| مقـالات
بلغت الآمال الاسرائيلية بقبول السلطة الفلسطينية مواصفات السلام التي تريدها نهايتها، واتضح لدى زعماء اسرائيل أن المفاوضين الفلسطينيين لن يقبلوا بغير الحد الأدنى من الحقوق، وأن الأمل في ليونتهم وقبولهم لثوب السلام الاسرائيلي الذي تم تفصيله على المقاس الاسرائيلي لا الفلسطيني بات ذلك أمراً في خانة المستحيل! وحين انتهى التعداد الزمني للصبر الاسرائيلي، قام عاقر ناقة صالح شارون بقيادة سريته العسكرية التي حماها وعبأ رصاصها وباركها باراك باقتحام المسجد الأقصى واستفزاز المصلين والعالم الإسلامي قريبه وبعيده، أدناه وأقصاه، وقبل هذا الاقتحام وبعده كانت الخطة لاقتحام المدن والبلدات الفلسطينية جاهزة لتطويق المدن والقرى الفلسطينية، وضرب مواقع الشرطة واحتلال هذه المدن لاحقا إن تطلب الوضع ذلك!
العسكريون الحمقى قتلة الأطفال في اسرائيل هدموا بهذا الانفعال جهود السياسيين الذين ظلوا طيلة العشر السنوات الماضية يدأبون لتقريب وجهات النظر وتوطين السلام، ثم فجأة يهدمون كل ذلك عبر المدرعات على الأرض والطائرات المروحية التي ظلت الأنباء طيلة الأسابيع الماضية تنقل أخبار صفقاتها مع أمريكا بمئات الملايين من الدولارات تمهيداً لاستعادة المدن التي حررتها السلطة عبر المفاوضات!
إسرائيل، عجزت طيلة العقود الماضية عن تأسيس حكم مدني تخضع له الضفة الغربية، وتفاقم الكره الفلسطيني للاحتلال الاسرائيلي فولّد انتفاضة الحجارة، وأصبح من المستحيل بقاء الشرطة الاسرائيلية داخل الأحياء والشوارع الفلسطينية، فكان مشروع السلام، ودخول السلطة الفلسطينية، وبداية المفاوضات التي أنهتها عملياً مجزرة الأقصى، لتعود المنطقة إلى الصفر، ويعود التاريخ، وتعود الحالة إلى وضع أسوأ من قبل، لا اسرائيل قادرة على تطبيق حكم مدني يخضع له الفلسطينيون، ولا هي تاركة الفلسطينيين يقررون حكمهم ويقيمون دولتهم، بل إن هذا الهجوم الاستفزازي الجاري الذي قامت به اسرائيل هو استباق على مشروع إعلان الدولة الفلسطينية، فاستعادة احتلال المدن الفلسطينية الآن أهون عليها معنوياً من القول بأنها احتلت الدولة الفلسطينية! حماقة اسرائيل سترتد عليها، وسينقلب السحر على الساحر، وسيأخذ المرابطون الفلسطينيون زمام المبادرة، وحرية الرد، وأحقية أخذ الحق بنفس قوة اليد التي تريد استلابه وتغييبه، ثبت أن المفاوضات عبث، وأن اسرائيل تريد الاستسلام لا السلام، والخضوع لا الرفعة، والذل لا العزة، وما عرفت أن العربي المسلم ما قبل يوماً الدنية في دينه ولا وطنه ولا عرضه ولا كرامته، وسيكتشف الساسة الاسرائيليون أنهم ارتكبوا حماقة عام ألفين حين زعزعوا مشروع السلطة الفلسطينية الذي ظل في مفاوضات مستمرة معهم! أما عسكريو اسرائيل فسيكتوون أولاً بالنار التي أوقدوها وسيعلمون حين ينالهم لهبها أنهم قد لعبوا لعبة الموت!
أما العالم المتحضر الذي يطالب الطرفين بضبط النفس وعدم استفزاز طرف للآخر! فهو عالم ميئوس من عدالته وإنصافه! إذ كيف يضع الظالم والمظلوم والقاتل والمقتول واللص ومالك الأرض في كفة ميزان واحد! وهو يرى شعباً تنتهك حرمات مساجده، وتحتل أرضه وتهاجم مدنه بالطائرات والدبابات وتسفك دماء أطفاله ونسائه وهو لا يملك من الأسلحة إلا أيدي تقذف بالحجارة!
ثم يقال له ولجزاره عليكما بضبط النفس وإيقاف الاستفزازات؟ إنه عالم قد غاب منطق الحق فيه ومهما أيقظناه لنصرتنا فلن ينصرنا أبداً، ولكن دعونا نعود إلى ناصرنا الحقيقي إلى خالقنا العظيم الذي كفل لنا النصر إن نصرناه: إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم فانصروا الله بمقاومة المستوطن اليهود، فلقد تحررنا من استيطان عسكري أقوى منه خلال عصرنا الحديث، وآن لنا أن نتحرر من قبضة المستعمر اليهودي الجاثم كابوساً على أرضنا!
عبد الكريم بن صالح الطويان
|
|
|
|
|