال العلم والعمل والفتوى فقال عن واحدة منهن كقدوة ومثال خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء ,, يقصد بها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ,, وعن العلم قال طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة , وعن عمل الرجل في بيته: فقد سئلت عائشة: عما كان يعمله الرسول القدوة عليه الصلاة والسلام في بيته، قالت: كان في مهنة أهله حتى يخرج إلى الصلاة أي أنه صلى الله عليه وسلم كان يعاونهن ويعمل معهن, وكثيرا ما يساعد أزواجه في أعمال المنزل، فكان يحلب الشاة بيده الكريمة، ويرقع ملابسه بنفسه، ويصلح نعله، وكان يقوم في بعض الأحيان بتنظيف داره كما كان يعني بناقته وكان إلى جانب ذلك كله يقدر كل شيء حق قدره ولم تسمع منه كلمة ذم مرة واحدة لرأي أو عمل ,, وأين ذلك من عهدنا الحاضر حيث يوجد من عتب على صديقه عندما أعلن بالصحيفة عن وفاة والدته فذكرها بالاسم وكأن ذكر اسم المرأة نكرة أو عيبا في نظره القاصر , وكان الصحابة رضوان الله عليهم ومن تبعهم يثنون ويمدحون أمهاتهم وزوجاتهم وبناتهم ويشيدون بفضائلهن في كل مناسبة ويذكرونهن بأسمائهن الصريحة ويقفون بجانبهن داخل المنزل وخارجه,, وكل هذا وغيره يعطي المثل الحي الصادق عن الوفاء والتكريم والتقدير ,, وفي الحديث الشريف خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم إلى آخر الحديث ,, ولكن في عصرنا هذا وخاصة في بعض المجتمعات يصاب الإنسان العاقل المنصف الحصيف بالألم والحزن وهو يعرج على ردهات بعض المحاكم ولو بطريق الصدقة ويرى بأم عينيه صور التسلط والكبت والحرمان الناتج من تبعات الطلاق القسري من القلة الشاذة تجاه المرأة المغلوبة على أمرها، حيث الرجل وحده يزمجر بأعلى صوته هناك والمرأة خانعة مستسلمة لا تنبس ببنت شفة نتيجة الكبت والظلم الطاغي , وكأنه حرام عليها أن ترفع صوتها, وفي المجتمع، وخاصة في بعض المجالس أو في المناسبات، عندما يأتي ذكر حقوق المرأة أو المطالبة بتكريم المرأة أو إنصاف المرأة تجد البعض من الفئة المتحجرة أو المتسلطة أسيرة التقاليد الجائرة المجحفة يفز كالملدوغ أو المرعوب مستنكرا أو مستكثرا ومستغربا أن للمرأة حقوقاً يجب أن تنالها ومكانة يجب أن تحتلها، ويبدأ بدلا من ذلك بذكر عيوبها ونواقصها وكأنه وحده كامل الأوصاف المنزه من العيوب والأخطاء، ناسيا أو متناسيا أو جاهلا قول الله سبحانه وتعالى في حق المرأة وكما جاء في محكم التنزيل : ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وقوله تعالى : وعاشروهن بالمعروف وقوله عليه الصلاة والسلام النساء شقائق الرجال والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة,, والمرأة بصفة عامة هي الأم والبنت والزوجة والأخت والإنسانة,, والقرآن والسنّة قد فصّلا البر بها والعطف عليها وتكريمها واحترام مشاعرها وحقوقها ,, ولكن مع هذه الشرذمة المتخلفة العاقة والحاقدة لا مجال لبسط العبر لأنه لا مكان للاعتبار أو كما جاء في الآية الكريمة (,,, أم على قلوبٍ أقفاُلها).
أما تهميش المرأة وسلب حقوقها، والاستهانة بمشاعرها وتحطيم رغباتها، والوقوف في طريقها، فهي أمور يعجز القلم عن الإحاطة بها مهما كان الشرح والإفاضة، ولكن لنا أن نأتي بإلمامة بسيطة ورؤوس أقلام من الواقع المعاش في سجل حياتها وهمومها,, فهي كثيرا ما تجبر وتقسر على الزواج ممن لا ترغب ولا تحب وإذا اعترضت أو امتنعت فمصيرها العنوسة والبقاء في المنزل بقية عمرها تحت مظلة من لا يحترم مشاعرها وإنسانيتها ويسومها ذل الهوان,.
وهناك من يزوجها ويتركها تحت رحمة زوج أرعن يقلب حياتها جحيما لا يطاق، أو يطلقها أو يهجرها مع اطفالها بدون رعاية أو نفقة، أو يكون من فئة الأزواج الذين يكثرون السفر أو يألفون السهر طوال الليل خارج المنزل,, أما شرذمة من الأزواج فهم يحرصون على الزواج من عاملة أو معلمة وقد أضمر الشر لسلب حقوقها وابتزازها ماديا مستغلا ضعفها وحياءها وأنها لا تستطيع رفع صوتها في مجتمع مع الأسف لا زالت بعض العادات والتقاليد المجحفة فيه تقوي شوكة الرجل ضد المرأة,.
للحديث صلة
للتواصل فاكس:4786864

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved