أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 5th October,2000العدد:10234الطبعةالاولـيالخميس 8 ,رجب 1421

مقـالات

نوافذ
السقوط,.
أميمة الخميس
ما هو عمر هذا السقوط؟ وكم سقوط سيستغرقه هذا السقوط؟ منذ سقوط بغداد على يد التتار وجريان دجلة بالأحمر، مروراً بسقوط دولة بني الأحمر في غرناطة، وصولاً إلى سقوط الطفل محمد الدرة في حضن والده محنطاً بدمائه؟؟ هل قدر هذه الأمة أن تسلب شبكية أعينها وتستبدل باللون الأحمر فلا ترى سواه؟؟
ولماذا منظر محمد الدرة فقط تدخل به هذه الأمة قرنها الجديد؟؟ إلا أنه يشبه الحقيقة أو لأن جسده الصغير الشهيد قد أخبرنا الفرق بين الشهداء الأحياء والأحياء الذين يعيشون في أردية الجثث المتعفنة منذ زمن السقوط الأول، وقف العالم أجمعه أمام هيبة الظلم ونصاعة أنيابه، الرئيس الأمريكي نسي لدقائق تحالفاته والانتخابات واللوبي الصهيوني، وأطل برأسه بحذر وقال: إنه منظر يكسر القلب!!! بينما المؤسسة الأمريكية القوية المتماسكة والتي تحرص على طبيعة تحالفاتها في المنطقة، كانت ترفض في اجتماع للأمم المتحدة أن تصدر قراراً قاسياً ضد اسرائيل في ذلك الحين فلا يهمها آراء رئيس في أشهره الأخيرة؟!
اثنا عشر عاماً هو عمر الانتفاضة وما برحت تغرف من ذلك النبع الذي يتدفق بماء الشهادة مهما حاولوا أن يسمموه بورق المفاوضات وحبر التعهدات، وها هي الأجساد ابتدأت تصطف مكونة جسراً خالداً باتجاه الأقصى إلى ليلة البارحة كانوا ستين!! ولا أدري عن حصاد المروحيات الصهيونية طوال الليل.
احدى الصحف الألمانية قالت معلقة سيصبح لهذا القرن رائحة نتنة لأنه اشرع قرنه الجديد على صورة هذا الطفل الذي يسلم الروح بين يدي والده!!؟؟
ولعل هذا يعيد المفاوضات جميعها إلى نقطة البداية، إلى الواقع الذي تتبجح فيه الآلية العسكرية الصهيونية، أمام اللحم العربي الحر والنابض والأعزل والذي يصنع ستاراً يحمي الجثث من رؤية سونتها!! الدماء هناك تتحول إلى سائل كبريتي فائر يندلق على طاولة المفاوضات فيذيبها، على ماذا يتفاوض المتفاوضون؟؟ الرصاصة هي أحذق الجميع في الترجمة ولمن نسوق لغتنا المتلعثمة القاصرة، وكل أم عربية حتماً ستذكر صورة محمد الدرة عندما تغطي أبناءها وتقبّلهم قبلة المساء!!
عندما طلب من أحد السياسيين الغربيين أن يعطي برأيه حول مدينة القدس قال: هي مدينة يتحارب فيها الأنبياء، وما برحوا يتحاربون!! هذا هو الدم البارد المتجلد الذي نرفع إليه وجوهنا وأطراف خدودنا طمعاً بحل، وطلباً لشارع أخير بالقرب من مدينة الأنبياء.
لا لون لليوم ولا طعم له يبدو أن الألوان المتعددة للحياة قد اختفت وتوارت بانتظار أن تبرق بين يدي ناس يستحقونها، ونحن لا نملك سوى هذا المربع الفضي الذي يقصف فوق وجوهنا سقوطنا الكبير ومن ثم لا يلبث إلا أن يغادر.
e - mail: omaima Khamis @ yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved